في الليالي الاحتفالية المبهجة تعجز الكلمات، وتقصر مفردات اللغة عن وصف المشاعر التي يغرد بها الوجدان فرحاً وسروراً، غير أن الله سبحانه وتعالى ضاعف جزاء العرفان وأعلى منزلة الوفاء حتى صار في ذاته عملاً مبروراً وإن لم يستطع التعبير أن يبرز حقيقته ودرجته. وليلة الاحتفال بجائزة ماضي الهاجري للتميز في دورتها الأولى في قاعة سيف بالخبر كانت ليلة سعيدة بكل معنى الكلمة، فالمناسبة في حد ذاتها مبادرة كريمة للاحتفاء بالمتميزين، والجمع الحاضر غشيته سحابة المعرفة فتلاقحت أفكار الحاضرين من مختلف مناطق المملكة ومن دول قطر ومملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت في مظهر ثقافي فريد الملامح، كرم فيه التميز بالعلم والمعرفة والخدمة الوطنية الحقة. لا ريب أن فرحة إتمام العمل لا تعدلها فرحة، والشهادات والجوائز وسائر أنواع التكريم ليست سوى دليل مادي على تفوق معنوي، والإنسان - أي إنسان - مجبول بفطرته على الفرح برؤية الثمار وقد أينعت وبان نضجها، وما أسعد الإنسان حين يرى ثمرة عمله تكبر وتنضج أمام عينيه فيتلقاها الآخرون بالثناء والدعاء والتكريم. ولذا فإن مواسم التكريم تظل مشهودة وتبقى لحظاتها ذكرى طيبة في نفوس الجميع، والذكرى في النفوس كالجذور في الأشجار تمتد وتنبت وتثمر. الشيخ ماضي الهاجري رجل أعمال يتميز بخلق رفيع وتواضع جم بذل من جهده وماله تقديراً للنبوغ والاكتساب المعرفي، وتثميناً للسعي الدؤوب في تحصيله، فأنشأ جائزته للتميز داخل هذا الإطار، فهو من الرجال القلائل الذين لديهم موهبة استثمار القدرات والكوامن البشرية وحفزها لتواصل عطاءها، وتشجيع المبادرات، كالديمة المحملة بالخير إن لم ينلك مطرها لم تحرم ظلها، يتتبع مواقع القطر ليستقي منها ويسقي غيره من فوائدها. في حفل جائزة ماضي الهاجري للتميز تصافحت القلوب في رحابة المعرفة والثقافة مغردة بأعذب أناشيد التواصل الإنساني المحمود، ومجسدةً الحس الوطني الحقيقي الذي يثمر تشجيع التميز العلمي والثقافي وتكريم المتميزين في خدمة وطنهم، ومن المفرح حقاً أن نجد مثل هذه الجائزة ينهض بفكرتها ويدعمها القطاع الخاص، فهناك جائزة الجميح وجائزة العنقري وجائزة الهزاني وغيرها من الجوائز المخصصة لتشجيع التميز في العلم والثقافة والخدمة الوطنية، مما يؤكد بجلاء التلاحم الحقيقي بين قيادة هذا الوطن ورجاله من أجل النهوض بهذه البلاد وتنمية قدراتها البشرية وتشجيعها للتميز والإبداع. اللقاءات الجميلة على هامش حفل الجائزة بين مثقفين وكبار مسؤولين من المملكة والكويت والبحرين والإمارات وقطر أكدت متانة اللحمة التي تجمع أبناء دول الخليج العربي، والروابط القوية التي تربطهم جميعاً برباطها، وهو أمر مفرح حقاً. من المؤكد أن الجوائز ليست في حد ذاتها هدفاً وغاية، ولكن العقلاء يجمعون على أن هذه الجوائز بأجوائها الاحتفالية المهيبة وحضورها المتميز معينة على تنشيط الحراك الثقافي وتنمية الحس الوطني من أيسر السبل وأقواها أثراً، وحفز الناشئة على الحراك والتميز، ولذا فنحن ندعو إلى تكثيرها وإلى تشجيعها ودعمها.. وبالله التوفيق. * عضو الجمعية العلمية السعودية للدراسات الدعوية جائزة ماضي الهاجري قراءة في المضمون والأثر!