أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد المسلمين بتقوى الله عزوجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه داعياً إلى عدم استغلال موسم الحج في أغراض غير شرعية ومحذراً في ذات الوقت من تسييس الحج واتباع الهوى في زعزعة لُحمة المسلمين. وقال في خطبة الجمعة أمس في المسجد الحرام إنه مهما تنوعت سبل الاتصال وتعددت وسائل التعاون وتزايدت عوامل التأثير فإن رابطة الإسلام لا يعادلها رابطة وأخوة الدين لا يماثلها أخوة، ومشهد الحج العظيم ومنافعه المشهودة تجسد هذه الأخوة وتبرز معالم الوحدة الاسلامية في المظهر والمخبر وفي اللباس والشعائر ووحدة الصف والهدف وشعار التوحيد لفظا وعقيدة وتهليلا وتكبيرا وتلبية وتنزيها. وبين الشيخ ابن حميد ان الحديث عن مظاهرة الوحدة والشعائر والمشاعر التي ترسخ هذه الرابطة تؤكد هذه الأخوة حديث ذو شجون وخير ذو شعب والمسلمون من جميع أنحاء الدنيا حين يتوجهون إلى هذه الديار المقدسة يتمثلون وحدتهم الجامعة ويتطلعون إلى العمل الصالح والى ذكر لله وشكره وحسن عبادته، ويجسدون أخوتهم الايمانية ويتناسون خلافاتهم ويتركون اهتماماتهم في شؤون دنياهم ليتفرغوا للعبادة ويستغلوا ثمين أوقاتهم لتحصيل فضل هذه البقاع المقدسة وبركات الحرمين الشريفين. وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام انه يجب إبعاد الحج عن أي مشوش على مظهر الوحدة ومعكر على الغايات السامية من ذكر لله والتزود من البر والتقوى مشيراً إلى انه من حق أخوة الإسلام اجتناب أي صورة من صور الفوضى والبلبلة تحت أي دعوة واستنكار أي محاولات للتشويش والمهاترات. وقال إن المسلمين عموماً وحجاج بيت الله خصوصاً يعلمون أن هذا تشويش القصد منه يقود إلى الإنشقاق والفرقة بين المسلمين كما يُلهي الحجاج وهم يؤدون مناسكهم، مؤكداً انه لا يمكن أن يحول الحج إلى منابر سياسية تتصارع فيها الأفكار والأحزاب والطوائف والمذاهب وأنظمة الحكم مما يعني الانحراف الخطير والانجراف المدمر عن أهداف الحج وغايته الاساسية. وبين الشيخ صالح بن حميد أن الحج والديار المقدسة ليست ميدانا للخلافات وتصفية الخصومات وإنما هو فوق الخصومات السياسية والعصبيات المذهبية مشيراً إلى أن الإقدام على مثل هذا العمل يقود إلى الفتنة والعبث بأمن الحج والحجيج وشق لصف المسلمين وفتح لساحات الجدل العقيم. وقال إمام وخطيب المسجد الحرام أنه لا يقول مسلم بفصل الدين عن الدولة ولا بفصل الدولة عن الدين، ولكن لا يجوز استغلال الدين ومواسم العبادة وتجمعات المسلمين في المشاعر المقدسة لأغراض مسيسة مؤكداً أنه يجب إبعاد الفريضة المقدسة عن مثل هذه الأغراض. وأشار إلى أن الخوض في هذا والانشغال فيه إفساد لمقاصد الحج الايمانية وحرمان ضيوف الرحمن من الأمن والأمان والتفرغ للعبادة واستشعار قدسية الزمان والمكان وافتعال قضايا خلافية تزيد من فرقة الأمة وتشتيتها. وبين الشيخ ابن حميد أن البراءة من الشرك وأهله هي عقيدة لكل مسلم وهي لا ترتبط بمكان ولا زمان وهي عقيدة ثابتة وراسخة في قلب كل مؤمن فلا تغيره لحظة واحدة وهي عقيدة الولاء والبراء بل هي تحقيق معنى شهادة أن لا اله إلا الله وهي ملة الخليلين محمد وإبراهيم عليهما وعلى جميع أنبياء الله السلام. وقال إنها براءة من جميع المشركين وليست براءة انتقائية من دولة أو جهة أو فئة، وهي براءة عند أهل الإسلام لا تتعارض مع تقديم البر والتعامل بالقسط المدلول عليه موضحاً بأن المظاهرات والتجمعات والنداءات من اجل ذلك ليست من دين الله من شيء ولم يقم بها احد من أهل العلم ولم يفعلهُ احد من أهل الإسلام لا سلفاً ولا خلفاً فهي ابتداع بالدين من ما لم يأذن به الله، واضاف" والمسلمون يحجون طوال تاريخهم بشتى مذاهبهم وطوائفهم لم يتكلم احد منهم بمثل هذا فضلا عن أن يدعو إليه أو يمارسه"، وقال" واستغلال جمع الحجيج وتجمعهم لمثل هذه الأغراض لا صلة له بالإسلام بل هو عبث بمشاعر العبادة ومناسك الحج ". وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن من ثوابت المملكة العربية السعودية خدمة الحرمين الشريفين وحمايتهما ورعايتهما أن من سياستها عدم السماح لأي جهة بتعكير صفو الحج والعبث بأمن الحجيج ومحاولة شق الصف الإسلامي لأن هذا يمثل ركيزة ثابتة في السياسة السعودية التي تولي امن الحج الاهمية القصوى. وقال الشيخ ابن حميد أن المملكة لا يمكن أن تسمح بهذا وهي المؤتمنة على ضيوف الرحمن وخدمتهم وعنايتهم وحمايتهم بعون الله كما أنها ملتزمة لذلك ومسؤولة عن إتخاذ كل التدابير الصارمة للحفاظ على امن البلاد وامن الناس والمواطن والمقيم والعاكف والبادي وأمن البلاد وأمن المقدسات فلا تسمح بأي عمل أو تصرف يكدر هذه الأجواء الايمانية أو يضر بالمصالح العامة أو يمس احترام مشاعر المسلمين، وأضاف بأن خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وحكومته ورجال دولته وشعبه يبذلون الغالي والنفيس في خدمة الحرمين الشريفين وخدمة قاصديهما حجاجاً وعماراً وزوارا ًوذلك قربة من الله وشعورا بالمسؤولية وبرهان ذلك ماتقر به عين كل مسلم من الأعمال والخدمات والانجازات من ما يراه ضيوف الرحمن وكل قاصد لهذه الديار المقدسة ولسوف يرون المزيد والمزيد إن شاء الله .. فحمدا لله وشكرا. وأشار إلى أن في ثوابت الدولة السعودية تسخير في إمكانياتها المادية والبشرية ورسم الخطط والبرامج لإعمار الحرمين الشريفين وخدمتهما وخدمة قاصديهما وبذل كل سبيل من اجل راحتهم وأمنهم وهي تطلب من الجميع تقدير ذلك كما تطلب منهم التفرغ للعبادة واستغلال أوقاتهم اياما وساعات ودقائق لينالوا من فضل الحرمين الشريفين وبركتهما لعل الله ان يتقبل منهم ويتجاوز عن سيئاتهم ويمنحهم القبول إلى يوم يلقونه داعياً إلى الالتزام والتعارف والتراحم وان يؤدوا الفريضة على وجهها وتعظيم شعائر الله وحرماته. وأوصى إمام وخطيب المسجد الحرام حجاج بيت الله بالإقبال على حجهم ومناسكهم بقبول مثبت وافئدة خاشعة والالتزام بآداب الإسلام وآداب المشاعر والشعائر وتعظيم حرمات الله والأماكن المقدسة. وحث الشيخ ابن حميد حجاج بيت الله الحرام أن يقدروا ما يتقدم لهم من عناية فإن ذلك كله من اجل راحة ضيوف الرحمن وأمنهم وتهيئة أداء المناسك والعبادة بيسر وطمأنينة وسهوله، محذراً من ما يفسد النسك أو ينقص الثواب أو يذهب بالأجر أو الإلحاد بالحرم وكل مخالفة أو أذى أو شغب ينال المؤمنين أو يمس المتعبدين فهو إلحاد لقوله تعالى: (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم). وأشار إلى ما شوهد من الفئة الضالة والشرذمة المعتدية حاولت النيل من حرم أهل الله بالاعتداء على ديارهم فردهم الله على اعقابهم خاسرين خاسئين بفضل الله ونعمته وتوفيقه بقيادة هذه البلاد في قوتها وعزمها وحكمتها وعدلها وتم بحمد الله ردع المعتدي ودحره. وقال إن المملكة بعون الله لديها من القوه والقدرة ما تردع به المتطاولين وما تحفظ به أمنها وحماية مقدساتها وشعبها والمقيمين على أراضيها وقاصدي الحرمين الشريفين وهي لا تتردد برد العدوان وحماية المقدسات بحزم وقوة وحكمة فحي الله جنودنا ورجالنا وقواتنا وأبناءنا فهم بعد الله الدرع المنيع والسياج الرفيع ضد سهام الغدر والظلم فحفظهم الله وبارك فيهم وسدد رميهم وجعل ما قدموه جهادا في سبيله وابتغاء رضوانه. وأكد على ان منهج هذه البلاد يقوم على مبدأ حب الخير وبذل العون والعدل مع المخالف مع عفة لسان والترفع عن سفاسف الأمور والتجنب عن المهاترات والمزايدات فالحمد لله على نعمه وتقبل الله منا ومنكم حجاج بيت الله واعز الله الإسلام وأهله ورد عنا كيد الكائدين ومكر الماكرين. وفي المسجد النبوي بالمدينة المنورة حذر الشيخ حسين آل الشيخ من استغلال موسم الحج لأذية المسلمين والإضرار بهم مشددا على أن الله جل وعلا جعل بيته حرما آمنا ومكانا مباركا يأمن فيه الإنسان ويطمئن فيه الحيوان فالحج يقوم على مبدأ الأمن والسلام. (ومن دخله كان آمنا) فهو محل أمان ودار سلام وواحة اطمئنان شمل الطير في الهواء والصيد في الماء والنبات في الفلا قال صلى الله عليه وسلم " إن الله حرم هذا البلد يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ..." وقال"الحذر الحذر أن يراد به بالسوء أو أن يقصد فيه بالأذية فالله عز وجل يقول في حق الهم والإرادة السيئة (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم)، ويروى عن الفاروق رضي الله عنه: " لو لقيت فيه قاتل أبي ما مسته يدي " ألا وإن من أعظم واجبات الشريعة في الحج وغيره أذية المسلمين أو الإضرار بهم، ويعظم الجرم إذا كان في أشهر الحج وفي بيت الله الحرام وفي مواطن الشعائر أو في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم". وأضاف أن من أهم مقاصد الحج تحقيق الأخوة الإيمانية واللحمة الإسلامية الأخوة التي تجمع أهل الإسلام على تباعد الأقطار واختلاف الأمصار (إنما المؤمنون إخوة)، إنه الحج الذي يعيش فيه المسلم متحليا بالأخلاق القرآنية والآداب النبوية، الحج الذي يصور فيه المسلم على أرض الواقع السجايا الحميدة والأخلاق النبيلة والمثل العالية استجابة لقول الله جل وعلا(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) ألا فليكن الحج مدرسة لتحقيق هذا الأصل الذي تضمحل معه فوارق الأجناس والألوان والأعراق والعصبيات التي لا اعتبار لها في الإسلام فعيشوا أيها المسلمون حجا تفيض فيه ظلال المحبة والسلام والتعاون والوئام ينعم عليكم ربكم بالرحمة والغفران. وقال إمام وخطيب المسجد النبوي إن الحج يحمل معانٍ سامية وغايات عظيمة ومقاصد كبيرة يرجع أصلها إلى أن يحقق العباد عبادة رب العباد فيوحدوه سبحانه ويفردوه بالعبادة دون من سواه ويحققوا في هذا الحج غاية الحب له سبحانه وكمال الذل له جل شأنه، وفي الحج يلهج الحجاج بشعار التوحيد " لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك لا شريك لك " تلبية يعتقد بها الملبي أن التعلق بغير الله هباء وان الالتجاء إلى غيره ضلال وسدى.