كشف متخصصون في مجال الهندسة المدنية عن أسباب حوادث وانهيارات المباني تحت الإنشاء، وطرق الحد منها باتباع النصائح والإرشادات المقدمة، وحملوا المقاول مسؤوليات للحد من تلك الانهيارات. وقال الدكتور عبدالرحيم بن محمد عرفة الأستاذ المشارك في قسم الهندسة المدنية بجامعة الملك سعود ومستشار الدفاع المدني أن أنواع الحوادث والانهيارات في المباني تحت الإنشاء هي حوادث الشدات (Formworks) أثناء صب الخرسانة وأثناء فك الشدات وحوادث سقوط السقايل (Scaffolds) أو أجزاء منها وحوادث أعمال الحفر ومنها انهيار جوانب الحفريات وانهيار المباني المجاورة للحفريات وسقوط المارة والسيارات في الحفريات وحوادث سقوط العمال أو الأدوات أو مواد البناء من الأسقف. وعن انهيار الشدات أثناء صب الخرسانة وأثناء فك الشدات أكد أنها تعود إلى عدم وجود مهندس مدني من طرف المقاول للإشراف على تنفيذ الشدات لا سيما في حالة الأسقف الأعلى من أربعة أمتار مثل أسقف المساجد والصالات العامة والمعارض التجارية ومحطات البنزين وارتفاع شدات الأنابيب أكثر من الحد المسموح به من قبل الشركة المصنعة وكذلك أخطاء في تنفيذ الشدات مثل استنادها على أرضية رخوة وعدم تدعيم الجانبي لأعمدة الشدات المرتفعة وأخطاء في عملية صب الخرسانة ومنها عدم توزيع الخرسانة على الشدة أثناء الصب وفك الشدات قبل الوقت اللازم لها وضعف في مقاومة الخرسانة وأخطاء في تصميم أو تنفيذ حديد التسليح وعدم وجود مواصفات معتمدة لتصميم الشدات الخشبية والمعدنية. وعن حوادث السقايل قال إن أسبابها عدم وجود مهندس مدني من طرف المقاول للإشراف على تنفيذ السقايل، أو عدم تدعيم السقايل جانبياً وعدم ربطها بالمباني وتحميل السقايل على أرض رخوة أو غير مستوية وارتفاع سقالة الأنابيب أكثر من الحد المسموح به من قبل الشركة المصنعة، وشدة الرياح أثناء تركيب السقايل، وتحريك السقالة أو تغير شكلها أثناء استعمالها، وعدم تثبيت الألواح الخشبية المستخدمة للوقوف على السقالة وعدم توفير حواجز لمنع سقوط العمال من السقالة، وعدم وجود مواصفات معتمدة لتصميم السقايل. أما أسباب الحوادث أثناء أعمال الحفر أشار الدكتور عرفة إلى أنها تعود إلى عدم وجود مهندس مدني من طرف المقاول للاشراف على أعمال الحفر، وعدم وجود دعامات جانبية للحفريات. عدم تدعيم المباني المجاورة للحفريات وانهيار جوانب الحفر نتيجة تكديس مواد البناء بالقرب من الحفريات أو قرب آليات الحفر والنقل من الحفريات، وكذلك سحب المياه الجوفية أثناء أعمال الحفر دون مراعاة أثر ذلك على المباني المجاورة، وعدم وجود حواجز ولوحات تحذير حول الحفريات لمنع سقوط المارة والسيارات فيها، وأضاف أن من أبرز أسباب حوادث سقوط العمال والأدوات والمواد من الأسقف عدم وجود حماية حول الشدات مثل شبكة أو سقالة، وعدم توفير الأدوات اللازمة لمنع سقوط العمال، وعدم وجود لوحات تحذير حول المواقع وعدم توفير ممرات خاصة للمشاة على الأرصفة بالقرب من الموقع. وأضاف الدكتور عرفة أن مسؤوليات المقاول للحد من حوادث انهيار المباني تحت الإنشاء هي: التعاقد مع مهندس مدني سعودي أو مكتب هندسي يتحمل مسؤولية كل ما له علاقة بسلامة المباني، ومراجعة النظام الإنشائي والتصاميم قبل بداية العمل والكشف عن أخطاء التصميم، والتنفيذ حسب التصاميم والمخططات ومواصفات المواد المعتمدة. مراقبة جودة الخرسانة أثناء الصب وتحقيق متطلبات السلامة أثناء صب الخرسانة وتوفير الملابس والمعدات الوقائية للعمال والتأكد من استخدامها بطريقة سليمة. وكذلك إبلاغ المالك والمهندس المشرف في حالة وقوع أخطاء في التنفيذ وإبلاغ الدفاع المدني حالة وقوع أي حادث في الموقع، وتوفير أسوار ولوحات إرشادية حول الموقع لمنع سقوط المارة والسيارات والتأكد من سلامة الرافعات ومضخات الخرسانة وتدعيمها بطريقة سليمة، ودراسة خواص تربة الموقع وتفادي إنشاء الأساسات على تربة مدفونة أو انهيارية، وتدعيم جوانب الحفر بطريقة فنية ولا سيما في الحفر العميقة والضيقة وعدم تكديس المواد والآليات بالقرب من الحفريات، ودراسة حالة المباني المجاورة للموقع وتدعيمها إذا لزم وتوفير شبكة حول الأسقف العالية لحماية العمال والأدوات من السقوط، وعدم فك الشدات قبل الوقت اللازم. التوقف عن العمل على الشدات والسقايل أثناء فترة الرياح الشديدة، وتوفير الإسعافات الأولية في الموقع، وتوفير حراسة مستمرة في الموقع ومنع العامة من الدخول في الموقع والعبث بمحتوياته. والتخلص من مخلفات البناء ولا سيما المواد القابلة للاشتعال. وقال الدكتور عرفة إن هناك توصيات للجهات الحكومية المعنية للحد من حوادث انهيار المباني تحت الإنشاء وهي على النحو التالي: وزارة التجارة والصناعة: عدم تجديد السجلات التجارية للشركات والمؤسسات (لا سيما مقاولي الفلل) ما لم يتم التعاقد مع مهندس مدني سعودي أو مكتب هندسي للقيام بالإشراف على مشاريع المؤسسة وتحمل مسؤولية سلامة المباني، والحد من التستر على العمالة غير النظامية. وزارة الشؤون البلدية والقروية: التأكيد على متابعة أعمال بناء المساجد وصالات الأفراح والمجمعات التجارية ومحطات البنزين، وتطوير برامج مراقبة صناعة الخرسانة في جميع مدن المملكة والاستفادة من تجربة أمانة مدينة الرياض في هذا المجال، وإنشاء قاعدة بيانات لأنواع الحوادث وأسبابها بالتعاون مع الدفاع المدني ونشر الوعي الهندسي ومفاهيم السلامة من خلال برامج تلفزيونية وإذاعية والمقاولات في المجلات والصحف. الهيئة السعودية للمهندسين: تصنيف المهندسين والمكاتب الهندسية والعمل على تأهيل المهندسين من خلال دورات وندوات علمية. المؤسسة العامة للتدريب المهني والفني: تدعيم برامج تدريب العمالة السعودية والوافدة، وإنشاء برامج تأهيل للسعوديين بدرجة "مساعد مهندس" متخصصين في مجال الاشراف ومراقبة الجودة. وزارة العمل: منح رخص العمل ذات العلاقة بالتشييد مثل النجارين والحدادين وغيرهم بحيث تجدد كل سنتين ويطلب من العمال حضور دورات فنية نظرية وعملية بالتعاون مع المؤسسة العامة للتدريب المهني والفني. الدفاع المدني: ضرورة متابعة تطبيق قواعد السلامة الواجب اتباعها في مواقع الإنشاءات وتكليف دوريات لكشف المخالفات وإصدار الغرامات. من جانبه قال الدكتور محمد بن عبدالرؤوف بن حسين الأمين العام للجنة الوطنية لكود البناء السعودي إن انهيار المباني والمنشآت أثناء التنفيذ يعتبر موضوعاً بالغ الأهمية، ويتمثل في سقوط الأسقف والميدات والأعمدة، وقد ترجع الأسباب المؤدية إلى الانهيار إلى: @ عدم وسوء تصميم الشدات الخشبية والحديدية لمقاومة الأحمال الإنشائية، حيث إن معظم المشاريع لا تأخذ في الحسبان الأحمال والقوة التي تؤثر على الشدات الخشبية والحديدية. عدم مطابقة مواد الشدات للمواصفات القياسية، إضافة إلى رداءة الجودة، وخاصة أن معظم المقاولين يستخدمون الشدات الخشبية والمعرضة للانهيار نتيجة زيادة الأحمال عليها. عدم التأكد من القواعد الأرضية للشدات، وغالباً ما تكون هشة وغير صلبة مما يجعل الهيكل الإنشائي للشدات ينهار بسبب التحميل غير المتكافئ. قلة خبرة العمالة، حيث إن معظم العمالة غير مدربة وليست لها دراية في أعمال الشدات. وأكد الدكتور ابن حسين أن هذا الموضوع حظي باهتمام اللجنة الوطنية لكود البناء السعودي حيث يجري العمل حالياً على إصدار لوائح ومتطلبات للهياكل الإنشائية للشدات الخشبية والحديدية تشمل على تحديد التصاميم الملائمة التي تتحمل مختلف هذه العوامل، وكذا التناسب مع مختلف الظروف السائدة في المملكة، كما تعمل على ملافاة أي أسباب تؤدي للانهيار سواء ذلك الناتج عن التصميم أو الاستعمال. وأشار إلى أن اللجنة الوطنية قد حددت منهجية للعمل تحدد الاستفادة من الكودات العالمية والدراسات المحلية والكوادر العربية بناء على معايير علمية تلائم ظروفنا وإمكاناتنا وقيمنا، حيث تقوم بالعمل على إصدار عدد من اللوائح والمتطلبات التي تكفل السلامة وتحافظ على المبنى وقاطنيه بمشيئة الله. ولعل ذلك يظهر أهمية إصدار كود البناء السعودي وملاحقه المتكاملة، وضرورة التزام مختلف الأطراف المعنية فور صدوره.