أنا أريد أن اعرف كيف ولماذا اتخذ قرار القيام بعملية "الرصاص المسكوب" في غزة، ولماذا طالت العملية لتشمل التوغل البري. اريد أن اعرف هل أثرت المعركة الانتخابية في ذلك الوقت وتبدل الرؤساء في الولاياتالمتحدة على قرار الحرب. اريد أن اعرف هل قدر القادة الذين خاضوا الحرب جيداً الضرر السياسي الذي ستلحقه العملية باسرائيل، وما الذي فعلوه للتخفيف من هذا الضرر. كما أنني أريد أن اعرف هل افترض القادة الذين يعطون الاوامر للجيش أن مئات الفلسطينيين سيقتلون خلال الحرب، وما الذي فعلوه لمنع ذلك. هذه هي الاسئلة التي يفترض أن تكون أساس التحقيق في عملية "الرصاص المسكوب". هذا التحقيق مطلوب بسبب الورطة السياسية، والضرر الكبير الذي لحق بالمدنيين الفلسطينيين، وبسبب تقرير غولدستون وزعمه وقوع جرائم حرب، وبسبب تقييد تحركات الجيش في المستقبل. لا مكان للزعم بانه يجب ترك الحكومة تعمل بهدوء دون تحقيقات، وترك الجمهور يحاكمها عبر صناديق الاقتراع. الحكومة تغيرت لكن الاسئلة المحيرة لا زالت قائمة. تحقيقات الجيش وتحقيق الشرطة العسكرية تفحص سلوك الجنود في ساحة المعركة وهي ليست بديلاً من استيضاح أعمال المستوى السياسي والقيادة العليا، التي تتحمل مسؤولية العملية ونتائجها. ان التحقيق لا يجب أن يكون مع قادة الكتائب والسرايا، بل مع رئيس الحكومة السابق ايهود اولمرت، ووزير الدفاع ايهود باراك، ووزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني، ورئيس هيئة الاركان غابي اشكنازي، ورؤساء اجهزة المخابرات ومسؤولي الخارجية الذين شاركوا في اتخاذ القرارات. ومن المهم التحقيق مع مستشاري الحملة الانتخابية لباراك وليفني، لمعرفة ما إذا كانت المعركة الانتخابية قد أثرت في اتخاذ القرار العسكري والدبلوماسي. وفي ما يلي مجموعة من الاسئلة التي تحتاج الى توضيح: * لماذا انهارت اتفاقية الهدنة بين اسرائيل وحماس، ومن الذي أمر الجيش بتدمير النفق الذي تم اكتشافه على الحدود مع القطاع في الرابع من نوفمبر، ولماذا ؟ لان هذه العملية هي التي أدت الى استئناف التصعيد. *هل تم فحص اي خيارات دبلوماسية لاستعادة الهدوء في الجنوب قبل الخروج لعملية "الرصاص المسكوب"؟ وهل تم النظر بجدية في اقتراح حماس فتح المعابر مقابل التهدئة، أن الحكومة أرادت فقط الخروج لعملية عسكرية؟. *كيف أثر تصدر اليمين ممثلاً في بنيامين نتنياهو وافيغدور ليبرمان في استطلاعات الرأي آنذاك على مواقف باراك وليفني قبل العملية وخلالها؟ *أي مكان احتلت تقديرات التصور والصورة ("تجديد الردع"، و "القضاء على صدمة حرب لبنان الثانية") في قرارات الخروج للعملية وادخال القوات البرية في غزة؟ * هل عُرض على المجلس الوزاري المصغر تقديرات تشير الى احتمال مقتل مئات الاطفال الفلسطينيين؟ وهل أبدى بعض وزراء المجلس المصغر حماسة للخروج للحرب، يمكن أن تُفهم كاقتراحات للاضرار بالمدنيين الفلسطينيين؟ هل تدخل اولمرت ومستشاره القانوني ميني مزوز لاسكاتهم؟ *وكيف كان تأثير الخلافات الشخصية والخصومات السياسية بين باراك وليفني على عملية اتخاذ القرارات؟ ولماذا أيد باراك ايقاف اطلاق النار لاسباب انسانية فور انطلاق الحرب، ولماذا رفض اولمرت وليفني اقتراحه؟ ولماذا غيرت ليفني موقفها عندما طال أمد العملية العسكرية، بينما تمسك اولمرت باستمرار العملية لوقت أطول؟. *من الذي قرر قصف طاحونة القمح وشبكة الصرف الصحي بغزة؟ ولماذا؟ *هل بحث اولمرت الضرر الذي سيلحق باسرائيل في الاممالمتحدة بعد الحرب، عندما رفض قرار مجلس الامن القاضي بالوقف الفوري لاطلاق النار؟. *اين اختفى اولمرت في يوم الثلاثاء 13 يناير عندما بحث عنه باراك وليفني عبثاً للاقتراح عليه وقف اطلاق النار؟. المطلوب اقامة لجنة تحقيق رسمية. لقد اقيمت لجان كهذه بسبب قضايا اقل شأناً من الحرب في غزة بكثير. لكن الواقع السياسي يصيب بالشلل. فوزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان يخافان مصير اسلافهما، الذين طاروا من مناصبهم على اثر حرب 1973 وحربي لبنان. ورئيس الحكومة يخاف باراك واشكنازي. ولجنة رقابة الدولة في الكنيست، برئاسة يوئيل حسون من (كديما)، لم تبادر للتحقيق مع ليفني. وبغياب لجنة تحقيق رسمية، يجب على مراقب الدولة ميخا لندنشتراوس ان يتحمل المهمة بنفسه. فقد برهن على انه لا يخاف اولمرت وباراك. * صحيفة هآرتس