إن ظاهرة التدخين في بلادنا أصبحت هاجساً يقلق صناع القرار والمجتمع بأسره، وأضحت الحلول الجريئة لا تجدي نفعاً أمام الآثار الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وأنا لا أريد أن أتحدث عن تلك الآثار مجتمعة، وإنما سأتحدث عن الزيادة التي تم إعلانها مؤخراً على سعر الدخان ضمن الآثار الاقتصادية. ومما يجدر ذكره أن المملكة تأتي في المرتبة الرابعة عالمياً من حيث نسبة المدخنين، وقد بلغ عدد المدخنين تقريباً 6 ملايين نسمة ينفقون أكثر من 8 مليارات ريال (أكثر من 2.1 مليار دولار) سنوياً على هذه العادة، وأن 45٪ من المدخنين في سن 15 عاماً و27٪ في المرحلة التعليمية المتوسطة و35٪ في المرحلة الثانوية و13٪ من المعلمين والمعلمات. ومما يشجع على تعاطي التبغ في المملكة هو أن قيمة السيجارة في المملكة تقدر ب1.47 دولار وهي تمثل ربع سعر بيع السجائر في الدولة المنتجة للتبغ الخام والمصنعة للسجاير كأمريكا مثلاً يبلغ سعر العلبة 4.41 دولارات، وإيطاليا 4.9 دولارات وفرنسا 6.8 دولارات، كما أن زيادة أسعار التدخين في المملكة تعتبر الأقل مقارنة بالمواد الاستهلاكية التي تصل زيادة بعضها إلى نسبة 100٪. إن الزيادة التي تم إعلانها مؤخراً مما لا شك فيه تعتبر مفيدة، ولكنها تبقى دون الطموح لأن زيادة ريال ونصف على السعر الحالي لن يساهم في ردع المستهلكين، بل سيظل سعرها في متناول الأطفال خاصة أن قيمة السيجارة الأقل سعراً في المملكة لن تتجاوز ال(5) ريالات. ومن هنا ندرك أن هذه الزيادة غير فعّالة، ولذلك يجب ألا نحمل الزيادة فقط على المدخن، بل يجب أن يشمل ذلك الشركات والمؤسسات التي تروج أو تورد للتبغ فيصبح من المناسب رفع الضرائب على واردات التبغ لتصل إلى (200٪) لتكون أكثر تأثيراً على معدلات النمو واردات التبغ. وتنعكس آثارها على الموردين والمستهلكين على السواء، وبالأخص على الفئات التي تتلقى نفقتها من الآخرين، والمستهلكين الجدد من طلاب المدارس والجامعات، ولقد نجحت دول كثيرة في التقليل من استهلاك التبغ من خلال مضاعفتها للقيمة الضريبية للتبغ، فكانت هذه الزيادة عبئاً اقتصادياً على المدخن مما شجعه على ترك الدخان ورادعاً على من يحاول أن ينضم إلى ركب المدخنين من المبتدئين، ومن المفيد أيضاً فصل بيع التبغ عن تجارة التجزئة حتى لا تأخذ صبغة شرعية وكأنها بضاعة مرغوب فيها فتغري الأطفال والمراهقين. إن قرار مجلس الوزراء بتأسيس لجنة وطنية لمكافحة التبغ يمثل نقطة تحول جديدة في سياسة الدولة تجاه برامج المكافحة وستسهم هذه الخطوة - بإذن الله - في دعم قرار زيادة الضرائب على واردات التبغ إضافة إلى منع بيع الدخان في الأحياء وسوف تجد هذه اللجنة كل التعاون والمساندة من قبل الجهات المناهضة لانتشار التبغ من جمعيات ومؤسسات خيرية وصحية. كما يمكن الاستفادة من «إعلان الرياض» الذي تمخض عن توصيات ونتائج منتدى نقاء الأول الذي عُقد مؤخراً بمدينة الرياض، حيث وضع حلول عملية للحد من ظاهرة التدخين في المجتمع وتنقية البيئة من التدخين وآثاره السيئة.