قبل يومين بدأت أكثر دول العالم العمل بالتوقيت الشتوي، فأخرت الساعة الزمنية ساعة كاملة حتى أواخر فصل الربيع لتقوم بتقديم الساعة - أيضاً - ساعة كاملة. وهذا يكون لأن الليل في الشتاء أطول من النهار. ومع هذا التغير الفلكي الزمني تتغير المواعيد، والظروف العملية، والدراسية، وتتغير مناخات بيئة الإنتاج، والتفاعل مع تفاصيل الحياة اليومية، وحاجات الإنسان في تنميط وتقنين وجباته الغذائية، وفترات نومه، وأنشطته، وارتباطاته. غير أن الالتزام بتوقيت شتوي، وآخر صيفي يبرمج الحياة بشكل لا يحس فيه الإنسان بالتغيير، أو الدخول في متاهات الارتباك ، ومتاهات محاصرة الوقت له دون أن يكون قادراً على إنجاز ما هو مطلوب منه، وممارسة التنظيم الحياتي في كل أنماط وتفاصيل يومه. العالم باتباعه توقيتاً شتوياً، وآخر صيفياً حل مشكلته مع الظروف المناخية، والفلكية، والحياة فيه تسير دونما إحساس بفوارق طول الليل، وقصر النهار، ومعاملاته وتعاملاته التجارية، والاقتصادية، والتعليمية، والعملية لا تتأثر مطلقاً بهذا التغيير الذي يحدث بتعاقب الفصول. نحن هنا، نختلف تماماً، تماماً. منذ فجر تاريخنا ونحن في الوزارات، والدوائر الحكومية، والمؤسسات الأهلية، وفي مؤسساتنا التعليمية نصدر قرارات بتغيير الدوام في فصل الشتاء، وكذلك في فصل الصيف، فنكثر من التعاميم التي يُطلب أن يوقع عليها كل موظف. وقد حفظنا محتواها، وفحواها، وأوقاتها، نستدعي نسخة منها من الأرشيف، ونكلف موظف الطباعة بإعادة طبعها، وتوزيعها على الموظفين. وهذا أسلوب عقيم يبرمج زمننا نحن، لكن ليس له علاقة بتعاملاتنا الخارجية مع العالم الذي أصبح مؤثراً في كل تفاصيل حياتنا اليومية ، وترتبط مصالحنا، وكثير من شؤون حياتنا بأوقاته، وأزمانه العملية. لا أعرف مسوّغاً، ولا مبرراً يجعلنا نرفض وجود توقيت شتوي، وآخر صيفي لدينا دون أن نكون مضطرين إلى هذا الارتباك الذي نعيشه ، ولست في حاجة إلى تفاصيل سردية عن وقت المراجع لأي دائرة حكومية، أو وقت الموظف إذا كان أذان الظهر - الآن - قبل الساعة الثانية عشرة بكثير، وأذان العصر قبل الساعة الثالثة. نحن في حاجة إلى أن نتناغم مع العالم، ونبرمج أوقاتنا بما يخدم مصلحتنا على كل الصعد. ونعمل بتوقيتين.