تخيَّل عزيزي القارئ أنك جالس على مقعد في باحة مقهى، وأن هذا المقعد أقلع فجأة وطار ثم انطلق مندفعاً في الجو على ارتفاع خفيض بسرعة عشرة أميال في الساعة؛ ثم ما هي إلا لحظات معدودات وإذا بالهواء يتلاعب بخصلات شعرك ويجبرك على التجهم وتقطيب الجبين بحيث يكتسب وجهك من الملامح ما يجمع بين الشعور بالمتعة والإحساس باللوعة؛ ثم إذا بالتجهم يتحول تدريجياً إلى ابتسامة عريضة تنم عن الزهو والاعتداد بالنفس. ما تخيلته أعلاه عزيزي القارئ هو عين ما ينطبق على دراجة ذات عجل أمامي كبير وعجل خلفي صغير للغاية فيما يشبه الدراجة التي يسيرها الطفل برجل واحدة. وهذه الدراجة هي نتاج خمس سنوات من الجهد المتواصل إلى أن تكلل بالنجاح بأن أعيد اختراعها – ولكن بإضافة مهمة واحدة، تمثلت في تزويدها بمحرك كهربائي. إنها دراجة ولكنها ليست مثل الدراجات التي نعرف. وفي أقل من عشرين ثانية، يتم نصبها وتركيبها وتجهيزها للعمل. فمن ذراع صغير هنا إلى سلسلة على السرج للسحب ثم كبسة على زر فانطلاق يتطلب منك في البداية أن تقف منتصباً وتقود الدراجة بحيث تكون يداك على جنبك. هكذا تطوى الدراجة أما القدمان، فإنهما يظلان ثابتين ومثبتين على مسند القدمين بينما تعمل الأصابع على تحريك أدوات السيطرة والتحكم هي التي في الأساس عبارة عن دواسة وكابحة "فرامل". وأما ترتيبات الجلوس والأبعاد، فهي تعني انك لا تركب على الدراجة بقدر ما أنها هي التي تحملك. وفي النهاية يمكنك تفكيكها وطيها ووضعها بأكملها في حقيبة تحملها معك أينما حللت ورحلت وهي حمولة لا تزيد في وزنها على 10 كيلوغرامات. وفي الحقيقة فإن التعود على استخدام تلك الدراجة هو الذي يستغرق قسطاً من الوقت وبصفة خاصة لمن لم يعتادوا على التعب. بيد أن كلمة واحدة هي التي يمكن أن توجز وصف الشعور الذي ينتاب راكب تلك الدراجة وهو يطوي بها المسافات بسرعة ودونما أدنى مجهود يذكر: إنها كلمة "يايك بايك" (Yike-Bike) – الاسم الذي تم إطلاقه على الدراجة المذكورة. وعند ركوب هذه الدراجة والمرور بها فإن الجميع يقفون صغاراً وكباراً وينظرون بدهشة واستغراب لراكب الدراجة. وفي واقع الأمر فإنهم لا يلامون على دهشتهم واستغرابهم – ذلك أن راكب الدراجة يبدو وكأنه يطلق ساقيه للريح من غير أن يحركهما. وبعد ذلك يسمع صوت هدير المحرك الذي يحدث صوتاً ناعماً سرعان ما يتحول إلى صوت انفجاري مريح بمجرد أن ترتفع عجلة الدراجة إلى أعلى فتندفع محدثةً ذلك الصوت الانفجاري. حتى وإن كنت عزيزي القارئ ممن درجوا على ركوب الدراجات النارية لعشرات السنين ومن استخدموا الدراجات الهوائية في رحلات ذهابهم وإيابهم ومن سقطوا من دراجات السيرك ذات العجل الواحد، فإنه لا يجمل بك أن تخاطر بحياتك وتغامر بالسير بتلك الدراجة في زحمة الحركة المرورية قبل أن تتلقى ما يلزم من التدريب النظري والعملي. الدراجة تحمله وتحملك