شيعت العاصمة المقدسة بعد ظهر امس فقيد جامعة ام القرى استاذ الحضارة والتاريخ الاسلامي الاستاذ الدكتور ناصر الحارثي والذي توفي مساء الجمعة قبل الماضي بمكتبه في مسكنه بالعوالي - عقب الصلاة عليه بالمسجد الحرام ووري حثمانه الثرى بمقابر المعلاة وسط حشد كبير يتقدمهم مدير جامعة ام القرى الدكتور وليد ابو الفرج ووكيل جامعة ام القرى الدكتور هاشم حريري وعدد كبير من اساتذة الجامعة وذوي واقارب الدكتور الحارثي . واكتظت المقبرة بجموع المشيعين الذين توفدوا من محافظة جدة والطائف ومن قرية (الحنشة ) قرية الدكتور ناصر الحارثي وحرص مدير الجامعة ووكيلها على التواجد عند قبر د. ناصر للمشاركة في الدفن ثم صف د. أبو الفرج في صف العزاء مع ابناء واخوة وذوي الفقيد متلقياً العزاء . وظهرت علامات الحزن والتأثر على وجوه ابناء الفقيد واخوته واقاربه عند تلقيهم للعزاء الذي استمر لاكثر من الساعة والنصف . وكانت والدة الدكتور الحارثي رحمه الله زارته في المستشفى صباح امس وودعته الوداع الاخير قبل الانتقال به الى جامع المهاجرين للتجهيز . وطبعت على جبينه قبلة الوداع داعية الله له بالمغفرة وأن يسكنه في فسيح جناته . كما ودعه إخوته وأخواته قبل خروج الجثمان من ثلاجة مستشفى الملك فيصل بالعاصمة المقدسة بعد ذلك تم نقل جثمانه الى غرفة التجهيز بجامع المهاجرين ومن ثم الى المسجد الحرام بصحبة ذويه الذي تواجدوا جواره وعقب الصلاة عليه.. تُوجه بالجثمان الى مقبرة المعلاة التي كانت مكتظة بالمعزين من مسؤولين ووزملاء واصدقاء الفقيد ووجهاء واعيان مكة. وكان اصدقاء الدكتور الحارثي كل من الأستاذ الدكتور حامد الربيعي والأستاذ الدكتور زايد بن عجير الحارثي والاستاذ الدكتور محمد مريسي والشيخ سعد بن حسين الحارثي والأستاذ سليمان الزايدي في مقدمة المشيعين للجثمان ودموع الوداع منهمرة من اعينهم واعين المودعين له من اصدقاء واقارب وزملاء وكان معالي مدير جامعة ام القرى الاستاذ الدكتور وليد ابو الفرج في مقدمة مستقبلي العزاء. مدير جامعة أم القرى يتحدث ل»الرياض» وبعد الانتهاء من مراسم العزاء أكد معالي مدير جامعة ام القرى الاستاذ الدكتور وليد بن حسن أبو الفرج على أن الديون التي في ذمة الراحل أولى الناس بتسديدها هي جامعة أم القرى وزملاء الفقيد هم أولى الناس بذلك وأضاف : سوف يتولى هذا الموضوع الخير وكيل الجامعة الاستاذ الدكتور هاشم حريري واستطرد قائلاً وقد اتكتساه الحزن لرحيل الفقيد : في هذا اليوم نودع ابناً من ابناء الجامعة وعالماً من علمائها في مجال البحث في التاريخ والآثار الاسلامية وقد كان من أبناء الجامعة البررة المخلصين الجادين فأبحاثه كلها علمية ورصينة وموثقة ومثبتة وجدية وفيها من الآفاق والتطلعات البعيدة التي تؤكد بعد نظر الفقيد. وأضاف معاليه سوف تسعى جامعة أم القرى إلى توثيق أبحاث وكتب الدكتور الحارثي وسوف يكمل زملاء الفقيد وطلابه ماقام به من دور رائد لخدمة العلم في هذا المجال الهام. وعن ترشيح الدكتور الحارثي لنيل جوائز عن تخصصه داخل وخارج المملكة قال معاليه: سوف يتم ترشيح اعمال الدكتور الحارثي وابحاثه العلمية الرصينة في مجالات عدة والمجلس العلمي بالجامعة سيتولى ترشيح اعماله لنيل أي جائزة في مجال تخصصه. الحارثي يوارى في مثواه الأخير كما تحدث عن مآثر الفقيد الأستاذ سليمان بن عواض الزايدي عضو مجلس الشورى واحد اعز أصدقاء الفقيد الحارثي فقال: علاقتي بالفقيد رحمه الله علاقة قديمة تزيد عن عشرين عاما وقد عرفت فيه الباحث الجاد المخلص لتخصصه ووقته رغم ندرة الباحثين في هذا المجال في بلادنا وقد كان رحمه الله يفاجئني بين الفينة والاخرى بإصدار كتاب جديد وكان آخرها موسوعة مكةالمكرمة التاريخية والأثرية المصورة وهي موسوعة مميزة وتعتبر من ابرز الموسوعات في هذا الفن الذي يتعلق بالآثار وتاريخ البلد الامين في العصر الحديث وتعتبر من اهم المصادر في هذا المجال منذ القرن الثامن عشر وخاصة عن النقوش والآثار بمكة وهي مرجع مهم للباحثين والمهتمين والمختصين . واضاف : شيء آخر لم يتم لفت الانتباه له وهو أن الدكتور ناصر الحارثي كان وراء تأسيس متحف الحرم المكي الشريف الموجود الآن أو مايعرف بمتحف "الحرمين " بأم الجود وقد بذل جهداً في جمع المادة وترتيب وتنظيم المقتنيات التي يضمها المتحف وشرح هذه المحتويات بنصوص مختصرة لكل اثر وهو من ابرز من ساهم وشارك في هذا المشروع الحضاري الرائد ويعتبر المتحف من اهم المواقع التاريخية والاثرية التي يزورها الطلاب والباحثون والمتخصصون وضيوف الدولة وزوار الحرمين الشريفين. واستطرد قائلاً : لقد كان رحمه الله يهتم كثيراً بطلابه وطالباته وقد عشت بنفسي حالة من حالات البحث العلمي وقد ساهم الدكتور في هذا البحث وكان يذهب رحمه الله بنفسه لمحافظة جدة يجمع الكتب ويقدمها لطلابه وقد كان آخر هذه الجهود هو مساهمته بالتعاون مع الشيخ خلف عاشور من مؤسسة بن لادن هو إخراج مجموعة من النقوش القديمة المتعلقة بالحرم المدني الشريف عن طريق طالبة من دولة ماليزيا كانت تقوم بدراسة هذه النقوش وكان رحمه الله حريصا كل الحرص على توثيق وإخراج هذه النقوش ... وكان رحمه الله محباٍ للخير ومتزنا ومتواضعا ويستمع للراي الآخر ولايغلب رأيه وكان يمتاز بجزالة اللفظ والتأدب في الفاظه ونقاشه ولايحب الدخول في صراعات وليس برجل إقصاء ولايهمش الآخرين وساعيا للخير ومساعدة الآخرين وكان متواضعا في حياته وسيرته الشخصية في ملبسه ومسكنه وسيارته . ولا يعرف الا طلابه وجامعته ومكتبته وقد قضى الصيف الماضي بين بطون الكتب وداخل مكتبته العامرة ولم يكن لديه وقت سوى للبحث والدراسة ومتابعة النقوش الاثرية . وتحدث وكيل جامعة ام القرى الاستاذ الدكتور هاشم بكر حريري مثنيا على الفقيد وقال : تعرفت عليه رحمه الله منذ اكثر من عشرين عاما وكان قمة في تعامله واخلاقه وتعامله مع زملائه وكان يتميز بدماثة الخلق واختيار الفاظه وتعامله الحضاري ومهما تحدثت عنه فلن أفيه حقه سواء على المستوى الشخصي او المستوى العلمي ،وعن مستحقاته لدى الجامعة قال حال وصول صك شباك الوراثة سيتم صرف مستحقاته وراتبه التقاعدي لاسرته واضاف سنطلق اسمه على احدى قاعات التدريس بالجامعة تقديرا لمكانته العلمية.