أطفال يتحركون بصمت، ويخشون من مشاهدة التلفزيون حتى لا يصدر منهم أي صوت، وزوجة تدعو الله طوال الوقت بأن تمر الساعات دون أي مشاكل مع زوجها، كل ذلك بسبب حالة نفسية يعاني منها الزوج تجعله يثور غاضبا لمجرد سماعه صوتا في البيت، ما جعل جميع أفراد الأسرة يعيشون في حالة من القلق خوفا من انفجار غضب والدهم والذي قد يهشم كل ما يقع تحت يديه. هذا ما ذكرته أم احمد عن زوجها المصاب بحالة نفسية تجعله يثور لأتفه الأسباب ما جعله يعيش حالة من الغربة الاجتماعية والعائلية، حيث يعتقد ان الجميع يتكلم عنه بالسوء، إضافة لمزاج متقلب يصعب تكهن ما سيئول عليه . يرفض الأدوية ويثور لأتفه الأسباب وتذكر أم احمد أنها اكتشفت حالة زوجها بعد فترة بسيطة من الزواج، وذلك انه كان يستخدم أدوية مسكنة تساعده بالتغلب على حالته النفسية والعصبية إلا ان امتناعه عن تناولها يسبب الكثير من المشاكل لهم جميعا. وتضيف "للأسف لم يخبرنا احد من أهل زوجي عن مشكلته النفسية رغم علمهم بذلك، حيث بدأت ألاحظ بعد فترة من الزواج تقلب مزاجه وعصبيته الزائدة إضافة لتمتمته بطريقة غير مفهومه وكأنه يتحدث مع نفسه، وبعد ان تحدثت مع احدى أخواته أخبرتني بوضعه النفسي وهي تعتذر عن عدم إخباري بذلك لاعتقادها بأن مشكلته قد انتهت بعد استخدامه الأدوية". وتطالب ام احمد بضرورة إدراج الأمراض النفسية ضمن الفحوصات التي تجرى للمقبلين على الزواج وذلك منعا لعدم تكرار مأساتها التي تعاني منها بشكل يومي وتحول بعض الأيام إلى جحيم لا يحتمل ومنعا لحودث قضايا العنف الأسري والتي ينتج عنها الطلاق وتصل لحد التعذيب والقتل. فحص بسيط لتجنب المشاكل وأوضح عدد من المهتمين بالشأن الأسري والمختصين أن من الضروري ان تكون بداية تكوين الأسرة على أسس سليمة تضمن استمراريتها وسط جو صحي وسليم، وذلك من خلال إجراء الفحوصات الطبية للتأكد من خلو الزوجين من الأمراض الوراثية والمعدية، مطالبين في الوقت نفسه بأن تدرج بنود جديدة تتضمن الكشف عن الإدمان والأمراض النفسية وذلك ليكون كلا الزوجين على دراية كاملة بشريك حياته وحتى لا يتفاجأ احدهم فيما بعد بحالة نفسية تجعله ضحية لعنف اسري او انفصال يخلف وراءه أبناء تائهين، وذلك بعد أن برزت مؤخرا وبشكل مقلق قضايا العنف الأسري الذي وصل بعضها لحد القتل والتعذيب مؤكدين بأن معظم تلك القضايا تم إرجاعها في نهاية المطاف إلى أسباب محددة من أبرزها الأمراض النفسية التي تمتد جذورها في معظم الأحيان إلى إدمان المخدرات وتعاطيها. الفحص النفسي بين تأييد ورفض وتفاوتت ردود شريحة من أفراد المجتمع بين الرفض والتأييد على إدراج الكشف عن الأمراض النفسية والإدمان قبل الزواج، وذلك ان البعض يرى أنها تعقيدات لا مبرر لها بينما يراها آخرون ضرورة ملحة للحفاظ على استقرار الأسرة والمجتمع. وأكد الشاب محمد الصفار على ان إجراء الفحوصات التي من شأنها اكتشاف أي أمراض نفسية لا تقل أهمية عن إجراء الفحوصات الخاصة بالأمراض الوراثية والمعدية قبل الزواج؛ خصوصا وان أي شخص لا يرغب ان تقع ابنته او شقيقته او إحدى قريباته مع شخص مريض نفسيا او مدمن مخدرات ، ولا يتوقع ان المجتمع سيرفض مثل هذا الإجراء لتأكده بأن المجتمع حريص على كل ما يمكن ان يرتقي بالأسرة والأبناء، مطالباً بضرورة السؤال عن الشخص المتقدم للزواج بشكل دقيق لمعرفة سلوكياته والتأكد من خلوه من أمراض نفسية وعصبية قد تلقي بظلالها على الأسرة فيما بعد. بينما يعتبر خالد أن الإلزام بإجراء فحوصات نفسية للزوج أمر مهين مؤكدا بأن الفحص الطبي هو الأهم رغم ان فئة كبيرة من المجتمع لا تزال ترفضه متسائلا كيف سيتقبل المجتمع إضافة فحوصات نفسية ستعمل على تعقيد الإجراءات. ويضيف "سيساهم مثل هذا الإجراء في رفع نسبة العنوسة لدى الطرفين الذكور والإناث فالفحص الطبي أصبح إجراء مقبولا قبل عقد القران، لكن مسألة الحالة النفسية اعتقد انها ستكون صعبة التنفيذ". وأكد عبد الهادي الحسن على ضرورة أن يكون الزوجان على دراية كاملة بالحالة النفسية وماضي كل منهما لأنهما شركاء في الحياة القادمة، وذلك حتى لا يتفاجأ احدهم بأمور قد لا يستطيع ان يتأقلم معها في المستقبل. ويرى الحسن أن الفحص الطبي وحده غير كاف، وذلك ان مهمته الوحيدة هي تحديد الوضع الصحي للمقبلين على الزواج، بينما الحالة النفسية والتي قد تلعب دورا مهما في حياتهم المستقبلية تبقى طي الكتمان خصوصا وان كثيراً من المقبلين على الزواج سواء من الرجال او النساء لا يستثمرون فترة الخطوبة بالمصارحة التي قد تختصر عليهم الكثير من العناء في المستقبل مما يؤدي إلى هدم حياتهم الزوجية. أهل المريض يخفون علته بعد تجربتها التي لم تستمر لأكثرمن أسبوع مع شاب مصاب بحالة نفسية أشبه ما تكون بالوسواس، تطالب عبير بإلزام المتقدمين ذكورا وإناثا على الفحص النفسي لكي لا يتعرض أي شخص لعملية أشبه ما تكون بالتضليل والخداع. ولا تنكر أنها تتعاطف مع خطيبها السابق ولكنها فضلت عدم الاستمرار معه بعد ان شعرت بأن أهله اخفوا الكثير عن حالته النفسية التي تمنعه حتى من الاستمرار في وظيفة تضمن لنا قوت يومنا في المستقبل. وتضيف" لاحظت في البداية عليه شكه في وضوءه وصلاته إضافة لنظراته المريبة لأي شخص حتى لو كان من أفراد عائلته لاعتقاده ان الجميع يتحدث عنه بالسوء، هذا ما جعلني أقرر عدم الاستمرار وسط مطالبة من أهلي بإعطائه فرصة قد تغيره للأفضل ، ولكني لا أحبذ ان أكون حقل تجارب له". وتذكر عبير ان الصلاح الديني والأخلاق الحسنة ليست دلالة على خلو الشخص من الأمراض النفسية، لذا يجب على أهل الفتاة في حال خطبتها من شخص أن يتحروا الدقة في السؤال عنه وخاصة من قبل أقربائه ومقر عمله لمنع تكوين حياة وأسرة على أساس خاطئ وغير واضح للطرفين خصوصا وان كثيراً من الأسر لا تجد حلا لأبنائها المرضى نفسيين غير الزواج دون الأخذ بالاعتبار ما سيسببه ذلك من خلافات قد تهدد بزيادة حالات العنف الأسري والطلاق. معاناة الأزواج أكد أخصائيون تربويون ان هناك الكثير من المشاكل التي يعاني منها الأزواج كالرهاب وانفصام الشخصية والاكتئاب الشديد والتي تلعب دورا مهما في استمرارية الزواج من عدمه، خصوصا وان بعض الأمراض النفسية يصعب ملاحظتها ومعرفتها إلا بعد معاشرة طويلة وذلك ان أصحابها قد يتصرفون بصورة طبيعية وعادية جدا، مؤكدين على أن مثل هذه الحالات يمكن علاجها من خلال الطبيب النفسي او باستشارة المرشدين الاجتماعيين. وأوضح أخصائيون ان تضمين فحص ما قبل الزواج للكشف عن الأمراض النفسية قد يحتاج إلى دراسات عميقة ومتعددة لأن بعض الأمراض النفسية قد يكون علاجها بالزواج، وهناك جهات معنية للمقدمين على الزواج ومن خلال ما تجريه من فحوصات يتم بناء عليه تحديد مدى فاعلية الزواج من عدمه وذلك بتوضيح الإيجابيات والسلبيات.