ليلة واحدة هي زمن أحداث الفيلم السوري (الليل الطويل) الذي يبدأ بهطول المطر وضوء يحاول التسلل إلى ظلمات مغارة أو معتقل لتكشف اللقطات التالية عن مجموعة معتقلين قضوا سنوات في ظلمات السجن حيث تقرر الإفراج عن بعضهم ومنهم أبو نضال المسن الذي قضى 20 عاما وراء الأسوار ولكنه يموت وحيدا بمجرد الوصول إلى بيته القديم. ولا يبدو السجين الذي قام بدوره الممثل خالد تاجا مكترثا بخروجه إذ ظل مؤمنا بما سجن من أجله ويبدو هذا حتى من أسماء أبنائه وبناته "نضال" و"كفاح" و"عروبة". ولكن خروج الأب فاجأ الأبناء وأصابهم بالارتباك وهم غير متفقين على الإيمان بما يراه أبوهم رسالة فالأخ الأكبر يرى أن أباه أضاع عمره والأصغر يرد عليه بأن الأب ضحى بالكثير من أجل الوطن. ويمضي الرجل ليلته الأخيرة في سيارة أجرة ويكتشف أن معالم الطريق تغيرت. ويطول انتظار أبنائه له حتى الصباح فيذهب ابنه كفاح الذي يلعب دوره الممثل باسل خياط فيفاجأ بأنه لفظ أنفاسه وقد أسند رأسه إلى شجرة ممددا ساقيه بين أوراق الخريف. أما السجين الذي لم يفرج عنه وظل يحلم بأداء دور مسرحي وينتظر الخروج ليشارك في مهرجان للمسرح فيتكوم حول نفسه وقد أكل الخوف روحه مع إظلام الشاشة وانتهاء الفيلم الذي أخرجه السوري حاتم علي. والفيلم الذي تبلغ مدته 94 دقيقة عرض مساء الأحد ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي في أبوظبي وينظم له عرض ثان. والدورة الثالثة للمهرجان تختتم السبت القادم ويشارك فيها 129 فيلما من 49 دولة. وتنظم المهرجان هيئة أبوظبي للثقافة والتراث. ولا يميل الفيلم إلى المباشرة ولا يسعى إلى إدانة نظام سياسي بعينه بل يهمس في تصاعد درامي ذي طابع إنساني مكثف ليجعل من حادث خروج الأب فرصة لطرح أسئلة يصرح الأبناء ببعضها ويترك الفيلم البعض الآخر للمشاهد. وعقب عرض الفيلم قال مؤلفه ومنتجه السينارست والمخرج السوري هيثم حقي إنه يهدف إلى الإعلاء من القيم الإنسانية ويأمل أن تطوى صفحة ماضي هؤلاء السجناء بانتهاء هذا "الليل الطويل" وألا تعود هذه الظروف التي أدت بهم إلى هذا الاعتقال. وعبر كثير من السوريين عن إعجابهم بالفيلم الذي يدين فكرة اعتقال السياسي. وقال الشاعر السوري علي كنعان إن دموعه سالت وهو يشاهد الفيلم الذي اعتبره عملا ملحميا وأضاف "أنا واحد من أبناء هذا الليل الطويل الذي أرجو أن ينتهي." ويثور جدل في سوريا حول قضايا حقوق الإنسان رغم أجواء التفاؤل . وقال مخرج الفيلم حاتم علي بعد العرض في شيء من التعميم إن فيلمه يحمل أكثر من رسالة ويمكن قراءته وتأويله على أكثر من مستوى إلا أنه لم ينكر أن الأحوال والظروف العامة في العالم العربي "تبعث على الأسى والتشاؤم."