ازدهار وطفرة، هدوء ثم ركود وتوقف عن التداول في السوق العقاري قد يصل إلى مرحلة الكساد لفترة من الزمن ثم تعود الأمور للازدهار مرة أخرى، هذا هو حال السوق العقاري والذي عادة ما يستغرق 5 سنوات وأكثر لعودة الانتعاش والازدهار مرة أخرى. من حضر سيتي سكيب دبي هذا العام والذي اختتم يوم الخميس الماضي لاحظ تغيرا في الكثير من الأمور التي تميز بها عن الأعوام السابقة رغم انه قد صنف في العامين الماضيين كأكبر معرض عقاري في العالم يستقطب كبرى الشركات العالمية والاقليمية، والاختلاف هذا العام في انخفاض عدد العارضين وعدد الزوار في أيامه الأربعة رغم ان إدارة المعرض بذلت جهدا كبيرا لاستقطاب الشركات من جميع أنحاء العالم، وهذا الانخفاض طبيعي ومتوقع في ظل الأزمة المالية التي اجتاحت العالم نهاية العام الماضي، وكما هو معلوم فقد تأثرت امارة دبي بشكل كبير من تداعيات الأزمة وخصوصا القطاع العقاري والاستثمارات والأنشطة المساندة له بما فيها قطاعات التمويل والبنوك. ساد الهدوء أجنحة المعرض طوال أيامه ولم نعد نرى أناسا كان المعرض يعج بهم وهم المضاربون والوسطاء الذين تسببوا في فترة من الفترات في تضخيم الأسعار ورفعها الى أرقام خيالية ممن تاجروا بالوحدات السكنية والمكتبية، أيضا لوحظ ضعف الإقبال على شراء الوحدات السكنية التي كانت الى وقت قريب حلما ولمشاريع تباع على الورق وقبل تنفيذها بسنوات، ورغم ان المعرض يصنف على انه لقطاع الأعمال والمستثمرين ولايمارس البيع المباشر للمنتجات العقارية السكنية ولايعنى بقطاع التجزئة الا أن بعض الشركات كانت تعرض وتسوق منتجاتها بشكل مباشر وباسلوب مختلف. الأزمات حدثت وتحدث في كل زمان ومكان، معظم دول أوروبا واليابان خرجت بعد الحرب العالمية الثانية بخسائر أتت على كل شيء من بنى تحتية وخسائر مادية وبشرية لاحصر لها، وعملت ونهضت واستثمرت في العقول رغم أن معظمها لايمتلك الموارد التي تمتلكها دول الخليج وأهمها النفط ورغم ذلك فإن دولة متوسطة الحجم في أوروبا يعادل اقتصادها اقتصاد عدة دول عربية. لابد أن نستفيد جميعا من هذه الأحداث والأزمات وأن تكون دافعا لنا لتطوير أنفسنا وأنظمتنا وأساليب الاستثمار والاعتماد على المشاريع التي يحتاجها السوق، والرقابة الصارمة على التعاطي مع الأنشطة العقارية لإبعادها من التضخيم والمضاربة والوقوع في فخ القروض التمويلية والتي ستصبح صعبة او متعسرة السداد. المستقبل لسوقنا السعودي فنحن نمتلك سوقا عقارية واعدة ونحتاج لتطوير 150 الى 200 الف وحدة سكنية سنوية لتغطية الطلب المتنامي، واليوم أعين الكثير من المستثمرين والشركات العالمية على سوقنا سعيا للاستثمار فيه وهذا ماتم تداوله في بعض أروقة المعرض. نحن بحاجة لاعادة النظر في أسلوب الاستثمار والتركيز على مايحتاجه المواطن والمقيم من منتجات عقارية والعمل على تنفيذها بأفضل وأيسر الطرق وبمنتجات تناسب احتياجات الأسر وبأسعار معقولة وبقروض ميسرة وبجودة مناسبة.