يتعرض المواطن لأضرار عمليات وجرائم الغش المختلفة في رحم والدته التي تتغذى وتتعرض لمختلف الممنوعات والمحظورات والمواد والأدوية الضارة ثم يخرج إلى الدنيا ويصبح ضحية مباشرة للفوضى الغذائية والزراعية والدوائية والتجارية والصناعية ويؤكد ذلك ما نشاهده وتنشره صحفنا المحلية من أخبار عن مصادرة أدوية ومستحضرات عشبية محظورة ومسمومة، ومصادرة أطنان من الأعذية والمشروبات والحلويات الفاسدة، ومصادرة مواد وألوان مسرطنة تستخدم في صناعة الحلويات والأغذية، وتسويق مواد استهلاكية وألعاب وأوانٍ مصنوعة من مواد مسرطنة ومواد مشعة وبأسعار زهيدة جداً، والقبض على وايتات تسقي المزارع بمياه المجاري، ورمي النفايات الطبية والصناعية في الأودية وقرب المزارع، والقبض على عمالة مريضة متخلفة تعمل في مطاعم ومخابز ومعامل أغذية ومصانع تعبئة مياه، واستخدام مبيدات زراعية محظورة أو بطريقة غير سليمة، والمبالغة في استخدام الأسمدة الكيماوية واستخدام مضادات حيوية في مشاريع اللحوم والدواجن. ورغم أنه يمكن تجنب بعض المواد الضارة بصعوبة بالغة إلا أن أخطرها لا يمكن تجنبه إطلاقاً لأنه يدخل في جوف كل مواطن ومقيم عدة مرات يومياً وهي مادة برومات البوتاسيوم التي تستخدم أساساً في صناعة المنظفات وغيرها وتتم إضافتها بطريقة غير مشروعة للدقيق المستخدم في صناعات الخبز والمعجنات والحلويات لزيادة حجم ونعومة وطراوة العجين وهذه المادة حسب ما أكده عدة مرات عالم الأبحاث الشهير الدكتور فهد الخضيري رئيس مركز أبحاث السرطان في مستشفى الملك فيصل التخصصي مادة مسرطنة وخطيرة وتسبب السرطان والفشل الكلوي وتسمم الدم وتسمم نخاع العظم وبدأ منعها في دول العالم المتحضر أواخر الثمانينات ولا زالت رغم منعها لدينا رسمياً أو صورياً تستخدم حتى الآن في مخابز ومطاعم كبيرة حسب تأكيد أمانة منطقة الرياض وغيرها من الأمانات والبلديات. ولن أحلم كثيراً وأقارن ما تقوم به جهاتنا المعنية لحمايتنا من المواد الخطيرة التي فتكت بصحتنا بما تقوم به الجهات المعنية في دول متقدمة لحماية جميع (المخلوقات) المقيمة على أراضيها بل سأقارنها بما قامت به السودان الشقيقة التي افتى مجمع الفقه الإسلامي فيها بتحريم استخدام مادة برومات البوتاسيوم في الخبز وشدد على ضرورة منع استيرادها وتم إغلاق المخابز التي تستخدمها وسجن أصحابها مدة عشر سنوات كاملة غير قابلة للعفو والتخفيض ونحن نكتفي بتعاميم ورقية روتينية وجولات رقابية خجولة وغرامات مالية تافهة لا تتناسب مع حجم الجريمة وخطورتها وأضرارها وللأسف الشديد فإن سبب هذه الجريمة ومثيلاتها هو أن أنظمة العقوبات المختلفة التي يتم سلقها ببرود وبطء شديد جداً في الجهات التشريعية متساهلة للغاية مع مرتكبي الجرائم والمخالفات ولا تفرق في غالبيتها بين الجريمة الخطيرة المعتمدة والمخالفة البسيطة. وبما أن هذه المادة محظورة ومسرطنة فإنني أتساءل عن سبب تساهل الجهات المعنية في حمايتنا منها ولماذا لا يتم إغلاق المخابز والمطاعم ومعامل الحلويات التي تستخدمها وسجن وترحيل العاملين فيها إلا إذا كانت صحتنا وأرواحنا لا تستحق أكثر من تعميم صوري.