بقي أداء جميع أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء السوق الكويتي، مرتفعا خلال شهر سبتمبر من العام 2009، على خلفية توقعات صندوق النقد الدولي بأنّ العالم قد خرج من حالة الركود. فقد ذكر صندوق النقد الدولي في تقريره نصف السنوي عن آفاق الاقتصاد العالمي، أنّ الاقتصاد العالمي قد خرج من أسوأ أزمة ركود تعرّض لها منذ الحرب العالمية الثانية و أنّه مقبل على مرحلة من الانتعاش البطيء خلال العام المقبل. و عموما يتوقّع الصندوق أن ينكمش الاقتصاد العالمي بمعدل 1.1 في المائة خلال العام الحالي قبل أن ينمو بمعدل 3.1 في المائة خلال العام 2010، و ذلك بالمقارنة مع توقعاته خلال شهر يوليو الماضي بانكماش الاقتصاد العالمي بمعدل 1.4 في المائة خلال العام 2009 و نموه بمعدل 2.5 في المائة خلال العام الذي يليه. و فيما يتعلّق بالشرق الأوسط، راجع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي خلال العام 2010 إلى 4.2 في المائة (بارتفاع بلغ 0.5 في المائة عن تقديراته لشهر يوليو) في حين بقيت توقعاته للنمو الاقتصادي خلال العام 2009 دون أيّ تغيير عند مستوى 2.0 في المائة. عَكَس المستثمرون مسار السوق السعودي (السوق المتراجع الوحيد خلال الشهر الماضي)، حيث استعاد السوق عافيته مسجلا مكاسب بلغت 11.7 في المائة، وهي أعلى المكاسب التي تم تسجيلها على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي خلال شهر سبتمبر. وجاء السوق الإماراتي في المركز الثاني، مسجلاً نمواً بمعدل 10.3 في المائة في حين واصل السوق القطر الذي سجّل نموا بمعدل 9.9 في المائة، أداؤه الممتاز الذي بدأه منذ الشهر السابق. وعلى أساس العائد منذ بداية العام وحتى تاريخه، بقي السوق السعودي أفضل أسواق المنطقة أداءً حيث سجّل مكاسب بلغت 31.6 في المائة بينما بقي السوق البحريني السوق الوحيد المنخفض بتراجعه بمعدل 13 في المائة منذ بداية العام و حتى تاريخه. وبالتطلع إلى الأمام، نرى أنّه من المرجّح أن يبقى نشاط التداول في أسواق المنطقة محدد المدى حتى ظهور نتائج الربع الثالث من العام الحالي، و نتوقّع أن نشهد بعد ذلك نشاطا خاصّا للأسهم المتداولة مبني على النتائج التي سوف تتحقق. ويصعُب الاستناد إلى جميع أركان التنافسية في الوقت الذي تكون فيه مؤشراتها متفاوتة ما بين استقرار الاقتصاد الكليّ، و تطوّر السوق المالية، و كفاءة أسواق العمل، أيّ العناصر الثلاثة الأكثر تضررًا في ظل التباطؤ الاقتصادي الراهن. إن ما بدأ بوصفه أزمة اقتصادية و مالية في بعض الاقتصادات المُتقدِّمة، قد امتدّ تأثيره إلى الدول النامية و الناشئة على حدّ سواء، مما أدّى إلى عرقلة نموها، و تراجع التوظيف، و نصيب الفرد من الدخل القومي، و أسواق الاستهلاك و الائتمان، و تصاعد الضغوط الحمائية في سائر أنحاء العالم. وبحسب العدد الحالي من تقرير تصنيف التنافسية العالمية، بقي الأداء الاقتصادي لدول الشرق الأوسط و شمال إفريقيا متفاوتًا؛ حيث استطاعت أربع دول فقط من أصل إحدى عشرة دولة تحسين تصنيفها، في حين تراجع تصنيف الدول الأخرى إلى ما يتراوح بين درجة واحدة وستة عشرة درجة فيما حافظت دولة واحدة على ترتيبها. وبدت منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا متأثرة نوعا ما بالأزمة الاقتصادية العالمية أكثر من المناطق الناشئة الأخرى في العالم. ففي العديد من الدول المُصدِّرة للطاقة، تمخّضت الأرباح الاستثنائية المُحققة بفضل الوفرة النفطية، عن موجة من الإصلاحات استهدفت تعزيز القدرات التنافسية. و من المتوقّع أن تسجّل معظم دول المنطقة معدلات نموّ إيجابية خلال العام 2009. ومن الدول التي نجحت في تحقيق الإصلاح الاقتصادي، قطر والتي جاءت في المرتبة الثانية و العشرين بعد أن كانت تحتل المرتبة السادسة و العشرين في التصنيف السابق، تلتها دولة الإمارات العربية المتحدة التي احتلت المرتبة الثالثة و العشرين متقدِّمة من المرتبة الحادية و الثلاثين، ثم مصر في المرتبة السبعين متقدِّمة من المرتبة الحادية و الثمانين، و أخيرا ليبيا في المرتبة الثامنة و الثمانين متقدِّمة من المرتبة الواحدة و التسعين. و تراجع ترتيب بقية الدول التي تًعقّب المنتدى الاقتصادي العالمي أداؤها في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا بما يتراوح بين درجة و ستة عشرة درجة، و على رأسها سوريا التي احتلت المرتبة الرابعة و التسعين بعد أن كانت تحتل المرتبة الثامنة و السبعين، تلتها الكويت في المرتبة الثالثة و التسعين متقدِّمة من المرتبة الخامسة و الثلاثين، ثم عُمان و الأردن و اللذان تراجعا بثلاث درجات و درجتين ليصلا إلى ما دون المرتبة الحادية و الأربعين، و الخمسين. أما الكويت، صاحبة رابع أكبر احتياطي نفطي في العالم، فقد كان أداؤها ضعيفا خلال العام الحالي؛ حيث تراجع ترتيبها بمقدار أربع درجات لتحتل المرتبة التاسعة و الثلاثين. و وفقا للبيانات التي جمعها المنتدى الاقتصادي العالمي، تتمثل أكثر خمسة عوامل إشكالية في دولة الكويت في: البيروقراطية الحكومية غير الكفؤة، و قوانين العمل المُقيِّدة، و سُبل الحصول على التمويل، عدم ثبات السياسات، و القوى العاملة غير المؤهلة. و كان المؤشر الوحيد الذي استطاعت الكويت تحقيق أفضل أداء فيه، هو مؤشر استقرار الاقتصاد الكليّ؛ حيث احتلت الكويت المرتبة الثالثة من بين مائة ثلاثة و ثلاثين دولة. تصدّرت قطر، صاحبة ثالث أكبر احتياطي للغاز في العالم، دول المنطقة، متقدّمة بأربعة مراكز مقارنة بترتيب العام السابق. و تواصل قطر الصمود بقوة أمام الأزمة الاقتصادية بفضل وفرة مواردها من الغاز الطبيعي؛ حيث تتجاوز مدة نضوب الغاز المائة عام. و تتمتع البلاد بوضع اقتصادي جيّد؛ حيث أنها في منأى من التقلّبات السعرية قصيرة الأجل بفضل عقود بيع الغاز المُبرمة على المدى الطويل. و بفضل التدفّق المستمر لإيرادات الغاز و الفائض المُحقق منها، تمضي البلاد في الاتجاه الصحيح في العديد من مجالات التنافسية. فقد احتلّ تحديث الإطار المؤسسي المرتبة التاسعة، كما صار أداء أسواق السلع و العمل أكثر كفاءة مقارنة بأدائها في العام السابق لتحتل المرتبة الحادية و العشرين و الرابعة عشرة على التوالي. إضافة إلى ذلك، قطعت البلاد شوطا كبيرا في استخدام أحدث التقنيات، مثل الهاتف النقال (الذي حلّ في المرتبة الثانية) و تطبيقات الحزمة الواسعة (المرتبة السابعة الثلاثين)، و الانفتاح على الاستثمار الأجنبي. استطاعت دولة الإمارات العربية المتّحدة، صاحبة سادس أكبر احتياطي نفطي في العالم، تحسين ترتيبها بمقدار ثمانية درجات لتعتلي المرتبة الثالثة و العشرين متقدِّمة من المرتبة الحادية و الثلاثين في التصنيف السابق. و يكمن السبب الرئيسي في تحسّن أدائها في هذه المرة إلى سعيها الدءوب من أجل تطوير المؤسسات و البنية التحتية في البلاد، و رفع مستوى الجاهزية التقنية، و تعزيز القدرة الابتكارية طيلة السنوات القليلة الماضية، الأمر الذي سوف يساعدها على الحفاظ على مميزاتها التنافسية على المدى الطويل. و على الرغم من ذلك، مازالت الإمارات تواجه مشاكل تتعلّق باستمرارية المالية العامّة، و سُبل الحصول على التمويل، و القوى العاملة غير المؤهلة، و قوانين العمل المقيّدة و الأهم من كّل ذلك، التضخّم. تتميّز دول منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا، و خصوصا دول مجلس التعاون الخليجي، بكونها دول ذات اقتصاد كليّ قوي للغاية بفضل التدفّق المستمر للعائدات النفطية بالدولار، غير أنّها تواجه خمس مشكلات مختلفة و هي: قوى عاملة تفتقر إلى القدر الكاف من التعليم، و التضخّم، و قصور سُبل الحصول على التمويل، و البيروقراطية الحكومية غير الكفؤة، و قوانين العمل المقيّدة. و ينبغي لهذه الدول أن تتخذ الإجراءات اللازمة للتصدي لهذه المشكلات إذا ما أرادت بلوغ مراتب متقدمة في هذا التصنيف. وشهدت بورصات دول مجلس التعاون الخليجي تداول 21.4 مليار سهم خلال شهر سبتمبر من العام 2009 مقابل 22.2 مليار سهم فقط خلال الشهر السابق، كذلك تراجعت قيمة الأسهم المتداولة في هذه البورصات إلى 29.7 مليار دولار أمريكي خلال شهر ديسمبر مقابل 38.4 مليار دولار أمريكي المسجلة خلال الشهر السابق، و يعزى هذا الانخفاض بصفة أساسية إلى قلة أيام التداول بسبب إجازة العيد. وكان معامل اتساع سوق الأوراق المالية لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي إيجابيا للغاية خلال شهر سبتمبر من العام 2009، حيث سجل عدد 370 سهم أرباحا شهرية مقابل تراجع 1 سهم بينما بقي 194 سهم بدون تغيير.