من أكبر المشاكل التي يُعانيها الشعر الشعبي عدم تفريق بعض مُتلقيه وخلطهم بين شخصية الشاعر وبين الإنتاج الشعري الذي يصدر عنه، فتجد هناك من يتعصب للشاعر لا لكونه مُبدعاً فقط، ولكن لأنه ينتمي للقبيلة ذاتها أولاً ثم لأنه مُبدع ثانياً (أو حتى أخيراً)، و لم يعد مُستغرباً وجود من يتعصب للشاعر ويدافع عنه بكل ما أوتي من استطاعة حتى لو كان مُستشعراً فقير الموهبة، فانتساب الشاعر للقبيلة في نظر بعض الأشخاص كفيل بقبول شعره والذود عنه حتى لو كان ذلك الشعر بارداً وهزيلا. وتبرز هذه المسألة وتتجلى بشكل كبير أثناء إقامة المُسابقات الشعرية، إذ يرى البعض في التصويت للشاعر الذي ينتسب للقبيلة فرضاً لا يجوز تركه، بغض النظر عن تمكن ذلك الشاعر ومقدرته الشعرية، وبغض النظر عن بقية المُتنافسين على لقب المسابقة وجائزتها وإذا ما كان بينهم من هو أكثر شاعرية وإبداعاً منه، فما دام الشاعر يحمل اسم القبيلة فهو الأجدر بالفوز وهو الأفضل من بين جميع الشعراء على وجه الأرض في نظر أولئك المتعصبين. ولا يقتصر الأمر على ما ذكرت، لأن البعض يرون بأن الكاتب أو الناقد مُطالب بعدم التعرض لشعراء قبيلته والشعراء أصحاب النجومية الإعلامية بأي انتقاد أو أي كتابة تتحدث عن جوانب سلبية في أشعارهم أو مواقفهم، وإن قُدر له وتجرأ بالقيام بمثل هذا الفعل فإنه سُيعد من المغضوب عليهم، مع أن الشعر إبداع أدبي لا علاقة له باسم الشخص وقبيلته ومكانته الاجتماعية أو الإعلامية، ونقد الكاتب لقصيدة يعتقد أنها دون المستوى المأمول أو لآراء ومواقف يبديها الشاعر ولا يرى الكاتب صحتها لا يعني بالضرورة أنه عدو لذلك الشاعر أو أنه شاعر سيء على الإطلاق، فالكاتب في نهاية الأمر لا يُمكن أن يرضى بكتابة ما يُمليه عليه الآخرون دون قناعة منه، لأنه مُطالب بالتعبير عن رأيه الشخصي وما يعتقده في قرارة نفسه بصراحة وبدون أي تحرج، وفي ذات الوقت من الواجب عليه تقبل سماع الآراء المُخالفة لرأيه في حدود المعقول وبعيداً عن أي تعصب يتعلق بجوانب لا علاقة لها بالإبداع الشعري. أخيراً يقول الشاعر مسفر الجعيد: ما عاد تلقى فالزمن قلب صادق القلب واحد والولايف ثلاثين راحت قلوب الناس مثل الفنادق تستقبل الزوار لو هم ملايين!