اختتم مؤتمر مؤسسة الفكر العربي الذي انعقد في بيروت بالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية تحت عنوان حركة التأليف والنشر في العالم العربي، أعماله. شارك في هذا المؤتمر نخبة من الباحثين والمفكرين العرب من أقطار عربية مختلفة، وتميزت جلساته بأبحاث وآراء معمقة هدفت إلى معالجة أسباب الأزمة موضوع عنوان المؤتمر، وخرجت إلى معالجة الوضع الثقافي العربي العام. وشكل المؤتمر حدثاً ثقافياً عربياً بامتياز، إذ خرج بتوصيات أذاعها الدكتور سليمان عبدالمنعم مدير مؤسسة الفكر العربي في بلد المقر لبنان، معلناً عن مبادرة استراتيجية تحت عنوان «شركاء من أجل الكتاب العربي». وفي ختام المؤتمر عقد رئيس مؤسسة الفكر العربي صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مؤتمراً صحفياً بمشاركة وزير الثقافة تمام سلام وحضور وزيرة التربية الفلسطينية لميس العلمي وأمين عام اتحاد الناشرين العرب محمد سلماوي ورئيس اتحاد الناشرين العرب محمد عبداللطيف طلعت، وممثل مؤسسة عيسى الجابر للأعمال الخيرية شوقي عبدالأمير. أعلن الدكتور سليمان عبدالمنعم في المؤتمر الصحفي عن إطلاق مبادرة التعليم الوطني بالتعاون مع شركة INTEL العالمية بتوزيع 900 حاسوب شخصي على طلاب مدارس الدول العربية الأكثر احتياجاً للتطوير التقني ومنها مصر والأردن واليمن ولبنان وفلسطين والمغرب وموريتانيا. وعبّر الأمير خالد الفيصل عن سعادته في كل مرة يزور فيها لبنان، وفي كل مرة يتم فيها انجاز أحد المشاريع العائدة للمؤسسة التي احتضنها لبنان منذ ولادتها إلى اليوم. وهنأ سمو الأمير الجميع على نجاح المؤتمر، شاكراً لبنان، دولة ورئيساً وحكومة وشعباً، وخصوصاً وزارة الثقافة ووزيرها المتألق الذي شارك في نجاح المؤتمر. وأعلن سموه إطلاق مؤسسة الفكر العربي لجائزة جديدة تحت عنوان «جائزة أفضل كتاب عربي يصدر سنوياً» يخصص لها مبلغ مائة ألف دولار، داعياً اتحاد الكتاب العرب واتحاد الناشرين العرب إلى تأليف لجنة تضع مشروع هذه الجائزة ونظامها بغية الاحتفال في العام المقبل، أي في عام 2010م، وهو عام المؤسسة العاشر، بتقديم أول جائزة لأهم كتاب عربي صدر في عام 2009م. وأكد الأمير خالد الفيصل في كلمته أن الإنسان العربي إنسان مبدع عندما تُعطى له الفرصة، وسوف يكون دائماً متألقاً بين الأمم لأنه يستحق ذلك. وختم الأمير بالقول: نحن كلنا لفلسطين وسوف نستمر بهذا الأمل إلى أن تقوم الدولة الفلسطينية. وتحدث في المؤتمر الصحفي وزير الثقافة تمام سلام فأعرب عن سعادته بما حققه المؤتمر من نجاح، كما قدم للأمير خالد هدية رمزية هي عبارة عن شعلة تحمل شعار: «بيروت عاصمة عالمية للكتاب» كعربون محبة وتقدير. الجدير بالذكر أن مؤتمر مؤسسة الفكر العربي واصل أعماله قبل الجلسة الختامية بالعديد من الندوات حيث تبارى عدد من المثقفين العرب في الإجابة على موضوع الجلسة: «القراءة: أزمة قارئ أم أزمة كتاب» وهي واحدة من ندوات ندوة حركة التأليف والنشر في العالم العربي، التي دعت إليها مؤسسة الفكر العربي في بيروت بالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية. الذين شاركوا في هذه الجلسة كانوا: الدكتور عبدالله الغذامي (أكاديمي سعودي) والدكتورة أسماء الكتبي (أكاديمية إماراتية) وصقر أبو فخر (صحافي فلسطيني) والدكتور علي عقلة عرسان (كاتب سوري) ومود اسطفان (أكاديمية لبنانية) وعلي بن سليمان الصوينع (امين مكتبة الملك فهد الوطنية) والدكتور محمد الرميحي رئيس تحرير جريدة أوان الكويتية. الدكتور عبدلله الغذامي انتقد شعار المؤتمر: «كتاب يصدر/ أمة تتقدم». قال ليس الكون كله عبارة عن كتاب أو عن قراءة كتاب. نحن هنا نؤلف نادي الكتاب، ولكننا نسينا الأندية الأخرى والأكوان الأخرى وسقطنا في افخاخ. إننا نقول كلاماً يظل خارج المتغيرات الكونية. لذلك لا يجور حصر المسألة بالكتاب وحده على أساس أنه وحده هو الذي يقدم أو يؤخر. الحياة بدأت بالمشافهة. الآن ترافقت المشافهة مع الكتابية ثم مع البصريات. على أن القراءة ليست مجرد الحركة التلقائية على كلمات مصورة على ورق. العين تقرأ والأذن تقرأ أيضاً. محمود درويش كانت أمسياته الشعرية تُنقل كما تُنقل المباريات الرياضية. وتحدث صقر أبو خفر عن انقلاب خطير في الفكر شهده زماننا. في الماضي القريب كان الحديث عن «النهضة» و«التقدم» و«الديمقراطية» و«الوحدة العربية»، الآن الحديث هو عن «الحاكمية» و«الجهاد». انحسرت التيارات الفكرية، وانحسر الإبداع، وانحسرت الطبقة الوسطى. وهناك انحسار الآن للكتاب الجيد. الكتاب الجيد لم يعد يُطبع منه إلا اعداد قليلة جداً. وتحدث أبو فخر عن أمية المتعلمين، وبروز كتب من نوع آخر مثل كتب الطبخ والأبراج والخياطة والشعوذة والتنجيم. أما الدكتورة الكتبي فقالت إن لا عداء مع المعرفة من أية جهة أتت، مشيرة إلى أن الجيل الجديد يقرأ الآن في شبكة الانترنت أكثر مما يقرأ في الكتب. ورأى الصوينع أن في كل مراحل التطور الإنساني هناك جدل دائم بين وجهات نظر متبانية، مؤكداً أن المكتبات العامة ستبقى مصدراً للمعرفة والقراءة، وأن الكتاب الورقي سيظل سيد أوعية المعلومات. وتناول الدكتور محمد الرميحي مسألة ماذا يقرأ العربي والأصح السؤال عما يقرأ كل مواطن عربي في بلده لأن سقف الحريات في بلد قد يكون مرتفعاً أكثر في هذا البلد عنه في ذاك. وأكد على أن المشكلة الحقيقية تكمن في غياب الحريات، مما يؤدي إلى ضعف الإبداع. وتحدث الدكتور علي عقلة عرسان عما يجب أن يقدمه الكتاب فقال إن الكتاب الناجح هو الكتاب الذي يقدم المفيد والممتع والجديد، إنه الكتاب الذي يجعل القارئ يلهث وراءه لكي يحصل عليه. وأضاف أن هناك أزمة بحاجة إلى حلول سياسية، وإلى تعاون القطاعين الأهلي والعام لحلها. وكانت الجلسة الأخيرة من جلسات ندوة «حركة التأليف والنشر في العالم العربي» طاولة شبه مستديرة شارك فيها مفكرون من أقطار عربية مختلفة منهم الدكاترة والأساتذة: علي فخرو (البحرين) رضوان السيد (لبنان) ماجدة الجندي (مصر) وائل الأبرشي (مصر) محمد سلماوي (صر) معتصم سليمان (الأردن) ومحمد طلعت عبداللطيف (مصر). وقد غادر صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة ورئيس مؤسسة الفكر العربي بيروت يوم أمس بعد ترؤس سموه لنشاطات مؤتمر حركة التأليف والنشر في العالم العربي الذي نظمته مؤسسة الفكر العربي واختتم أعماله في بيروت. وكان في وداع سموه في مطار بيروت الدولي صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن خالد الفيصل عضو مجلس أمناء مؤسسة الفكر العربي ورئيس اللجنة التنفيذية لمؤتمرات فكر ووزير الثقافة اللبناني تمام سلام وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى لبنان علي بن سعيد عواض عسيري والأمين العام لمؤسسة الفكر العربي الدكتور سليمان عبدالمنعم وأعضاء السفارة.