في قمة العشرين حضرت أشياء كثيرة، وغُيبت أكثر منها، فالأزمة حدثت بسبب خلل بنظم مالية وسياسات خاطئة، ولأن أمريكا قاطرة اقتصاد العالم فقد تداعت وجرت معها بقية الدول، وقد جاء التصرف محيّراً لأن المبادرات لم تقرأ الواقع قبل وقوع المشكلة، ولذلك ظهرت اجتهادات ربما عند المتفائلين قد تحدث تحسناً في السنوات القريبة القادمة، بينما المتشائمون يرون أن الأسس تحتاج إلى تبديل واستحداث نظم تتوافق مع العولمة، وبروز قوى دخلت سوق المنافسة في ميادين الابتكار والإنتاج والتسويق.. الغائب في القضية، إلى جانب المبالغة في رؤية الاقتصاد الأمريكي وكأنه المارد الجبار، أن المغامرات العسكرية، والتوسع بإنتاج وتطوير الأسلحة وإثارة الحروب، كانت عنصراً في الأزمة إذ إن ما صرف على حربي العراق، وأفغانستان، كان بإمكانه بناؤهما كأقطار مثالية، وغير معسكرة، أو اتخاذهما حرب استنزاف طويلة بدأت تثير الأسئلة حول جدوى وجود تلك القوات، وكما انهار الاتحاد السوفياتي مع قوته بسبب نظرية غير قابلة للتطبيق، وكذلك الصرف العبثي على التسلح، والأحزاب الشيوعية الخارجية، ونمو طبقة حزبية أشد ثراء وأكثر غباءً من الرأسمالية التي سبقت الثورة البلشفية، فإن سقوط تلك الدولة العظمى جاء بسبب الخراب الاقتصادي والإدارة الفاسدة، والرأسمالية بقطبها الأمريكي، تمر بنفس الأزمة، ولم تكن الأفكار التي انفجرت من داخل تلك الدولة ومؤسساتها لدرجة إعادة النظر بمشروعية الرأسمالية والعودة لقراءة النظريات الماركسية، يعني أن الصورة ليست زاهية وبفقدان البديل ستظل الأزمة قائمة، وبالتالي لا بد من لجم المصروفات التي تتجه إلى بناء شركات معينة صارت تصنع وتؤثر على قرارات تلك الدول المتقدمة.. الدول العشرون الأعضاء لم يكن عملية جلبها للمشاركة في معالجة الأزمة المالية من باب الرد المعنوي للأعضاء الجدد، وإنما لإدراك أن المشاركات الدولية في أمور كهذه من دول لديها القدرة على صياغة حلول تتفق ومعايير الأهداف التي تتجه إليها المصالح الدولية.. أما عالم الفقراء، والذين استنزفت مواردهم وثرواتهم، فهم خارج مائدة الكبار، ومع أن العالم متلازم الأدوار، إذ إن إتساع دائرة الفقر تُعد إضافة أزمة عالمية، ويكفي التمثيل بالصراع على إفريقيا المنجم الأكبر للمواد التي تحرك الصناعة، فقد دخلت الصين لمقايضة هذه المواد في بديل آخر أي إقامة بنية أساسية، مطارات، طرق، موانئ، وغيرها، وهي خطوة تتعارض مع ما جرى من علاقات أوروبية - أمريكية مع إفريقيا، وهذا يؤكد أن التنافس قد يكون لصالح الدول الفقيرة التي تملك هذه الثروات، لكن بالرغم من وجود كل الملفات على قائمة العشرين فإن دول العالم الثالث خارج تفكيرها أو الاهتمام بها..