أُسدل الستار أمس الأول الثلاثاء على انتخابات "اليونسكو" بعد انتصار المرشحة البلغارية إيرينا بوكوفا، التي كانت تشغل منصب وزير الثقافة في بلدها قبل تعيينها سفيرة لبلدها في المنظمة، إلى أن تم انتخابها مديرا عاما لليونسكو بفارق بسيط عن المرشح العربي فاروق حسني وزير الثقافة المصري، حيث حصلت على (31) صوتا مقابل 27 صوتا لوزير الثقافة المصري. وكان السفير السعودي لدى اليونسكو الدكتور زياد بن عبدالله الدريس قد فاجأ سفراء الدول الأعضاء في المجلس التنفيذي بطلب كلمة قبل بدء عملية التصويت، الأمر الذي أثار دهشة الحضور لما سيكون عليه موقف المملكة العربية السعودية في هذه اللحظات الحاسمة.. إلا أن كل مشاعر القلق تبددت فور سماعهم عبارة طريفة بدأ بها تعليقه بقوله "اطمئنوا لن أعلن انتخابي" الأمر الذي أسهم في إضفاء أجواء إيجابية مرحة على المجلس.. وكان مما قاله: لقد كانت أياما عصيبة طوال الخمس جولات من الانتخاب التي أمضيناها سويا ..لكنها لم تخل من الإثارة الممتعة واللذيذة ، واليوم أيا كان الفائز .. فكلنا فائزون". وأضاف: "إنني أتحدث هنا باسم المملكة العربية السعودية ، بلد التسامح والحوار ، الوطني والدولي ، أريد أن أجدد مشاعرنا الأليفة، ونطهر قلوبنا من أعراض الانتخابات. أريد أن نستحضر ذاكرتنا الأسرية الحميمة في بيت اليونسكو ، الذي يجمعنا. نريد أن نقول للعالم اليوم: إن اليونسكو هي حقا بيت التربية والثقافة العالمي. نريد أن نقول لأنفسنا داخل اليونسكو ولمن خارجها: الانتخابات تجمعنا .. والنتائج لا تفرقنا . والفائز اليوم بالمنصب أيا كان الفائز سيخدم اليونسكو وكافة أعضاء اليونسكو. وهو لم يصل إلى هذه المرحلة من السباق التنافسي الساخن إلا وهو جدير بأن يتبوأ رأس منظمة عريقة وكبرى كمنظمتنا العزيزة .. أكرر الامتنان والفرح لروحنا العائلية الواحدة ، وشكرا. وسادت القاعة موجة من التصفيق والإشادة عقب كلمة المملكة الاستثنائية، وانشغل أعضاء المجلس التنفيذي بكلمة السفير السعودي، وعبروا عن ذلك في تصريحاتهم لوسائل الإعلام العالمية التي تواجدت خارج القاعة في انتظار نتائج الاقتراع السري.. نتائج حاسمة وكانت الجولة الخامسة والأخيرة التي جرت في أجواء انتخابية أعادت العرب إلى انتخابات عام 1999 قد حسمت التنافس على هذا المنصب الرفيع لصالح المرشحة البلغارية ، وهو ما لم يكن متوقعا بحسب نتائج الجولات الثلاث الأولى، إلا أنها صعدت بسرعة في الجولة الرابعة الماضية بعد انسحاب المرشحين الآخرين، وخاصة مرشحة النمسا ومرشحة الأكوادور، مما أفسح الطريق أمامها لكسب الأصوات الأوروبية وبعض أصوات دول أمريكا اللاتينية في الجولتين الرابعة والخامسة. وبرغم الهزيمة إلا أن العرب أثبتوا أخيرا أنهم قادرون على الاتفاق، عندما اتّحدوا بقوة لمناصرة مرشّحهم حتى آخر لحظة، حيث تواصلت الجهود على مستوى المندوبيات وأعضاء المجلس التنفيذي العربي ممثلة في: مصر والسعودية وتونس والكويت ولبنان والمغرب والجزائر، وكانت كل المؤشرات تسير في اتجاه فاروق حسني، وبدا ذلك واضحا بشدة في الجولة الأولى عندما حصل على (22) صوتا فيما لم يحصل أي من المرشحين الثمانية على أكثر من (8) أصوات، إلا أن الأمور تغيّرت في بقية الجولات. وسادت عقب إعلان الفوز أجواء احتفائية بين الأوساط الدبلوماسية والرسمية داخل اليونسكو، بهذا الفوز الذي يعد الأول في تاريخ المنظمة تعتلي فيه امرأة هذا المنصب بالغ الأهمية، خاصة أن المنظمة تعد أكبر جهاز دولي معني بالتربية والثقافة والعلوم وهي تتعاطى مع موضوعات حسّاسة بالغة التعقيد والأهمية.