في الأعياد والمناسبات يكثر استخدام الألعاب النارية، ويجد فيها الأطفال مجالاً رحباً للتسلية واللعب والمرح والترفيه. لكن هذه الألعاب تعتبر أحد مصادر الخطر التي قد تتسبب في إصابات مؤلمة في أماكن حساسة من الجسم كالوجه والفم والعينين، فطلقة طائشة من تلك الألعاب قد تصيب عين طفل أو تشوه وجهه أو تتسبب له في إصابة مؤلمة في مكان ما في جسمه يتجرع مرارتها طوال حياته وتنكد عليه صفو عيشه كما أن تلك الطراطيع قد تتسبب في اندلاع حوادث الحريق إذا ما وقعت على جسم قابل للاشتعال، وللأسف ورغم التحذيرات والتنبيهات من قبل الدفاع المدني بخطورة تلك الألعاب النارية والحوادث والإصابات المؤلمة التي تحدث بسببها لا يزال كثير من أولياء الأمور لا يبالون في تحذير أطفالهم من استخدامها، بل والبعض منهم يحرص على تأمينها لهم حرصاً على إرضائهم وتلبية لمطالبهم. ورغم التضييق على المحلات من قبل أقسام السلامة في الدفاع المدني في منع بيع تلك الألعاب إلا أنها تروج بطرق غير مشروعة من قبل بعض كبيرات السن في البيوت ومن قبل بعض العمالة الوافدة. قصتنا لهذا اليوم حدثت لعائلة أبي عبدالله، ففي إحدى ليالي العيد وبعدما تم الإعلان عن رؤية الهلال وارتسمت البسمة على الشفاه وغمرت الفرحة النفوس ابتهاجاً بحلول العيد واخذ الناس يتبادلون التهاني والتبريكات عبر الرسائل والمكالمات، انطلق أبو عبدالله ومعه أولاده الثلاثة إلى السوق لشراء بعض الحاجيات والمستلزمات، وبينما هم في جولتهم للتسوق همس عبدالله في أذن والده قائلاً: يا أبي نريد أن نشتري ألعاباً نارية! لم يرق هذا الطلب لأبي عبدالله فحاول إقناع ابنه بان تلك الألعاب قد تجلب له الضرر أو قد تتسبب له في أذية، لكن الابن أصر على ذلك، وأصر معه أخواه، وبعد جدال طويل رضخ الأب لطلب الأبناء، وأخذ يبحث عن مكان يبيع تلك الأشياء من محل إلى محل لكنه لم يجد مبتغاه فقال عبدالله لأبيه يا أبي جارتنا أم ماجد تبيعها وأولاد الحارة دائماً يشترون منها في الأعياد والمناسبات. توجه أبو عبدالله لمنزل تلك العجوز وأعطى أولاده مبلغاً من المال اشتروا ما يكفيهم منها. عاد الأب وأولاده إلى المنزل، وكان الأولاد متلهفين للعب بما اشتروه من ألعاب وينتظرون متى تشرق شمس صباح العيد فخلدوا للنوم. بعد أن أدى أبوعبدالله صلاة العيد مع المصلين، أخذ عائلته وانطلق بهم إلى منزل أجدادهم للسلام عليهم وتهنئتهم بالعيد السعيد، وكانت جيوب أولاده ممتلئة بتلك الألعاب وكلهم شوق إلى إشعالها والعبث بها والتراشق بها مع أولاد الحي، وبعد أن وصلوا إلى منزل أجدادهم وهنأوهم بالعيد ذهبوا للعب واللهو مع الأولاد في الخارج. تجمع الأولاد وبدأوا يتراشقون بالألعاب بمختلف أنواعها وأشكالها، ومع اشتداد اللعب أصيب عبدالله في عينه جراء طلقة طائشة من تلك الطراطيع، فأجهش بالبكاء ووضع يده على عينه وانطلق إلى أبيه. اضطرب الأب لما حدث لابنه وانطلق به مسرعاً إلى المستشفى، وكله قلق مما حدث له وهو متوجس من أن الابن سيفقد بصره فالإصابة كانت شديدة. وفي طريقه إلى المستشفى أخذ يوجه لابنه عبارات اللوم والتوبيخ قائلاً الم اقل لك أن تلك الأشياء ليس فيها خير لك؟ ها قد حصل ما كنت أخشاه، من الآن فصاعداً لا تطلب مني شراءها أبداً. وصل الأب إلى المستشفى وادخل الابن قسم الطوارئ والإسعاف وأجريت له الفحوصات الطبية التي كشفت عن وجود شظايا من تلك الطراطيع داخل العين فقرر الطبيب إجراء عملية جراحية لإزالتها. ادخل الابن غرفة العمليات فخيم الهم والحزن على الأب وبدأ يلوم نفسه لأنه جلب لأولاده ما يضرهم. وبينما أبوعبدالله في انتظار خروج ابنه من غرفة العمليات شاهده صديقه أبو حسام فجاء إليه وسأله عن سبب وجوده في المستشفى فقال ابني في غرفة العمليات جراء إصابته أثناء لعبه بالطراطيع فرد أبو حسام قائلاً لعنة الله عليها حتى أنا ابني أصيب في وجهه أثناء لعبه بها مع الأولاد، والحمدلله كانت الإصابة خفيفة، وهو الآن بخير كما ترى، فقال أبو عبدالله الحمدلله على سلامته، ولكن يا أبا حسام نحن السبب فيما حدث لأولادنا فليس لهم ذنب فهم لا يدركون خطورة هذه الألعاب النارية والأجدر بنا ألا نسمح لهم بشرائها ولا نمكنهم من اللعب بها. خرج الابن من غرفة العمليات بعد أن أخرجت الشظايا من عينه لكنه فقد بصره وأصبح يرى بعين واحدة فقط. طلقة طائشة أفقدت عبدالله بصره. طلقة طائشة.. غيبت فرحة العيد لعائلة أبي عبدالله وخنقت الابتسامة وأحلت مكانها الدمعة. طلقة طائشة.. نكدت حياة عبدالله وشوهت وجهه فتنغصت عليه عيشته. كما عشنا أيها الأحبة أحداث هذه القصة التي ربما عايشتم أو سمعتم الكثير من أشباهها، لعلكم أدركتم خطورة تلك الألعاب النارية على أولادكم فاحرصوا على حفظ أولادكم من خطرها وأبعدوهم عن اللعب مع الأولاد الذين يستخدمونها حرصاً على سلامتهم. في الختام نهنئكم بقرب حلول عيد الفطر المبارك، ونتمنى لكم السلامة والأفراح الدائمة، وإلى اللقاء في المقال المقبل .. والسلام عليكم.. وللتواصل : [email protected]