يحرص بعض الناس على اتباع قواعد وتعليمات السلامة ويزداد اهتمامه بها خاصة عندما يسكن منزلاً جديداً، لكنه وللأسف مع مرور الأيام وسريان الأمور على ما يرام يقل اهتمامه بها، ويتراخى في صيانتها والحرص عليها. تدور أحداث قصتنا هذا اليوم في منزل أبي عبدالله. أبوعبدالله لديه زوجتان وقد بنى منزلاً مكوناً من دورين. انتقل إلى منزله الجديد مع زوجتيه وأسكن إحداهن في الدور الأرضي والأخرى في الدور الثاني. حرص أبو عبدالله في بداية الأمر على تأمين وسائل السلامة، وكان كثيراً ما ينبه زوجتيه على إبعاد مصادر الخطر من متناول الأطفال خاصة أعواد الثقاب والولاعات وأسلاك الكهرباء والأدوات الحادة والمنظفات. مع مرور الأيام بدأ اهتمام أبي عبدالله في الحرص على وسائل السلامة يقل وبدأت تنبيهاته لزوجتيه في اتباع قواعد وتعليمات السلامة تقل أيضاً. رزق أبو عبدالله من إحدى زوجتيه بطفل مصاب بعيب خلقي في القلب فقرر الطبيب المشرف على حالته تحويله إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي بمدينة الرياض. حول الطفل إلى المستشفى ورتبت له مواعيد مجدولة لمتابعة حالته. وفي أحد الأيام بدأ أبو عبدالله يحزم أمتعة سفره مع زوجته للذهاب إلى الرياض لحضور أحد المواعيد لمتابعة حالة طفله. ترك أبوعبدالله عائلته ونبه زوجته الثانية بالاهتمام بأولاده من زوجته الأولى حتى عودته من الرياض. انتقل أبو عبدالله وزوجته الأولى مع ابنه الأكبر إلى المطار مبكراً حتى يستعد لإنهاء إجراءات السفر هناك حتى لا يفوته موعد الرحلة. قامت زوجته الثانية بالنزول إلى الدور الأرضي لتلمس حاجيات أولاد زوجها وإعداد وجبة الغداء لهم فأغلقت الباب على أولادها في الدور الثاني. رجع الإبن إلى المنزل بعد أن أوصل أباه وأمه إلى المطار وانشغل بتصفح مواقع الانترنت. وبينما الأم في الأسفل تعد وجبة الغداء والإبن الأكبر يتصفح مواقع الانترنت امتدت أيدى العبث من الأولاد الصغار وبدأوا يلعبون ويلهون داخل المنزل بدون رقيب. وقعت الولاعة في يد أحدهم فبدأ يشعلها ويطفئها دون إدراك لخطرها، وبينما هو كذلك امتدت يداه إلى إحدى الصحف المرمية في أحد الغرف فقام بإشعال النار فيها.. فاندلعت النار في الصحيفة بكاملها.. فأحضر أخوه بطانية ورماها على النار فبدأت النار تشتعل فيها، فازداد اللهب وبدأت الأدخنة تتصاعد فبدأت تتعالى صيحات الصغار وبدأوا يطرقون الباب بشدة. سمع أخوهم المنشغل بتصفح مواقع الانترنت صراخهم فقام على الفور بالذهاب إليهم ليرى ما الذي يحصل!! وعندما وصل إلى الباب شاهد الأدخنة تتصاعد عبر فتحاته. أصابه الهلع فنسي أن يتصل على عمليات الدفاع المدني (998) وهرع مسرعاً إلى الأم وأخبرها بأن النار قد اندلعت في منزلها والتي هي بدورها انطلقت مسرعة لتفتح الباب لترى ماذا حل بطفليها الذين تركتهما هناك. حاول الابن مباشرة إطفاء النار عن طريق تشغيل مضخة الماء (دينمو المنزل) وسحب اللي إلى الدور الثاني لكنه أثناء قيامه بذلك تعثر على الدرج فسقط على رأسه فأغمي عليه لكنه سرعان ما عاد إلى وعيه وانطلق مسرعا ليرى ماذا حل بالأطفال. بعد أن تصاعدت الأدخنة وازداد اللهب شاهد أحد الجيران الحادث فاتصل فورا على عمليات الدفاع المدني (998). فتحت الأم الباب فوجدت أحد طفليها في صالة المنزل وقد ازرقت عينيه من جراء الأدخنة أما الآخر فكان في وسط الغرفة المحترقة فأرادت الأم اقتحام الغرفة فحاول الإبن منعها حرصاً على سلامتها لكنها أصرت على موقفها ونحته جانباً فاقتحمت الغرفة وأخرجت طفلها واذا به كقطعة فحم لا يرى فيه إلا السواد لكنه ما زال على قيد الحياة. وصلت في هذه الأثناء فرق الدفاع المدني فقامت على الفور بمباشرة الحادث حيث تم نقل الطفل إلى المستشفى بواسطة إسعاف الدفاع المدني وقامت فرق الإطفاء بعمليات الإخماد. في هذه الأثناء عاد اخو أبو عبدالله الذي يسكن بجوار أخيه من عمله وتفاجأ بما رآه فاتصل فورً على أخيه الذي كان قد ركب الطائرة مستعدا للسفر فسأله عن سبب تواجد فرق الدفاع المدني حول منزله فتفاجأ بالخبر فحاول النزول من الطائرة لكن ملاحي الطائرة منعوه من ذلك. أقلعت الطائرة واضطر أبو عبدالله لإغلاق هاتفه النقال لكنه كان قلقا طوال فترة الرحلة. ذهب الأخ للاطمئنان على ابن أخيه في المستشفى فاخبره الطبيب المشرف على حالته بأنه مصاب بحروق من الدرجة الثالثة ولكن وجهه لم يصب بأي أذى ولله الحمد. عندما وصل أبو عبدالله إلى مطار الملك خالد الدولي بالرياض قام فوراً بالاتصال على أخيه ليعرف ماذا حدث فطمأنه أخوه وقال له إن الوضع بسيط لكنه مازال قلقاً ظاناً أن أخاه يخفي عنه بعض الأمور وعاد على متن أقرب رحلة إلى بلدته. عندما عاد أبوعبدالله توجه فورا إلى المستشفى واطمأن على صحة ابنه. أجريت للطفل العناية الطبية اللازمة وتماثل للشفاء بعد شهرين من المتابعة المستمرة. أيها الأحبة كما عشنا أحداث هذه القصة الواقعية المؤلمة يتبين لنا الآتي:- ينبغي الحرص على تأمين وسائل السلامة والعناية بها باستمرار فالحادث قد يحدث في أي لحظة. ينبغي إبلاغ عمليات الدفاع المدني (998) فور وقوع الحادث فالتأخر في البلاغ يكلف الكثير. لا ينبغي ترك الأولاد بمفردهم بل ينبغي الإشراف عليهم ومتابعتهم باستمرار. يجب إبعاد مصادر الخطر عن متناول أيدي الأطفال. عند وقوع الحادث ينبغي التحلي بالهدوء وضبط النفس والتعامل مع الوضع بالعقل والحكمة لا بالتهور والعاطفة. في الختام جعل الله السلامة طريقاً لنا جميعاً، ونسأل الله للجميع صياماً مقبولاً ورحمة ومغفرة وعتقاً من النار، وإلى اللقاء في المقال القادم.. والسلام عليكم.. وللتواصل/ [email protected]