هيمن التوتر بين العراق وسورية علي اجتماعات وزراء الخارجية العرب التي عقدت أمس بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية حيث أجرى الأمين العام عمرو موسى سلسلة مشاورات في هذا الإطار بدأها باجتماع مغلق مع وزير خارجية العراق هوشيار زيباري أعقبه اجتماع رباعي ضم موسى وزيباري ووزير الخارجية السوري وليد المعلم ووزير الخارجية التركي احمد داوود اوغلو الذي تتوسط بلاده من أجل تسوية الأزمة بين البلدين الشقيقتين ثم انضم إلى الاجتماع الرباعي عدد من وزراء الخارجية العرب الآخرين لاحتواء التوتر والاتفاق على الخطوات اللازمة لذلك. وأكد الجميع ضرورة حل هذه الأمة بأسرع ما يمكن. وقالت مصادر بالجامعة إن مشاركة تركيا في هذا الاجتماع تأتي في إطار التعاون بينها والجامعة العربية؛ من أجل إزالة الخلافات بين العراق وسورية، وتطويق الخلاف وإعادة العلاقات بين سورية والعراق إلى وضعها الطبيعي كعلاقات بين دولتين عربيتين جارتين شقيقتين. وكشفت مصادر في الجامعة أن وزراء الخارجية دعوا الوزير العراقي خلال الاجتماع الموسع إلى عدم الاتجاه إلى تدويل الأزمة وخاصة بعد مطالبة زيباري مؤخرا بتشكيل محكمة جنائية دولية لمحاكمة المسؤولين عن جميع التدخلات التي تحدث بالعراق، وأكد الوزراء أن هذه المشكلات يمكن حلها بالحوار، لأن الوضع في المنطقة العربية لا يحتمل مزيدا من تدويل الأزمات. وعلمت "الرياض" أن الاجتماع الثلاثي الذي ضم وزيري خارجية العراق هوشيار زيباري والسوري وليد المعلم والأمين العام للجامعة عمرو موسى استعرض أسباب الأزمة الراهنة حيث عرض كل طرف موقفه وطلب سورية من العراق تقديم دليل يفيد بأن التفجيرات قام بها العناصر المطلوبة والمقيمة في سورية. وقال مصدر عربي شارك في الاجتماع أن الوزير المعلم أشار إلى أنه في حالة وجود أدلة على ضلوع هذه العناصر في التفجيرات فإنه يمكن محاكمتها على الأراضي السورية، فيما وعد الجانب العراقي بتقديم أدلة دامغة تؤكد ضلوع هذه العناصر في التفجيرات، كما حرص العراق في نفس الوقت على حل الأزمة بالطرق الدبلوماسية والسلمية. وأضاف المصدر أن الأمين العام للجامعة ووزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو تمكنا من إحراز تقدم لنزع فتيل التوتر بين البلدين والاتفاق على التهدئة وإعادة السفراء مرة أخرى واستمرار الحوار بين الجانبين بمشاركة الأمين العام للجامعة العربية. كما علمت أن الاجتماع عقد مرحلتين الأولى لاستعراض أسباب الخلاف، والثانية لبلورة صياغة للتهدئة وتطويق الأزمة وإعادة العلاقات إلى طبيعتها. وأشارت المصادر إلى أن موسى أكد أن الجامعة العربية سوف تواصل مساعيها بالتنسيق مع كل الأطراف الأخرى ، مشددا على أنه لا يوجد تنافس بين الجامعة وتركيا في معالجة الأزمة السورية العراقية. من جانب آخر، أكدت مصادر دبلوماسية إن قرار وزراء الخارجية العرب بشأن عملية السلام سيوضح الموقف العربي المتمسك بمبادرة السلام العربية والمطروح فيها إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل بعد انسحابها من جميع الأراضي العربية المحتلة عام 1967 مع رفض أي خطوات تطبيع جزئية مقابل الوقف المرحلي للاستيطان. وأضافت المصادر أن الدول العربية ستطلب من إسرائيل، قبول مبادرة السلام العربية دون أي تحفظات ووقف الاستيطان بكافة أشكاله وأنواعه طوال فترة المفاوضات، مؤكدين على ضرورة أن يتم إعلان الدولة الفلسطينية في فترة لا تتجاوز العامين. وفي موضوع آخر، أجرى وزراء الخارجية العرب مشاورات مكثفة حول الوضع في اليمن رغم أن الوضع في منطقة صعده اليمنية لم يدرج على جدول أعمال الدورة. وعرض وزير الخارجية اليمني على الاجتماع تطورات الأحداث وملابسات التدخل الإقليمي في الموضوع. وجاءت هذه المشاورات مع التأكيد أن النقاش العربي حول هذا الموضوع هو من قبيل دعم اليمن وسيادته لا من قبيل التدخل في شؤئونه الداخلية. ويأتي هذا التحسس العربي في التعامل مع الأزمة وفقا لما ذكره مصدر دبلوماسي في الجامعة العربية لأن اليمن حريص على عدم تعريب الأزمة أو أقلمتها حتى لو بحسن نية، خوفا من خروجها عن السيطرة، ولأن هذا في حد ذاته تعبير عن ضعف الدولة، لافتا الى أن الجامعة كانت عرضت على اليمن التدخل في الأزمة وإمكانية التوسط لدى الحوثيين ولكن اليمن رفض بشدة. من جهة أخرى عقد وزراء الخارجية بالدول العربية جلستهم المغلقة الأولى مساء امس بمقر جامعة الدول العربية برئاسة وزير خارجية سوريا وليد المعلم وذلك لإقرار مشروع جدول أعمال الدورة 132 لمجلس الجامعة العربية الذي يتضمن 28 بندا تتناول مختلف قضايا العمل العربي المشترك. وتناولت مناقشات المجلس في جلستهم المغلقة الأولى تطورات القضية الفلسطينية وجهود إحياء عملية السلام في ظل الحراك السياسي الأمريكي والدولي لوقف الاستيطان، كما تركزت في تنسيق المواقف العربية في الاجتماعات القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث ينتظر الجميع خطة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للسلام في الشرق الأوسط، والاجتماع الرفيع المستوى لمجلس الأمن الدولي في الرابع والعشرين من سبتمبر الجاري؛ لمناقشة قضايا منع الانتشار النووي ونزع السلاح. ومن المقرر أن تعقد اللجنة الوزارية العربية الخاصة بالسودان اجتماعا لها صباح اليوم الخميس لمناقشة جهود إحلال السلام في الجنوب، ومتابعة تطورات قضية دارفور، والتحضيرات الخاصة بمفاوضات دارفور التي تنطلق في الدوحة الشهر المقبل. كما تعقد اللجنة الوزارية العربية الخاصة بتفعيل نظام أقمار اصطناعية عربية لمراقبة كوكب الأرض اجتماعا لها صباح اليوم.