يتصرف حلف شمال الأطلنطي «الناتو» مثل فتوات الحارات بمصر على المستوى الدولي فلقد سبق له التدخل في الماضي القريب بالصرب وفرض إرادة الولاياتالمتحدةالأمريكية به، ولقد ناقشنا هذا الأمر في حينه في مقال سميناه «الناتو اسم الله عليه اسم الله عليه» وهو الهتاف الذي يتردد في حواري مصر عندما يصعد أحد الأقوياء من أبناء الحارة إلى مركز «فتوة الحارة». الغريب أن دور الناتو قد انتهى بصورة عملية منذ سقوط الاتحاد السوفيتي على يد ميخائيل جورباتشوف في عام 1991م نتيجة انتهاء انشطار العالم إلى معسكرين غربي بزعامة الولاياتالمتحدةالأمريكية وشرقي بزعامة الاتحاد السوفيتي وقد غاب بالفعل حلف وارسو، وظل حلف شمال الأطلنطي الناتو وتوسعت العضوية به من أدوار قامت بها واشنطن لتحوله إلى قوة دولية رادعة دون أي استناد إلى الشرعية القانونية نزلت على أفغانستان مذبحة جوية قام بها حلف الناتو ذهب ضحيتها 90 قتيلاً من بينهم 40 مدنياً، وتم ذلك من خلال غارة جوية على شاحنتي وقود استولى عليهما مقاتلون من طالبان في شمال أفغانستان، صرح بذلك مسؤول أفغاني قائلاً بأن طائرات حلف الناتو قصفت شاحنتين لنقل الوقود للقوات الدولية بعد أن استولى عليهما مقاتلو طالبان في ولاية قندز مما تسبب في سقوط العشرات من الضحايا الذين كانوا مجتمعين حول الشاحنتين لسحب الوقود منهما مجاناً.. وأكد متحدث باسم الجيش الألماني أن 56 شخصاً من طالبان قتلوا في القصف الجوي للناتو وأن باقي الضحايا من المدنيين الذين كانوا موجودين في موقع القذف. طالبت الأممالمتحدة بإجراء تحقيق موسع عن قصف الناتو الذي أودى بحياة العديد من المدنيين وأكد نائب المبعوث الدولي إلى أفغانستان أنه سيتم ارسال فريق تحقيق تابع لمنظمة الأممالمتحدة لمعرفة أسباب وملابسات الحادث، ومن جهة أخرى قالت متحدثة باسم قوة «إيساف» إنه سيتم فتح تحقيق حول ما تردد عن سقوط ضحايا من المدنيين، وذكر شهود عيان أن أحد الأشخاص قد أعلن أنه يمكن للسكان أن يتوجهوا إلى الشاحنتين للتزود بالبنزين، وهو ما دفع 300 شخص إلى التوجه إلى الشاحنتين أملاً في الحصول على الوقود وذلك في الوقت الذي قصفت فيه طائرات الناتو الشاحنتين. يذكر أنه تم توجيه اتهامات كثيرة إلى القوات الأجنبية خلال الأشهر الأخيرة بشن هجمات عشوائية أسفرت عن قتل كثير من المدنيين الأفغان وأعلن الرئيس الفرنسي عن مقتل جندي فرنسي وإصابة 19 آخرين في انفجار قنبلة استهدفت شاحنتهم في أفغانستان، ومن لندن دافع رئيس الوزارة البريطانية بشدة عن الوجود العسكري لبلاده في أفغانستان ورفض الضغوط الرامية لاجباره على تحديد موعد لسحب القوات البريطانية من الأراضي الأفغانية وأعلن رئيس الوزارة البريطانية في لقاء له مع الباحثين والإعلاميين في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية البريطاني أنه يسأل نفسه دائماً عن مدى صواب ارسال شباب بريطانيا إلى القتال في أفغنستان، وكان الرد على هذا التساؤل بالايجاب مما جعله يؤكد بأن ما يفعله الجيش البريطاني في أفغانستان يحمي أمن بريطانيا من الإرهاب؟! رفض رئيس الوزارة البريطانية الاستجابة إلى الدعوات التي تطالبه بانسحاب قوات بلاده في موعد محدد، وقال عندما تكون الأسباب الأمنية لبلادنا في خطر لا يمكننا الهروب، وكشف عن زيادة الدعم الشرعي والمالي للقوات البريطانية في أفغانستان، ويذكر أن معظم هذه القوات تعمل في منطقة هلمند الجنوبية التي ينشط فيها مقاتلو حركة طالبان. جاء هذا الموقف لرئيس الوزارة البريطانية بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من استقالة اريك جويس المعاون البرلماني لوزير الدفاع البريطاني احتجاجاً على استمرار الوجود العسكري البريطاني في أفغانستان.. قال اريك جويس وهو ضابط سابق بالجيش البريطاني إن هذا الوجود العسكري في أفغانستان لم يعد له ما يبرره ولا يلقى دعماً من الشعب البريطانيا ولا يمكن تبرير عدد القتلى المتزايد في صفوف القوات البريطانية، وطالب بشدة إلى ضرورة تحديد موعد لسحب هذه القوات البريطانية من أفغانستان، وأشار في خطاب استقالته إلى عدم اقتناعه بالمبرر الذي يشير الى تعرض شوارع بريطانيا إلى خطر الإرهاب إذا سحبت القوات البريطانية من أفغانستان!؟ وبدلاً من أن تتحدث وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» عن الدور العدواني الذي قام به حلف «الناتو» ضد المدنيين في أفغانستان تنفيذاً لأوامر صادرة له من البنتاجون أدت إلى قتل العديد من المدنيين الأبرياء، أخذ المتحدث باسم البنتاجون يتحدث عن انخفاض زراعة وانتاج الأفيون في أفغانستان استناداً إلى تقارير صادرة عن الأممالمتحدة حسبما ورد إليها من مكتب المخدرات والجريمة التابع للأمم المتحدة في كابول حيث جاء على لسان المدير التنفيذي للمكتب في كابول انطونيو ماريا كوستا أن هذا التراجع في إنتاج المخدرات يمثل أخباراً طيبة تشير إلى تحسن الأوضاع على الرغم من حالة التشاؤم التي تسود بسبب الوضع العام في البلاد. أوضح بيان عن البنتاجون أن عمليات المصادرة والضبط للمخدرات الي تقوم بها القوات الأفغانية، وقوات حلف شمال الأطلنطي «الناتو» اسهمت في التوصل إلى هذه النتيجة وأشاد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» بما جاء في تقرير الأممالمتحدة الذي يؤكد أنه ما زال هناك المزيد من العمل في هذا المجال الذي تقوم به القوات الأفغانية وقوات حلف شمال الأطلنطي «الناتو» في محاربة المخدرات إنتاجاً وتجارة واستخداماً في أفغانستان. كل هذه التصرفات الصادرة من البنتاغون لا تلغي التوجه الذي تسعى إليه الأممالمتحدة في محاسبة الناتو على جريمة قصف المدنيين في أفغانستان مما دفعها إلى إرسال فريق للتحقيق في حادث القتل الجماعي للمدنيين الأفغان بدون أي رادع إنساني.