اشتعل الجدل مجددا في ألمانيا حول مهمة القوات الألمانية في أفغانستان في أعقاب الغارة الجوية التي شنتها القوات الألمانية في أفغانستان على شاحنتي وقود اختطفتا من قبل عناصر طالبان والتي أسفرت عن مقتل عشرات الأشخاص . وأدت هذه الواقعة التي حدثت الجمعة الماضية في إقليم قندز شمالي أفغانستان ، إلى زيادة الضغط على الحكومة الألمانية ، وبخاصة على وزير الدفاع الألماني فرانس جوزيف يونغ لتوضيح ملابسات الحادث. وتتهم أحزاب المعارضة ، بالإضافة إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي ، الشريك في الائتلاف الحاكم ، وزير الدفاع المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل ، باتباع سياسة معلوماتية غير مجدية. وكانت المستشارة ميركل قد ذكرت مساء أمس الأول خلال اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون في برلين أن ألمانيا ستقدم للجنة التحقيق التابعة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) كافة المعلومات المتعلقة بهذا الحادث. ودعت ميركل إلى إجراء تحقيق سريع لتحديد ما إذا كان مدنيون قتلوا في الغارة الجوية ، كما أكدت في الوقت نفسه أن الجنود الألمان والقوات الدولية في أفغانستان يعملون تحت ظروف صعبة جدا. ومن جانبه أكد وزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير ضرورة التحقيق في الواقعة في أسرع وقت ممكن وبدون أي تحفظ. ومن ناحية أخرى دعا رئيس حزب اليسار في لجنة الشئون الخارجية في البرلمان الألماني (بوندستاج) فولفجانغ جيركه، أعضاء حزبه والمواطنين الألمان إلى التظاهر اليوم الثلاثاء ضد مهمة القوات الألمانية في أفغانستان. وقال جيركه في بيان صادر عنه: "الحرب في أفغانستان تتصاعد والحكومة الألمانية تكذب عندما لا تذكر أن الوضع هناك حرب.ألمانيا مسئولة عن مقتل الكثير من المدنيين". وفي الوقت نفسه طالب المستشار الألماني السابق جيرهارد شرورد بسحب القوات الألمانية من أفغانستان في غضون خمسة أعوام. ورد رئيس رابطة الجيش الألمانية أولريش كريش على شرودر بالقول: " إنني أسأله وغيره عن الأساس الذي ترتكز عليه مطالبهم". من جهة أخرى قال المتحدث باسم الوزارة توماس رابيه أمس في برلين إن العملية العسكرية التي أمرت بها القيادة الالمانية في قندز كانت "صائبة وضرورية من الناحية العسكرية". وقال رابيه إن الغارة التي تعود ليوم الجمعة الماضي تمت باستخدام مقاتلتين من طراز إف 16 وأنها جاءت بعد عملية استطلاع جوية. وأوضح رابيه أن المقاتلتين ألقيتا بقنبلة تزن 227 كيلوجراما مؤكدا أن الصور ولقطات الفيديو التي تم التقاطها لمكان الغارة تشير إلى أن الأشخاص المتواجدين حول شاحنتي الوقود كانوا مسلحين. وكان الجيش الألماني ينفي وقوع ضحايا مدنيين في الغارة بيد أنه عاد وغير موقفه حيث أكد وزير الدفاع فرانس جوزيف يونغ في تصريحات اليوم أن "العدد الأكبر" من الضحايا كان من عناصر طالبان. من جهته أكد رابيه أن مصادر أفغانية رسمية أقرت أمس الأحد بمقتل 56 من القوى المناهضة للحكومة في الغارة علاوة على إصابة 12 شخصا. إلى ذلك رفضت وزارة الدفاع الألمانية انتقادات الحلفاء بشأن الغارة الجوية المثيرة للجدل. وقال كريستسان شميت وكيل وزارة الدفاع الألمانية في تصريحات للقناة الثانية للتليفزيون الألماني "زد.دي.إف" أمس إنه غاضب من أنه تم البحث عن معلومات عن الحادث لدى العامة "بالرغم من أنهم ربما ليس لديهم معلومات أخرى مثلنا" مشيرا إلى أنه "ليس هناك حتى الآن معلومات نهائية". وفي الوقت نفسه نفى شميت انتقادات بشأن سياسة المعلومات التي تتبعها وزارته ، إلا أن اعترف أن الوزارة اعتمدت عقب الهجوم يوم الجمعة الماضي "في أول الأمر في الحصول على معلومات سريعة على مصادر أفغانية اتضح الآن أنها غير مؤكدة بنسبة 100%". وذكرت صحيفة "نويه أوسنابروكر تسايتونج" الألمانية الصادرة أمس أن قيادات رفيعة المستوى في الجيش الألماني تشعر بغضب شديد من تعامل الولاياتالمتحدة مع غارة قندز ولا سيما تصريحات الجنرال ستانلي ماكريستال ، القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أفغانستان وتقرير صحيفة "واشنطن بوست" الذي يحمل انتقادات لقائد القوات الألمانية في أفغانستان جيورج كلاين. ونقلت الصحيفة عن مصدر في الجيش الألماني لم تحدده قوله إن تقرير الواشنطن بوست حول هذا الموضوع كان بمثابة "الوقاحة غير المبررة" كما انتقد الجيش الألماني أيضا سماح فريق التحقيقات التابع للناتو والمكون من سبعة أشخاص لصحفي أمريكي بمرافقتهم. وكانت الواشنطن بوست قد ذكرت أن قرار قائد القوات الألمانية حول شن الغارة جاء بناء على معلومات حصل عليها من مصدر واحد فقط كما قدرت الصحيفة عدد القتلى جراء الغارة ب 125 شخصا قالت إن 20 على الأقل منهم من المدنيين وهي معلومات تتنافى مع ما ذكره الجيش الألماني من أن عدد القتلى "يزيد على 50 شخصا" مستبعدا وجود مدنيين بينهم.