من الصعب تعديل فكر منحرف ذي منهجية أحادية الجانب لا يقبل سوى وجهات نظر تدور في فلك خاص به وتتمركز حوله، وأياً كانت عقيدة ذلك الفكر فهو يظل فكراً سلبي الاتجاه قصير النظرة ، معاق الحركة كونه يرفض إلا أن يكون هو الصحيح وغيره من الأفكار لابد وأن تكون خاطئة، أو جانبها الصواب، هذا في حال كنا متفائلين وهذا عادة لا يكون. أعترف أنني لست عالِماً من علماء الإسلام، ولكنني أتشرف أنني مسلم ولله الحمد والمنّة ، وأعرف حقوقي وواجباتي التي فرضها عليَّ ديني وأعتز بها وأحاول أن أنقلها لغير المسلمين حسب قدراتي ووسائلي، حتى أنقل لهم صورة عن الإنسان المسلم العادي غير المنزه عن الخطأ لأنه في نهاية الأمر إنسان. المهمة - مهمة التعريف بالإسلام الحق - أصبحت أصعب خاصة في الأيام التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م حيث كانت الهجمة على الإسلام والمسلمين شرسة لا هوادة فيها، ومع ذلك فقد قام رجال أخذوا على عاتقهم الذود عن حياض الدين وشرح اللغط الذي صاحب تلك الأحداث، وتم استغلالها أيما استغلال من قِبل جماعات كانت تنتظر مثل تلك الفرصة أو حتى أقل منها. أحياناً كإعلاميين نحضر مناسبات دولية ونلتقي الكثير من الناس من مختلف الجنسيات والانتماءات والديانات، ودائماً ما يدور الحديث عن الإسلام وعلاقته بالإرهاب ونحاول جاهدين أن نقنعهم أنه لا توجد علاقة بينهما، بل هما على طرفيْ نقيض، الإسلام دين يخاطب أرقى ما في النفس البشرية ويعطيها السبل التي من خلالها تستطيع أن تكون نفساً نقية صائبة قدر الإمكان، الإسلام دين يحض على المحبة والتسامح والأخوّة طالما لم تكن تلك الأمور في معصية الله، هو الدين الذي لا يفرق بين لون ولا جنس ولا عرق، فكل العباد سواسية والفرق بينهم هو تقواهم، هذا ما نقول دائماً ونؤكد أن الإسلام دين عدل ورحمة، ولا عدل ولا رحمة في الإرهاب. الأمر لا يخلو من محاولات جادة من الأطراف الأخرى بإعطاء أدلة واقعية - من وجهة نظرهم - أن معظم الأعمال الإرهابية التي بدأت في الألفية الجديدة كانت باسم الإسلام من أحداث سبتمبر إلى موجات العنف الدموي في معظم الدول الإسلامية التي تأخذ بمفهوم الإسلام الحق دون تشدد ولا تنطع، ونحاول دائماً أن نشرح العلاقة العكسية بين الأمرين، وأنه إذا كان هناك دين أو عقيدة تحارب العنف وتنبذه وتحض على مكافحته بشتى الوسائل، فالإسلام هو ذلك الدين وتلك العقيدة، وليس أدل على ذلك من الآية الكريمة: (من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً). هل هنالك عدل أكثر من هذا، هذا ما نقول لمن يحاول جاهداً إلصاق الإرهاب بالإسلام ويعمل ليل نهار دون كلل ولا ملل من أجل هذه الغاية، وللأسف هناك من ينتسب للإسلام ويدعي غيرته عليه أكثر من غيره وهو في حقيقة الأمر يعطي أعداء الإسلام كل الفرص بتصرفات تنم عن جهل بالدين وبسماحته وبعدالته للإنسان والمجتمع.