يأتي رمضان كل عام على إخوتنا الفلسطينيين مثله مثل باقي أشهر العام دون اختلاف ، حصار ودمار واعتقال وحواجز ومعاناة وآلام، يجدون طعام الإفطار بشق الأنفس وذلك إن وجدوه فمعظم الفلسطينيين تحت خط الفقر لا يتجاوز دخل معظمهم نحو مائة دولار شهرياً تكاد تكفيهم من أجل الحصول على القليل من الطعام الذي يسدون به جوع يوم كامل من الصيام. ووسط هذه المعاناة والمأساة الفلسطينية خرجت علينا وسائل الإعلام العبرية لتكشف لنا كيف نجح الإسرائيليون في استغلال هذا الشهر الكريم من أجل تحقيق أرباح طائلة عبر الترويج لمنتجات الشركات الإسرائيلية في المدن التي يقطنها أغلبية من السكان العرب. ويكفينا أن نطالع بعض مما عرضته كبرى الصحف الاقتصادية في إسرائيل لنعرف كيف تمكن اليهود من استغلال شهر رمضان لإنقاذ اقتصادهم المتدهور الذي يعاني منذ أشهر طويلة من تراجع شديد في المبيعات والأرباح حيث وصفت صحيفة جلوباس رمضان بأنه بمثابة حفل ضخم يقبل فيه المسلمون على شراء كل ما يحتاجون إليه، كما تحدثت الصحيفة عما يمثله هذا الشهر من أهمية كبرى للاقتصاد الإسرائيلي نظراً لما يدره من أرباح ومكاسب على الشركات الإسرائيلية، وأشارت إلى أن شركات المواد الغذائية تعد أكثر الجهات الرابحة من وراء هذا الشهر لأنها تنجح في الترويج لمنتجاتها ليس داخل إسرائيل فحسب ولكن تتمكن من بيع جزء كبير منها في الضفة الغربية، ونوه المراسل إلى أن المسلمين في هذا الشهر ينفقون أموالاً طائلة على شراء ما يحتاجونه من طعام مشيراً إلى أن وجبة الإفطار الأساسية تتكون من لحوم وخضروات وفواكه وحلويات، كذلك فإن هذا الشهر يتميز بقيام العائلات العربية بدعوة الأقارب والأصدقاء لتناول الإفطار والسحور ولهذا لا يدخرون جهداً من أجل الإنفاق على هذا الأمر على الرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها بعضهم، ونقلت الصحيفة عن مدير إحدى شركات الدعاية في إسرائيل قوله إن شهر رمضان بمثابة عيد ممتد لمدة 30 يوما يقوم فيه المسلمون بإنفاق معظم دخلهم على شراء الطعام واصفاً رمضان بأنه عيد للطعام، كاشفة عن أن شركات العصائر والمرطبات في إسرائيل تعد من أكثر الشركات الرابحة من هذا الشهر بسبب تزامنه مع فصل الصيف الذي يتميز بالحرارة الشديدة التي تدفع الصائمين لتناول المرطبات فور الإفطار، بالإضافة إلى قيام شركات المياه الغازية بحملات دعائية في المدن العربية للاستفادة من هذا الشهر وذلك عبر الإعلان عن زيادة الكمية، كذلك وجدت شركات المكيفات فيه فرصة من أجل الخروج من أزمتها، مشيرة إلى أن العديد من الشركات نجحت في الترويج لم تنتجه لدى الزبائن العرب , وكشفت الصحيفة عن أن الزبائن اليهود في إسرائيل يستغلون شهر رمضان الذي يتميز بالعروض الكثيرة من قبل كبرى الشركات الإسرائيلية لشراء ما يحتاجونه بسعر أقل ولهذا يتوجهون لكبرى المحلات والمتاجر في المدن العربية لهذا الغرض , وفي نهاية تقريرها عرضت الصحيفة بعض الأرقام التي توضح دور شهر رمضان في إنعاش الاقتصاد الإسرائيلي , مشيرة إلى أن متوسط إنفاق الأسر العربية في إسرائيل خلاله يصل لنحو 4500 شيكل فيما يصل متوسط الإنفاق باقي أشهر السنة لنحو 2000 شيكل فقط وقالت إن حجم الإنفاق العام خلال الشهر يصل لنحو 14 مليار شيكل وأكدت أن الشركات الإسرائيلية تنفق نحو 25 % من ميزانيتها المخصصة للإعلان والدعاية خلال رمضان، فيما تخصص شركات إنتاج الحليب والتمور والخبز نحو 80 % من أجمالي ميزانية الدعاية في شهر رمضان. لكن أكثر ما يثير الدهشة والاستغراب هو قيام شركات الهاتف النقال في إسرائيل بتقديم عروض خاصة لزبائنها العرب في إسرائيل وذلك في إطار خطة تهدف إلى التوسع والانتشار في المدن التي يقطنها أغلبية عربية وهو ما كشفه عيدان يوسف مراسل موقع نيوز ون الإسرائيلي الإخباري الذي كشف النقاب عن قيام شركة الهاتف المحمول بارتنير – أورينج أطلق خدمة orange time التي تتضمن منحهم الفرصة لتحميل مسلسلات عربية منها مسلسل باب الحارة السوري وكذلك أغاني عربية وسور من القرآن الكريم، وكشف عن أن الخدمة تشمل كذلك إمكانية استقبال البث التلفزيوني المباشر حيث تتيح لهم المجال لمشاهدة قنوات عربية منها MBC، ومجموعة قنوات روتانا. كذلك كشفت لنا صحيفة يديعوت أحرونوت النقاب عن قيام شركة بيليفون بمنح الفرصة لزبائنها لتحميل أغان وأناشيد دينية وسور من القرآن الكريم بالإضافة إلى أحاديث نبوية وكذلك عرض كامل للمصحف الشريف، وكشفت كذلك عن أن عرض شركة أورنج الإسرائيلية يتضمن إتاحة الفرصة لزبائنها العرب تحميل سور كاملة من القرآن الكريم بقراءة الشيخ أحمد العجمي، بالإضافة إلى أناشيد وأغان إسلامية لكبار المطربين والمنشدين. أليس حقا ما عرضناه يثير الدهشة والاستغراب ويجعلنا نتعجب في كيفية نجاح عدوتنا إسرائيل من التربح وإنقاذ نفسها من أزماتها المالية مستغلة شهر رمضان الكريم في الوقت الذي تفرض فيه المزيد من الحصار على الفلسطينيين ولا تتورع عن استخدام طائراتها في استهداف الأبرياء في غزة في ليل رمضان وتقتل منهم من تريد بدعوى الحفاظ على أمنها..؟ إن إسرائيل بما تفعله تخرج لنا جميعاً لسانها وتقول رمضان مبارك عليخم فأنا الرابحة من هذا الشهر، وأخيرا لا يسعنا سوى القول: أما لهذا الظلم من نهاية..؟