في فرنسا وبلجيكا تكاليف العلاج أكثر ثلاث مرات للرجال الذين أعمارهم من 65 - 74 سنة مقارنة بمن أعمارهم من 15 - 44 سنة وتكاليف علاج من أكبر من 75 سنة ضعف من هم 65 - 74 سنة. أي لو فرضنا أن تكاليف العلاج السنوي للأشخاص الذين أعمارهم تتراوح من 15 - 44 سنة تبلغ 1000 ريال فإن من أعمارهم 65 - 74 سنة ستكون 3000 ريال وبالتالي من أعمارهم أكبر من 75 سنة سوف تكون 6000 ريال سنوياً أي أن تكلفة علاج من عمره 75 سنة أكثر ستة أضعاف 600٪ مما يكلفه علاج الرجل الذي عمره 15 - 44 سنة. ولعل شركات التأمين أول من فطن لهذه المعادلة في حساب تكاليف علاج المواطنين في المملكة التي لا تؤمن إلا على هذه الفئة الصغيرة في أعمارها والأقل حاجة للرعاية الصحية أما عندما يبدأ الإنسان في عمر الستينات وما بعدها وتبدأ تغزوه الأمراض وتصبح حياته معتمدة بعد الله سبحانه وتعالى على ما يتلقاه من رعاية صحية للتعايش مع أمراض السكري وارتفاع ضغط الدم وغيرهما من الأمراض فإن شركات التأمين لا تغطيه بخدماتها فيصبح عبئاً على عائلته أو على الدولة. وإذا أخذنا في الاعتبار التحسن المستمر في ارتفاع مستوى الوعي الصحي لدى الناس وعمل التطعيمات الواقية من الأمراض وانتشار المرافق الصحية والتقدم العلمي والتثقيفي في التشخيص والعلاج فإن هذا سيؤدي إلى زيادة عمر الإنسان إلى أكثر من 75 سنة. مما أدى إلى تبني تخصصات طبية جديدة في الجامعات الطبية العالمية تسمى طب كبار السن وإذا كان شباب اليوم هم شيوخ الغد فإن 50٪ من سكان المملكة سيدخلون شريحة كبار السن الذين يتطلب علاجهم 600٪ مما يكلفون حالياً حسب المعايير المذكورة أعلاه مما يعني أن ما يصرفه المواطن حالياً في المراكز والمستشفيات الخاصة على خدمات الرعاية الصحية سيرتفع 300٪ عندما يبلغ عمره 65 سنة و600٪ عندما يبلغ عمره 75 سنة، هذه الزيادة فيما يصرفه على علاجه لا يصاحبها زيادة في دخله بنفس النسبة بل العكس هو الصحيح ففي الوقت الذي تزيد حاجته للعلاج والرعاية الصحية وما يتطلبها ذلك من زيادة في الميزانية المخصصة للعلاج يقل دخل الفرد بحكم أنه وصل إلى سن التقاعد فهي علاقة عكسية وبالتالي فإن من يستطيع تحمل ميزانية علاجه اليوم في المستشفيات الخاصة لن يستطيع بالضرورة تحملها عندما ترتفع إلى 300٪ أو 600٪ خاصة عندما تتخلى عنه شركات التأمين الصحي لارتفاع تكاليف علاجه مقارنة بقسط التأمين الذي يدفعه،مما يعني توجه هذه الأعداد المتزايدة من كبار السن إلى المراكز والمستشفيات الحكومية التابعة بصفة أساسية لوزارة الصحة والتي تعاني حالياً من شح في الميزانية المخصصة لها. لذا يجب على القائمين على الصحة إعداد العدة لذلك الوقت وإعداد البنية التحتية وتطوير الخدمات الصحية والتوسع في المراكز الصحية وتهيئتها بالامكانيات والتجهيزات اللازمة كما يجب على وزارة المالية تفهم حاجة وزارة الصحة وزيادة الميزانية المخصصة لها بشكل سنوي للوفاء بمتطلبات سكان المستقبل الصحية. * استشاري وأستاذ إدارة الخدمات الصحية بجامعة الملك سعود