لن أبالغ إن قلت بأن الأنظمة المشرعة لدينا في المملكة تعتبر من أفضل وأقوى الأنظمة، نعم هي الأفضل لأنها تتماشى مع خصوصيات المجتمع واحتياجاته، والأقوى لأنها تحفظ الحقوق كافة، عندما قلت الأنظمة المشرعة في بداية الحديث فإنني أعي ذلك وأجدني مضطراً للتذكير بتلك الجملة، فمن قدر له المساهمة في وضع تلك الأنظمة أو من اطلع عليها وتمعن في بنودها وفصولها سيتأكد بما لا يدع مجالاً للشك بأنها وضعت بعد دراسة مستفيضة ومتأنية، ولكن من يقرأ أو يطلع على جزء ولو يسير من تلك التشريعات والأنظمة ولا أعني كل الأنظمة ولكن أخص المرورية منها والبلدية والتجارية، أو بمعنى أدق ما له ارتباط بالناس، سيصاب بصدمة كبيرة، فما يراه مطبقاً على أرض الواقع يغاير ما قرأه أو سمع به، لا أبالغ لو قلت بأننا البلد الوحيد (طبقاً للبلدان المتقدمة والمتحضرة) الذي تنتهك فيه حرمة الطريق ولا تعطى أنظمة المرور حقها من الاحترام، فالتجمهر عند وقوع الحوادث المرورية أصبح سمة خاصة بنا، ورمي المخلفات من نوافذ السيارات، والتجاوز الخاطئ وعدم ربط الأحزمة وتأتي الطامة الكبرى والعادة المألوفة لنا وعلى مدار الساعة وفي كل شارع بلا خوف أو رادع لتقضي على كل التجاوزات وتهونها، إنها الميزة الخاصة.. (قطع الإشارة) وفي رابعة النهار وإن أردنا سرد التجاوزات والمخالفات فالمقام يطول.. ولكن ما أردت الوصول إليه هنا هو.. لماذا تميزنا بذلك فنحن شعب منظم بل مثالي.. ولكن في (الخارج) ولا أدل على ذلك سوى احترامنا لأنظمة المرور والذوق العام في الخارج ونفتقده في الداخل وللأسف.. أقول وبكل مرارة.. إننا وبمجرد التفكير في تناقضات البعض نصاب بالدوار والغثيان، فالنقيض هو العنوان، إن من يتابع بعض من يغادر أرض الوطن ولو إلى إحدى الدول الخليجية المجاورة التي ترتبط معها بعادات وثقافات واحدة ليرى العجب العجاب فبمجرد دخوله أرض تلك الدول نرى شخصاً آخر، يتقيد بأنظمة المرور بكل دقة وحرص، منبهاً ومتابعاً لأبنائه باحترام الأنظمة فالسرعة ممنوعة والتجاوز الخاطئ مهلك أما قطع الإشارة فجريمة كبيرة وتصرف يؤدي للقتل لا محالة، وربط الحزام يساهم في تقليل حدوث الإصابات في حالة وقوع حادث لا سمح الله، ورمي المخلفات من نوافذ السيارات تصرف غير حضاري، ويكون سفيراً وممثلاً لوطنه في احترام الأنظمة بحرفية مميزة، نعم كلنا ذلك المواطن أو السفير ونفخر به وبتصرفاته وبتمثيله وطنه خير تمثيل.. ولكن أليس الوطن أولى بذلك الالتزام والاحترام.. مجرد تساؤل لا أملك الإجابة عليه.. ولكنها بين ناظري القارئ الكريم محفورة بين السطور.. قد يتبادر إلى الذهن بعض الأفكار ولكن ما أريد الوصول إليه من خلال تلك الأسطر أننا شعب منظم وحضاري وهذه حقيقة ولكن التساؤل الذي يطرح نفسه.. لماذا البعض متناقضون.. أو كما يقال كالعملة المعدنية بوجهين متغايرين.. فالبعض هنا بوجه وفي الخارج بوجه مختلف تماماً وهنا التساؤل لماذا..؟ وإلى متى..؟ إن تجاوزت وأجبت عن تساؤل مجتمع كامل فقد أصبت كبد الحقيقة وهي حقيقة مرة نحاول أن نتجاهلها أو نتجاوزها عمداً وللأسف، إن ما نعاني منه هنا ليس ضعف الأنظمة ولكن ضعف التطبيق قد يكون هو السبب الرئيس فيما نشاهده من امتهان وتجاوز على بعض الأنظمة، قد يأتي من يقول إن آلية التطبيق قد تكون سبباً آخر يساهم في تلك التجاوزات.. فأقول نعم ولكن نسبة ضئيلة وضئيلة جداً ولا تكاد تذكر مقارنة بضعف التطبيق الذي يلعب الدور الأساسي فيما نراه من تجاوزات متعمدة ومخالفات قاتلة.. وفي سمة مميزة قد لا أبالغ لو قلت أننا نكاد أن نكون الوحيدين والمميزين بها ألا وهي ظاهرة التجمهر عند وقوع أي حادث ولو كان بسيطاً ولم يتعد حدود تلفيات قليلة في المركبة، ولكن حب الاستطلاع أو (اللقافة بالعامية) والتساهل من قبل الجهات الأمنية في تطبيق الأنظمة ساهم في تفاقم المشكلة أو لنقل الظاهرة التي أضحت سمة مميزة وفريدة.