يقوم مجلس الشورى منذ بداية إنشائه في المملكة العربية السعودية بدور حيوي في تنفيذ المهام التى أُسندت إليه في الحدود المرسومة له، ولا شك أن تدرج المجلس في أعماله المناطة به لا يتناقض مع المبدأ الذي يتفق عليه جميع العقلاء في أن التطور يعتبر من سنن الحياة، ونشاط المجلس يتزايد من دورة إلى أخرى حيث تظهر التقارير والنتائج تحسناً ملموساً في طبيعة ونوعية القضايا المطروحة للدراسة والمراجعة بما يحقق المصلحة العامة للوطن والمواطن، وهذا واقع ملموس لا يستطيع أحد إنكاره. وحيث إن التجربة البرلمانية في المملكة العربية السعودية لا تزال حديثة نسبيا مقارنة بالدول الأخرى، فمن الطبيعي أن المجتمع لا يزال ينتظر الكثير من مجلس الشورى من خلال تفعيل دوره الرقابي والتشريعي وتوسيع الصلاحيات. والاختصاصات الممنوحة له بحيث لا يقتصر دور المجلس على المناقشات وإصدار التوصيات بل يجب أن تتعدى صلاحيته إلى أن تتسم قراراته وتوصياته بالإلزامية وتفعيل دوره الرقابي على الجهات الحكومية ومحاسبة الجهات المقصرة والرفع بذلك إلى ولي الأمر – حفظه الله. وكما أسلفنا فإن المجالس البرلمانية في الكثير من دول العالم تواجه العديد من الصعوبات والعوائق بشكل أو بآخر وهذا أمر طبيعي يمكن تجاوزه فالدول التي تسعى إلى الإصلاح الإداري والمالي والسياسي تدرك أن هذه المعوقات قد تكون نشأت في ظل نظام إدارى استمر على أنماط معينة ربما يستغرق إصلاحها المزيد من الوقت والجهد وتكاتف جهود الجميع نحو الإصلاح الحقيقي، ولا يخفى على أحد مدى الجهد والوقت الذي يبذله قائد الإصلاح الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله منذ توليه أمر البلاد في تحقيق التنمية والإصلاح المالي والإداري والسياسي، ويشهد على ذلك أن ما تحقق من نتائج تنموية مباركة في فترة وجيزة يعتبر أكبر دليل على أن المملكة العربية السعودية تسير على الطريق الصحيح للتنمية والإصلاح وتساندها بإذن الله رعاية المولى عز وجل وتوفيقه. وقضية الانتخابات بشكل عام تعتبر واحدة من خطوات الإصلاح فيما يتعلق بالمشاركة الشعبية في إدارة الشؤون العامة وصياغة القرار ومتابعة تنفيذه، وتفعيل مبدأ المسؤولية المشتركة بصورة أكثر ايجابية تحقق الفائدة للوطن والمواطن في كافة مجالات الحياة، ولقد نقل المواطنون لكل العالم صورة رائعة عن هذا المجتمع في الانتخابات البلدية رغم حداثة التجربة وصعوبات البدايات فلقد أثبت السعوديون أنهم قادرون على التعامل مع الانتخابات كبقية الشعوب والحضارات الإنسانية. ونخلص إلى أن الانتخاب لعضوية مجلس الشورى مطلب أساسي وإصلاحي لكنه أيضا قد لا يخلو من بعض السلبيات التي تعتبر محدودة مقابل الإيجابيات، وبالرغم من أن ترشيح الكفاءات هو المطلوب، تبقى قضية التعيين أو الانتخاب تتأرجح بين مؤيد ومعارض ولكن لكل منهما ايجابيات وسلبيات فالانتخاب يجب أن لا تكون مسألة الحصول على أكبر عدد من الأصوات على حساب الكفاءة المطلوبة في المرشح لعضوية مجلس الشورى وهكذا في ظل عدم اكتمال الوعى الانتخابي وربما تغليب العصبيات على المصلحة العامة، وبالجملة تبقى الموازنة بين الانتخاب والتعيين لعضوية مجلس الشورى خيارا استراتيجيا في المرحلة الراهنة. [email protected]