(وليد).. محامٍ متمرس.. تنّقل في مرافعاته ومذكراته العديدة بين .. المحاكم الشرعية .. واللجان الإدارية .. بالإضافة إلى مزيج متراكم من خبرته في الأوراق التجارية .. لم يتردد حينما عرضت عليه القضية.. بقبولها.. فالمبلغ المطالب به يزيد على ال 50 مليون ريال ثمناً لعقار داخله العديد من المشكلات. كان بحق جديراً بتوليها.. ولذا انطلق عبر أكثر من جلسة في لجنة الأوراق التجارية.. حيث اختصاص النظر بالشيك المرتجع.. تابع القضية لدى قاضي التنفيذ في المحكمة العامة.. حتى صدر الإلزام القضائي بتنفيذ الحكم أو السجن .. جهد وكلل مصحوبين بإخلاص وعزيمة لا تلين.. ضميره كان محاطاً بعصابة من الإيمان ومخافة الله، تماماً كعيني فرس الرهان في سباقات الديربي الإنجليزية عندما عرض عليه أثناء نظر القضية رشوة بمبلغ يزيد على المليوني ريال. كل شيء كان بالغ الدقة.. ما عدا شيء واحد فقط .. غفل عنه (وليد).. تحصيل قيمة الأتعاب .. فلقد أجاد موكله التهرب منها .. بدعوى أنه لم يقم بشيء ذي بال .. عندما أقام ( وليد ) قضيته التي يطالب بها بأتعابه التي لم تقدّر .. وقفت المادة (26) من نظام المحاماة حجر عثرة.. في سبيل المضي بها.. فالمادة التي نصت على: ( تحدد أتعاب المحامي وطريقة دفعها باتفاق يعقده مع موكله فإذا لم يكن هناك اتفاق أو كان هذا الاتفاق مختلفاً فيه أو باطلاً قدرتها المحكمة التي نظرت في القضية عند اختلافهما، بناء على طلب المحامي أو الموكل بما يتناسب مع الجهد الذي بذله المحامي والنفع الذي عاد على الموكل ويطبق هذا الحكم كذلك إذا نشأ عن الدعوى الأصلية أي دعوى فرعية ) لم تحدد بالضبط من المسؤول عن نظر القضية: هل الاختصاص منعقد للجنة الأوراق التجارية .. طيب .. ما الحل مع سكرتارية اللجنة والذين يرفضون - وهم محقون - قبول أي لائحة دعوى ما لم يتم إرفاق الورقة التجارية كما نص على ذلك النظام ..؟! أم يتم نظرها من قبل المحكمة العامة.. طيب .. ما الحل إن كان القاضي تمسك بنص المادة أعلاه في انعقاد الاختصاص للجنة الأوراق التجارية دون أن يكلّف نفسه عناء إصدار قرار بعدم الاختصاص ..؟! صدر نظام المحاماة لينظّم عملية الترافع عن الغير أمام المحاكم وديوان المظالم .. فضلاً عن اللجان المشكّلة بموجب الأنظمة والأوامر والقرارات لنظر القضايا الداخلة في اختصاصها ومزاولة الاستشارات الشرعية والنظامية.. وبالرغم من ظهور نظام المحاماة وصدور لائحته التنفيذية إلا أنه بعض مواده شابها شيء من الركاكة في الصياغة والتي أدت إلى إشكالات في التطبيق.. اكتوى بنارها المحامون. في دراسة صغيرة ومحكّمة نشرت قبل مدة في منتدى المحامين العرب .. للمحامي ( خالد بن فرح المطيري ) .. أبان عن شيء من غموض نص المادة ( 26 ) من النظام .. حيث أوضح في دراسته .. أن نص المادة يكتنفه فرضيتين تدور حول المحكمة المختصة بنظر الدعوى التي يقيمها المحامي في مواجهة موكله مطالباً فيها بأتعابه: الفرضية الأولى: أن النظام في الأصل لم يتطرق لتحديد المحكمة المختصة بنظر الدعوى وإنما أعطى اختصاص النظر في الدعوى التي يقيمها المحامي في مواجهة موكله مطالباً بأتعابه كحكم خاص للمحكمة التي نظرت في القضية الأصلية (القضية التي تولى فيها المحامي المرافعة عن موكله). وكما هو واضح أتى النص غامضاً ومبهماً فذكر أن للمحكمة تقدير الأتعاب ولم ينص صراحةً على (نظر الدعوى) والإشكالية تثور عندما يكون هناك عقد ملزم يحدد أتعاب المحامي بدقة وانحصر الخلاف حول نقطة بسيطة في العقد أو حتى كان مرتبطاً بمماطلة الموكل وعدم رغبته في دفع الأتعاب !! فهل للمحكمة التي نظرت الدعوى الأصلية أن تنظر الدعوى ؟! الفرضية الثانية: مفادها أن النظام تعامل مع هذه الدعوى على أنها دعوى مدنية عادية منذ البداية وتختص بنظرها المحاكم المدنية (الشرعية) بحسب اختصاصاتها النوعية ولم يعط لهذه الدعوى أي حكم خاص .. وبالتالي فإن عبارة (المحكمة التي نظرت القضية عند اختلافها) تعني المحكمة المدنية المنظورة أمامها الدعوى على اعتبار أن الدعوى مقامة أصلاً وأن الاختصاص بنظرها انعقد منذ البداية طبقاً لما نص عليه نظام المرافعات في قواعد الاختصاص النوعي، وأن هذه المادة تطرقت إلى جزئية تقدير الأتعاب إذا لم يكن المحامي قد اتفق مع موكله على أتعاب محددة أو كان هذا الاتفاق باطلاً أو مختلفاً عليه فإن المحكمة تتصدى لتقدير الأتعاب (أجرة المثل). ولأن (وليد) يعز عليّ كثيراً.. أشرت عليه بقراءة الدراسة وتضمينها لائحة دعواه.. والتي يعمل جاهداً على أن تقبلها جهتان قضائيتان تتدافعان سلبياً دونما بارقة.. تلوح قريباً.. هذا فضلاً عن رفاهية تضمين الحلول التي ذكرها الباحث في دراسته. *الباحث في أنظمة العقار