التربية والتعليم من رقي الحضارات إذا أتقن العاملون فيها برامجهم ومناهجهم. وتطوير التعليم بوسائله المختلفة عمل لا ينتهي لانه يسعى إلى الكمال ووزارة التربية والتعليم في بلادنا ممن يسعى إلى التطوير والتخطيط وهو من أساسات العمل التربوي. والاشراف التربوي من أساسات عمل التربويين. ومن تطويره وتفعيله الاشراف التربوي المتنوع الذي قدمه كمشروع تطبيقي، حيث يتم تطبيقه هذا العام على عدد من مدارس مدينة الرياض، فهو نموذج حديث في الاشراف التربوي. يدعو إلى التعاون مع المعلمين وتفهم حاجاتهم واستثمار طاقاتهم ومساعدتهم ليتمكنوا من تطوير أنفسهم والارتقاء بمستوى ادائهم لتحقيق الأهداف التعليمية والتربوية في أفضل صورة ممكنة. وبعد تطبيق هذا النموذج الاشرافي الجديد (الاشراف المتنوع) سيكون لدينا- بإذن الله - مدارس جميع معلميها يعملون سوياً لتطوير مهاراتهم وقدراتهم مما ينعكس ايجابياً على تعلم الطالب واستفادته. ويتطلب ذلك تهيئة المدرسة كبيئة تربوية تنمو مهنياً بتعاون أفرادها بعيداً عن توجيهات (نفذ، نفذ) مما قد يضعف هذا التنفيذ. ويهدف هذا النموذج في التعليم إلى: 1 - تحسين أداء المعلمين الجدد وممن هم في حاجة لدعم المشرف التربوي. 2 - تحفيز المعلمين للرقي بمستوى ادائهم وتطوير أنفسهم ذاتياً بطريقة تعاونية تشاركية (كما في نشاطات النموذج مفصلة). 3 - المحافظة على مستوى أداء المعلمين ذوي الخبرة وتشجيعهم إلى تنمية مستوى أدائهم. 4 - ايجاد بيئة نفسية اجتماعية في المدرسة. تحفز على التعلم والنمو والتعاون المشترك. 5 - يقضي الاشراف المتنوع على مشكلة قلة المشرفين التربويين اما لندرة التخصص ولقلة الكوادر في بعض الإدارات التعليمية أو لعزوف المعلمين عن الاشراف التربوي. 6 - يركز العمل لدى المشرف التربوي في مدارس محددة وكذلك في حي أو منطقة محددة بعيداً عن تباعد المدارس التي يشرف عليها. 7 - يبقى المشرف التربوي قريباً من المعلم طوال العام الدراسي.. وهذا ينهي مشكلة تقييم المشرف للمعلم من زيارة واحدة أو زيارتين التي غالباً ما تواجه باعتراض المعلم على تقييم المشرف. 8 - تكون زيارة المشرف للمعلم في النموذج الجديد زيارة تطوير لا تقييم. 9 - يقضي النموذج على العلاقة التي تكون غالباً مجاملة أو حساسة بين المشرف التربوي والمعلم أو مدير المدرسة. 10 - يتشارك مدير المدرسة والمعلمين والمشرف التربوي في وضع البرامج التي تطور العمل التربوي داخل المدرسة بما ينعكس على الطلاب. 11 - يقوم النموذج على تقدير مهنية المعلمين وتحقيق الرضا الوظيفي لهم. 12 - يراعي النموذج الفروق بين المعلمين ويتضح ذلك من خيارات النموذج. 13 - ينطلق العمل في النموذج من الصف الدراسي وحاجات المعلم المهنية. ويكون اجراء تطبيق النموذج بتفرغ مشرف تربوي واحد بحسب تخصصه العلمي على الاشراف على جميع معلمي المدرسة بمختلف تخصصاتهم العلمية. وهذا ينطلق من الدراسات التربوية التي ذكرت بأن 85٪ من أداء المعلم داخل الصف يشترك فيه جميع المعلمين في مختلف تخصصاتهم. والمشرف التربوي يعمل على تطوير هذا الاداء والارتقاء به. وقد يرد اشكال حول ما إذا كان المعلم ضعيفاً في أدائه العلمي داخل الصف. كيف يعالجه وقد يكون المشرف على غير تخصص ذلك المعلم؟! وكيف يعرف ذلك؟.. أقول.. يعرف المشرف التربوي ضعف المعلم في الجانب العلمي من خلال مدير المدرسة أو ضعف مستوى أسئلة الاختبار المكتوبة أو استياء الطلاب من عدم وضوح الشرح أو ضعف توصيل المعلومة للطالب أو زيارته في الصف. ويعالجه إذا كان على غير تخصصه العلمي بالاستعانة بمشرف متخصص من الإدارة التعليمية أو من الشعبة. ويتميز هذا النموذج الاشرافي الجديد بالآتي: 1 - الشمول. وتعدد أساليب العمل لدى المشرف التربوي. 2 - المرونة. لعمل المشرف والمعلم في التطوير. ويمكن المعلم من المشاركة في الأنشطة الاشرافية. 3 - البعد عن النظرة التقويمية أثناء العمل الإشرافي. ويستهدف النموذج المشرفين التربويين والمعلمين. ويتم الاشراف المتنوع بتقديم ثلاثة خيارات رئيسة للمعلمين بحسب مستوياتهم: الخيار الأول: التطوير المكثف وفيه يقوم المشرف بالعمل بشكل مركز مع المعلم لتطوير الاداء الصفي. ويستفيد من هذا الخيار: - المعلمون الجدد، المعلم الذي يقل تقديره عن (85) درجة في الاداء الوظيفي. - المعلم الذي يرى انه بحاجة إلى دعم من الاشراف التربوي في جانب محدد من التدريس داخل الصف. ويتم هذا الأسلوب من خلال وضع أهداف محددة من الزيارة ثم الملاحظة الصفية وتحليل المعلومات ثم اعطاء تغذية راجعة للمعلم. الخيار الثاني: النمو المهني التعاوني: وهو للمعلمين من غير الخيار الاول والثالث، وفيه يقوم المعلمون بتخطيط وتنفيذ ما يناسبهم من أنشطة النمو التالية: 1 - تدرب الأقران. حيث يقوم ثلاثة أو أربعة معلمين بملاحظة تدريس زميل لهم بشكل منظم واعطائه تغذية راجعة. 2 - التحليل الذاتي للأداء: وفيه يقوم المعلم بتسجيل أدائه في الصف بالفيديو، ثم يقوم بتحليله عن طريق نماذج يعطيها له المشرف التربوي. ويقوم بكتابة تقرير قصير عن ادائه وما هي الجوانب التي يتمنى تطويرها نتيجة لهذا التحليل. 3 - اللقاءات التربوية، وتشمل كل الانشطة المنظمة التي يلتقي خلالها المعلمون لمناقشة أو تدارس أي قضية تربوية أو مهنية. ولا يلزم أن تتم هذه الانشطة داخل المدرسة، بل كل مدرسة (أو مجموعة من المعلمين) تنظم ما يناسب وضعها وتضع خطة لذلك. الخيار الثالث: النمو الموجه ذاتياً وفيه يقوم المعلم بوضع خطة لنموه الذاتي. يبين فيها أنشطة النمو المهني التي سيقوم بها. ويعرضها على المشرف التربوي ويتناقش معه حولها. وفي نهاية الفصل الدراسي يقدم تقريراً مختصراً عما تم انجازه. ومن متطلبات هذا الخيار أن يشارك المعلم بفاعلية في تقديم أنشطة الخيار الثاني بحيث يتولى التدريب أو إلقاء المحاضرات. ويستفيد من هذا الخيار المعلمون الذين تنطبق عليهم الصفات التالية: توفر عشر سنوات خبرة مع حصولهم على تقدير ممتاز في بطاقة الاداء الوظيفي للسنوات الثلاث الأخيرة، والمشاركة الفاعلة في تقديم برامج النمو المهني. وحيث إن المشروع يمر الآن بفترة تجربة الا انه لاح في الأفق مؤشرات النجاح من حيث تقبل الوسط التربوي له من مشرفين ومديري مدارس ومعلمين. نسأل الله تعالى أن يوفق كل من يسعى لخدمة التعليم بما ينفع أبناءنا وأن يُقَدَّم التعليم على أفضل وجه بما يحقق نفع البلاد والعباد.