لنأخذ ثانية" من الوقت لنغمض أعيننا ونتذكر حالنا قبل سنتين لربما ثلاث أو أربع مضين ولنقارنها بواقعنا اليوم. خريجون وخريجات من أفضل الجامعات والبرامج. عائدون لأرض الوطن حاملين امتناننا ورغبتنا برد الجميل لحاكم أصيل وأرض طاهرة. سنوات مضت كنا طلاباً حديثي العهد بالتحصيل العلمي مليئين بأحلام وآمال وأهداف، لربما كانت للبعض منا صعبة المنال. ولكن بعثات الملك عبدالله - حفظه الله ورعاه - مكنتنا ليس فقط من تحقيق فكرة حلم راودت اذهاننا سنوات مضت، ولكن جعلتنا نعيش الحلم كواقع خلال السنوات الثلاث الماضية. لم تكن الطريق لتحقيق حل ممهد دائما بالورود، فالابتعاث لإرض غريبة ولثقافة مختلفه وللغة جديدة لم يكن دوماً سهلاً علينا. فإلى هذا اليوم مازلت اذكر يومي الأول على هذه الأرض الغريبة.ومازلت أذكر رهبة المكان والزمان التي خالجتني، ولكن بفضل برنامج الابتعاث الجدي والمدروس من قبل حكومتنا ووزارتنا وإداريينا الذي هدف لتوعية الطلاب المبتعثين تمكنا بحمد الله من تجاوز هذه العقبات والمخاوف بنجاح. واليوم كطالبة خريجة، أذكر تلك اللحظات بصمت وتأمل، والشعور الوحيد الذي ينتابني هو الاحساس بالفخر، والفضل لحاكم حفظه الله لنا ذخراً وفخراً، ولأرض حفظها الله لنا طاهرة مصانة، ولمسؤولين وإداريين جعلوا لانجازاتنا اليوم عزة" وأصالة. للبعض منا قد يكون هذا الحفل هو المجمع الأخير لنا، قد تكون هذه هي المرة الاخيرة التي سنتمكن بها من ان نكون اعضاء في حفل تكريم مما يستدعينا لشكر كل من حضر ومن لم يحضر وكل من توجه لنا بالدعوة لحضور هذا الحفل الكريم. لطالما عرفنا أن هذا الحدث سيأتي يوما وسواء كنا مدرسين أم مشرفين أو طلاباً لطالما رسم كل منا صورة نقشنا بها أحداث هذا اليوم. الآن نحن بصدد أخذ خطوة عملاقة، ففي خلال بعض دقائق من الآن سنواجه عدداً كبيراً من الخيارات التي عملنا جاهدين للاستعداد لها. هذه الخيارات سيترتب عليها اتخاذ قرارات ستغير مجرى حياتنا المستقبلية. الخيار الأول سيدور حول مشروع العمل، ما سنقوم بممارسته لضمان حياة رغيدة لأنفسنا ولأهلينا. هل سنتمكن من تحقيق ذلك؟ أم هل يتوجب علينا التفكير بالقرار الثاني، وهو إكمال مسيرتنا العلمية والوصول لأعلى الدرجات الممكنة لضمان وفاء الحياة لأنفسنا ولوطننا ولأهلنا. ما هو التخرج؟ البعض يقول إنه دليل على حرية الاختيار. البعض الآخر يقول إنه نهاية لأفضل سنوات حياتنا. وقد يقول البعض إنه الوقت الذي نجبر به على أن ننمو كأفراد مستقلين. وهناك من يقول: لربما هو مجرد يوم عادي كغيره من الايام. كل منا لديه رأي مختلف، ولكن هناك شيئاً واحداً نتفق عليه جميعاً وهو السؤال الوحيد الذي يتردد في أذهان كل منا الآن وهو:"ماذا بعد ذلك؟" لطالما كنا مجموعة متنوعة من الأفراد، لكل منا مصالح ومواهب وأنشطة محتلفة، ولكن خلال مسيرتنا الدراسيه تقاسمنا الهموم الأفكار، واليوم نتشارك الفرح بانتهاء مرحلة عمرية وبدء فصل جديد من فصول حياتنا. لم أتوقع يوما أن أتمكن من الوقوف هنا، لفترة طويلة اعتقدت أن حياتي هي المدرسة، ولكن هاأنذا اليوم خريجة مثل باقي الخريجين أقف على باب الحاضر كلي أمل وشوق لمستقبل مشرق قريب. التخرج هو شرف كبير بالنسبه لنا، تمكنا من الحصول عليه بتوفيق الله ثم بدعم ومساعدة هؤلاء الاشخاص الجالسين بيننا اليوم من مشرفين، وإداريين. الذين لم يساعدوننا فقط بما نحتاجه لاكمال مسيرتنا العملية والعلمية، ولكن مدونا بما هو أهم من ذلك الا وهو روح المثابرة والاجتهاد والقدرة على التغلب على كل مخاوفنا لمواجة المستقبل. قال لي والدي مؤخراً إن أفضل ما يمكنني القيام به بعد التخرج هو أن أكون قادرة على إعادة الجميل لهؤلاء الذين ساهموا في نجاحنا وذلك بالمثابرة على أن نكون دوماً الأفضل في أي عمل نقوم به" شكري الأكبر هو لأهالينا الحاضرين بيننا وغير الحاضرين، ولوالدٍينا فهانحن ثمرة أيديكم، مستقبل ينمو بجهدكم ودعمكم وصلاتكم. لوالدٍينا مثال المثابرة والإخلاص والحكمة والمحبة. ولكل من كان لنا نموذج للتفوق والامتياز. * خريجة ماجستير – جامعة بتسبرج