لقد عدت للتو من جمهورية قيرغستان هذا البلد الجميل الطيب المضياف الذي لا تتعدى مساحة أرضه 198.500(ألف) كيلو متر مربع. وفي الحقيقة فإن الصفات السابقة هي أقل ما يمكن أن يقال في حق بلد غاية في الروعة وغاية في الحسن والجمال لدرجة أن أهله يعتقدون أن الخالق جلت قدرته قد وهبهم قطعة من الجنة على هذه اليابسة. فمنظر الجبال العالية الممتدة التي تكسوها الخضرة ومن ورائها الجبال الشاهقة المغطاة بالثلوج الناصعة البياض التي تشكل مياهها الذائبة أنهاراً عذبة يشعرك خريرها وسط تلك البونوراما الساحرة كما لو أنك تعيش في جنة من جنان الله على الأرض. هذه ليست مبالغة فكل ما حولك هناك بالفعل يطرد عنك الحزن ويجلب إليك الفرحة ويغمرك بالسعادة والحبور. ولذلك فإن قيرغيستان - وليعذرني زملائي اللبنانيون- تعتبر منطقة جذب سياحية من الطراز الأول لو لم يكن ينقصها شيئ واحد هو المطارات المتطورة والبنية التحتية الاقتصادية المتكاملة التي تربط سفوح الجبال والبحيرات والأنهار مع غابات الفستق والجوز في كل واحد. ولكن في لغة الاقتصاد ما هو نقص لدى بلد ما قد يشكل فرصاً لغيره من البلدان. وعلى ما يبدو لي فإن الفرصة في قيرغستان أكثر من متاحة لقطاع أعمالنا لتوظيف رؤوس أموالهم في العديد من المشاريع المجدية. وقبل كل شيء في البنية التحتية التي سوف تفتح المجال لتدفق الاستثمارات على غيرها من القطاعات. وأنا هنا لا أتحدث عن السياحة فقط رغم أهمية العائد على الاستثمار في بناء الفنادق والمنتجعات والنوادي الترفيهية والمطاعم وما شابه. فالمجال مفتوح في هذا البلد الطيب للاستثمار في العديد من المجالات الأخرى مثل محطات الطاقة التي يقوم 90% منها على مجاري الأنهار. فهناك مشاريع في هذا المجال مدروسة جدواها الاقتصادية وتنتظر أي مستثمر وخصوصاً من المملكة لإرسائها عليه. الأمر الذي سوف يوفر الكهرباء الرخيصة للمستثمرين اللاحقين والمستهلكين في المستقبل. كذلك فإن الاستثمار في المجال الزراعي بشقيه النباتي والحيواني واعد جداً. حيث تنمو في جنوب قيرغستان غابات الجوز والفستق الطبيعية التي لا تجد العناية الكافية لنقص الأموال المستثمرة في هذا القطاع. أما مزارع النحل فهي الغابات الطبيعية وما أكثر رحيق أزهارها. ولذلك فإن الاستثمار في إنتاج العسل ذي الجودة العالية سوف يكون غير مكلف. وسكان قيرغستان الأصليون هم في الأساس من الرعاة ولا يزال العديد منهم كذلك. ولذا فإن تربية الأغنام والماعز في الأودية وعلى سفوح التلال الخضراء هي الشغل الشاغل للقاطنين هناك. وبصفة عامة فإن المملكة التي تتوجه نحو الاستثمار في الخارج في مجال الإنتاج الغذائي وخصوصاً في إنتاج الحبوب واللحوم سوف تجد في قيرغستان الأرض الخصبة والتسهيلات المناسبة. فالحديث هناك بين الكلمة والتي تليها يدور على صيغة سؤال عن أسباب استثمارنا في أوروبا وغيرها وعدم التوجه إلى بلدهم الذي تربطنا به ثقافة وتاريخ مشترك. وعلى ما يبدو لي فإن الحديث عن توثيق العلاقات الاقتصادية مع جمهورية قرغيستان يفترض أن يأخذ بعين الاعتبار، بالإضافة إلى ما تم ذكره، أمور أخرى لا تقل أهمية مثل: 1- سعة الأسواق المحيطة بهذا البلد والتي تشمل الصين وكزخستان وأوزبكستان وطاجكستان كما أن روسيا ليست بعيدة عنه ولا إيران. 2- أن قيرغستان بما تملكه من موارد طبيعية متجددة تم ذكر بعضها سوف تكون بالتأكيد مركز جذب للعديد من الفرص ومجالاً مناسباً لكثير من تناغمات وتجاذب البلدان المحيطة به أو القريبة منه. وبالتالي فإن لم نغتنم نحن تلك الفرص فسوف يستفيد منها غيرنا. والمجال هنا لا يقتصر على الاقتصاد وإنما يتعداه بكثير. وعلى هذا الأساس فإن استثمارات القطاع الخاص في جمهورية قيرغستان يفترض أن تلقى كل الدعم والمساندة من قبل القطاع الحكومي.