ان الاحتفاء بذكرى البيعة المباركة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يكتسب قيمته ومصداقيته عندما يترجم الى انجازات شهد لها الوطن كل الوطن بأنها انجازات ذات طوابع وسمات وخصائص متميزة وانها بذلك تشكل علامات فارقة في مسيرة الوطن وتحولاً نوعياً في مستويات الارتقاء بالوطن نحو عالم جديد وعهد جديد وآفاق من السياسات المعرفية الجديدة وبخاصة ما يتصل منها بالاقتصاد المعرفي، فكانت أول العلامات الفارقة في مسيرته دعوته حفظه الله إلى تحول مؤسساتنا العلمية في الجامعات ومراكز البحوث العلمية إلى المنهجية القائمة على الاقتصاد المعرفي وتطبيق معايير جودة التعليم والسعي إلى المنافسة في الوصول إلى مستويات الجودة العالمية المطلوبة للدخول في التصنيف العالمي لجودة التعليم العالي. وتأكيداً علي هذا التوجه الكريم الذي تبناه الملك حفظه الله صدرت التوجيهات الكريمة لكل الجامعات لتطبيق معايير الجودة المطلوبة وتأهيل واعداد الجامعات لأخذ مكان لها في التصنيف العالمي لجودة التعليم العالي وبخاصة المعتبر منه عالمياً وهو (تصنيف شنغهاي) العالمي. وتأكيداً على هذا التوجه أيضاً دفع بكل قوة نحو انشاء أول جامعة بمواصفات جودة عالمية تتبنى وتطبق مناهج الاقتصاد المعرفي وهي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في محافظة جدة، والتي شكل قيامها أول (العلامات الفارقة) في التعليم العالي التي تم تثبيتها بقوة ووضوح وتميز على درب المسيرة المباركة لهذا الوطن الغالي. وطالما ان هدفنا في هذه المقالة التي نشارك بها في الاحتفاء بالذكرى الرابعة للبيعة هو الوقوف عند العلامات الفارقة في المسيرة المباركة التي صاحبتها فإن ترسم الخطى خطى المليك المفدى يحفظه الله على درب هذه المسيرة يقودنا إلى مواضع هذه العلامات الفارقة التي تقف كالاعلام لا تخطئها العين ولا القلب أيضاً، وسوف يلاحظ من يقف عندها ويتأملها ان اول ما تتسم به هو التنوع.. التنوع الذي غطى مساحة الوطن كله بكل اطيافه الانسانية والاجتماعية والتعليمية والصحية والثقافية والفكرية كما غطى كل أطياف التنمية البشرية والصناعية والزراعية والعمرانية والتجارية. فعلى سبيل المثال لا الحصر.. من منا لم ير العلامة الفارقة للحراك الواسع الذي تبناه خادم الحرمين الشرييفين في مجالات (البنى التحتية) في كافة ميادين التنمية والصناعة والتجارة والتعليم في كافة مستوياته، فبقدر ما اولى حفظه الله مؤسسات التعليم العالي من اهتمام ودفعها إلى التحول نحو اقتصاد المعرفة بقدر ما اعطى التعليم العام الاهتمام نفسه فتبنى (مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام) الذي تشرف عليه وزارة التربية والتعليم. ومن منا لم ير (علامة فارقة) لسياسته حفظه الله في التعامل مع الأزمة المالية العالمية التي عصفت بدول كبرى وأحدثت فيها الكثير من الانيهارات بينما نجحت السياسة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين في اجتياز تلك الأزمة الاقتصادية فكانت المملكة بتوفيق الله من أول الدول التي لم تتأثر بتلك الأزمة، وليس هذا فحسب بل قام حفظه الله بمعالجة بعض آثارها التي انعكست على المواطن فأمر برفع رواتب الموظفين وتقديم اعانات غلاء المعيشة لمحدودي الدخل وتقديم الدعم للسلع والبضائع التي يحتاجها المواطن. كما شهد عهده المبارك على المستوى الداخلي نقلة وتطوراً نوعياً فارقاً في العديد من المجالات على قاعدة التطوير مع الحفاظ على الثوابت الإسلامية والقيم والمثل العليا. ومن منا لم ير (علامة فارقة) للسياسة الخارجية الحكيمة التي تبناها حفظه الله في ظل ظروف عالمية بالغة التعقيد وكثيرة التحولات تطحنها الحروب والأزمات وتتقاذفها أمواج متلاطمة لاتكاد تستقر بها على حال واحدة.. فكانت الحكمة تقتضي نهجاً سياسياً متوازناً ومدركاً لحقيقة الاخطار التي تحدق بالأمتين العربية والإسلامية، فكانت دعوته حفظه الله إلى لم الصف العربي وتوحيد جهوده ونزع فتيل الخلافات التي اضعفت الأمة واطمعت فيها اعداءها.. وهي الدعوة المباركة التي اطلقها حفظه الله ففاجأ بها الجميع والتي رسم من خلالها ملامح المصالحة العربية العربية، ودعوة الاخاء والمودة بين القادة العرب والمسلمين وتجاوز جميع الخلافات. أربع سنوات من عمر البيعة المباركة تمتد على مسيرة حافلة بالعطاء والانجازات والنجاحات سواء على المستوى الداخلي أم على المستوى الخارجي وجميعها تستطيع أن تميزها بما اكتسبته من علامات فارقة لاتخطئها العين.. ولا القلب. * وكيل جامعة الأميرة نورة بنت عدالرحمن