تحل هذه الأيام الذكرى السادسة لبيعة الوطن لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ملكاً للبلاد، وقائداً لمسيرته التي أسس لها وأرسى دعائمها المؤسس المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، ثم بنى عليها من بعده واستكمل مشوارها وقاد مسيرتها الغر الميامين، وتوالت الخطوات الساعية بصدق نحو رصّ اللبنات بإحكام وتماسك في بنيان هذا الوطن الشامخ حتى جاء دور الخطوة الثانية نحو العالمية المعرفية والاقتصادية على يد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ست سنوات من عمر هذه البيعة المباركة نعيش تطوراً نوعياً مشهوداً في مسيرة البناء انفتحت فيها آفاق جديدة من آليات البناء الحضاري تستهدف تغيير وتيرة العمل فكراً ومنهجاً لتستجيب لمتطلبات المرحلة الجديدة من عمر المسيرة وهي مرحلة بناء الدولة الحديثة دولة الاقتصاد المعرفي المنتج الذي سينقل البلاد إلى تصنيف جديد يضعها بين الدول المتقدمة الآخذة بأسباب العلم والتقنية. وهكذا كان..... إذ بدأ عهده حفظه الله بإحداث التغيير المنشود في كافة جوانب الحياة بإطلاق عدد من المشاريع التنموية الكبرى متمثلاً في إنشاء المدن الاقتصادية الشاملة في عدد من مناطق المملكة وتأسيس عدد من الجامعات ومؤسسات التعليم العالي النوعية على مثال جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وتطوير كفاءة العمل في بعض الجامعات بإعادة تأهيلها لتستجيب لرؤيته حفظه الله في تحويل مسارات مؤسسات التعليم العالي ورفع كفاءة أدائها الأكاديمي تحقيقاً لجودة التعليم العالي وفق معاييره المعتبرة وصولاً إلى الاعتماد الأكاديمي المؤهل للتنافس على التصنيف العالمي لجودة التعليم العالي وهو ما رأيناه في عدد من الجامعات السعودية منها جامعة الملك سعود وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن وجامعة الملك عبد العزيز وجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن التي افتتحها حفظه الله قبل أيام قليلة مطلقاً أكبر مشروع حضاري في ميدان التعليم العالي للمرأة السعودية متوجاً مسيرتها الممتدة لأكثر من أربعين عاما في طلب التعليم العالي منذ أن تأسست أول كلية لها في الرياض في عام 1399ه، ومعطياً بها الدور للمرأة السعودية لتحقيق رؤيته حفظه الله في تطوير كفاءتها والارتقاء بأدائها وتفعيل مشاركتها في المرحلة الجديدة من مسيرة ومرحلة بناء الدولة المتقدمة الحديثة إيماناً منه حفظه الله بأن عملية البناء المنشودة تحتاج إلى كل طاقات أبناء وبنات الوطن ولا ينبغي لنصف طاقة المجتمع المتمثلة في المرأة السعودية أن تكون معطلة أو ضعيفة في أدائها وحتى يمكن الاستفادة منها كاملة فلابد أن نهيئ لها الأسباب التي تنمي وتطور قدراتها. وهذا يؤكد على رؤية استراتيجية لخادم الحرمين الشريفين قوامها أن الوطن هو ما ينبغي أن يكون (أولاً) فهو ثروة البلاد الحقة، وهو العمود الفقري في مشروع بناء الدولة الحديثة المتقدمة فلا دولة حديثة متقدمة تأخذ بأسباب العلم والتقنية والاقتصاد المعرفي بدون مواطن ومواطنة مؤهلين علمياً وعملياً للقيام بذلك من أجل هذا اتجهت جهوده حفظه الله للاهتمام بالمواطن من حيث تحسين مستوى معيشته وتوفير أسباب العيش الكريم له وتوفير الأمن والاستقرار والطمأنينة له ولأسرته، فأطلق حفظه الله ورعاه عدداً من المشروعات التي تستهدف تحسين مستوى معيشته وفتح أبواب العمل أمامه وتطوير كفاءته وأداء عمله، وتحقيقاً للهدف نفسه أطلق حفظه الله حزمة من الأوامر الملكية قبل نحو شهرين تقريباً تجاوز حجم الإنفاق فيها ما يزيد على (150) مليار ريال جميعها تستهدف المواطن والمواطنة تحسيناً لمعيشتهم وتطويراً لكفاءتهم وأداء عملهم لدورهم المنتظر في بناء الدولة الحديثة وما يتطلبه هذا الدور من إطلاق كل طاقات أبناء المجتمع وبناته. سنوات ست من عمر البيعة المباركة هي سنوات الخير والعطاء والبناء والتطوير والتغيير ساد فيها التآلف والتكاتف والتعاضد بين القيادة والشعب، وشهدت أكبر حزمة من مشاريع التنمية المستدامة بكل أنواعها ومستوياتها ولكن يظل في مقدمتها عنصر التنمية البشرية التي استهدف بها حفظه الله ورعاه المواطن بوصفه ثروة البلاد الحقة والمحور المركزي لعملية التنمية والبناء. وإن هذا البناء المتراص الشديد الصلب ليؤتي ثماره وقت الشدة ويزداد تماسكه وترابطه وتعلو همته في مواجهة الباطل والذود عن حياض الوطن بالعمل والإثمار لا بالكسل والاتكال وبالتواصل بين الأصول وفروعها فيبقى وطنناً أبياً عزيزاً رغم المصاعب والعقبات التي لا يحمي منها سوى الحق والثبات. حفظ الله البناء والقائمين عليه والعاملين له والمستظلين بظله على مر الأيام ومن نجاح إلى نجاحات تترى وبحر جود الوطن زاخر بالخيرات. يا خادم الحرمين الشريفين إن الوطن الذي بايعكم هاهو اليوم يجدد البيعة في ذكراها السادسة، البيعة على الوفاء والإخلاص في القول والعمل بإذن الله، البيعة على قيادتكم الحكيمة والرشيدة لمسيرة البناء والتطوير. والله نسأل أن يحفظكم ويرعاكم وأن يمدكم بأسباب العز والنصر والتمكين. (*)مدير جامعة دار العلوم