مغادرة الطائرة ال19 إلى لبنان ضمن الجسر الجوي الإغاثي السعودي    إشكالية نقد الصحوة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    الاتفاق يواجه القادسية الكويتي في دوري أبطال الخليج للأندية    المملكة تستحوذ على المركز الأول عالمياً في تصدير وإنتاج التمور    الاحتلال لا يعترف ب (الأونروا)    «الكونغرس» يختار الرئيس حال تعادل هاريس وترمب    تركيا: نستهدف رفع حجم التجارة مع السعودية إلى 30 مليار دولار    النصر لا يخشى «العين»    الهلال يمزق شباك الاستقلال الإيراني بثلاثية في نخبة آسيا    المملكة ومولدوفا تعززان التعاون الثنائي    «التعليم»: 5 حالات تتيح للطلاب التغيب عن أداء الاختبارات    الأسمري ل«عكاظ»: 720 مصلحاً ومصلحة أصدروا 372 ألف وثيقة    الاختبارات.. ضوابط وتسهيلات    اتحاد الغرف يطلق مبادرة قانونية للتوعية بأنظمة الاستثمار في المملكة والبرتغال    «جاهز للعرض» يستقطب فناني الشرقية    «انسجام عالمي» تعزز التواصل مع المقيمين    شتاء طنطورة يعود للعُلا    12 تخصصاً عصبياً يناقشه نخبة من العلماء والمتخصصين بالخبر.. الخميس    المحميات وأهمية الهوية السياحية المتفردة لكل محمية    ليلة الحسم    برعاية الأميرعبدالعزيز بن سعود.. انطلاق المؤتمر والمعرض الدولي الرابع لعمليات الإطفاء    سلوكيات خاطئة في السينما    إعادة نشر !    «DNA» آخر في الأهلي    العلاج في الخارج.. حاجة أم عادة؟    1800 شهيد فلسطيني في العملية البرية الإسرائيلية بغزة    ربط الرحلات بالذكاء الاصطناعي في «خرائط جوجل»    رئيس الشورى يستقبل السفير الأمريكي    مسلسل حفريات الشوارع    للتميُّز..عنوان    لماذا رسوم المدارس العالمية تفوق المدارس المحلية؟    منظومة رقمية متطورة للقدية    الأمير عبدالعزيز بن سعود يتابع سير العمل في قيادة القوات الخاصة للأمن والحماية    الأمير تركي بن طلال يستقبل أمير منطقة الجوف    زرًعِية الشبحة القمح العضوي    تنوع تراثي    غيبوبة توقف ذاكرة ستيني عند عام 1980    نحتاج هيئة لمكافحة الفوضى    في شهر ديسمبر المقبل.. مهرجان شتاء طنطورة يعود للعلا    كلمات تُعيد الروح    قصص من العُمرة    " المعاناة التي تنتظر الهلال"    في الجولة الرابعة من دوري أبطال أوروبا.. قمة بين ريال مدريد وميلان.. وألونسو يعود إلى ليفربول    الاستقلالية المطلقة    تشخيص حالات نقص افراز الغدة الدرقيه خلال الحمل    النظام الغذائي المحاكي للصيام يحسن صحة الكلى    أمير تبوك يستقبل قنصل بنغلاديش    ترمب وهاريس في مهمة حصاد جمع الأصوات    «تطوير المدينة» تستعرض التنمية المستدامة في القاهرة    سعود بن بندر يهنئ مدير فرع التجارة بالشرقية    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على مناطق المملكة حتى السبت المقبل    وزير الدفاع يستقبل نظيره العراقي ويوقّعان مذكرة تفاهم للتعاون العسكري    السعودية تؤكد دعمها لجهود التنوع الأحيائي وتدعو لمؤتمر مكافحة التصحر بالرياض    قائد القوات المشتركة يستقبل الشيخ السديس        حرس الحدود بعسير يحبط تهريب 150 كلجم من القات    مقال ذو نوافذ مُطِلَّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المبتعثون في الأردن».. الغربة صنعت المستحيل!
السعوديون في الأردن يبحثون عن العلاج والتعليم المفقودين (2-4)
نشر في الرياض يوم 22 - 06 - 2009

تكتظ الجامعات الأردنية بطلاب سعوديين يدرسون في درجة البكالوريوس، والدراسات العليا، وفي مختلف التخصصات النظرية، والتطبيقية، وكذلك الحال بالنسبة للمعاهد المختلفة.
وارتأت «الرياض» أن تكشف سر هذا الإقبال الذي أصبح يشكل ظاهرة، بعد أن رأت تهافت الطلاب وزيادة أعدادهم زيادة ملحوظة ومطردة، فقامت بزيارة ميدانية لمدينتي عمّان وإربد وغيرها من المدن الأردنية، لتلتقي بعدد منهم عن قرب وتتعرف على أحلامهم وآمالهم، وأجرت معهم حواراً حول الأسباب الحقيقية التي دفعتهم لاختيار الدراسة في تلك الجامعات والمعاهد، وتحدثت معهم عن أهم المعوقات التي تعترض طريقهم.
ويروي الطلاب السعوديون في الأردن «المبتعثون على حساب وزارة التعليم العالي، والدارسون على حسابهم الخاص» في هذه الحلقة قصة معاناتهم الصعبة مع متغيرات الحياة وظروف المعيشة، وكذلك تعامل بعض موظفي الملحقية السعودية حول تنفيذ بعض الإجراءات الروتينية ومماطلة البت في الكثير من معاملتهم، والتي كادت أن تقف حجر عثرة في طريقهم للحد من مستوى تحصيلهم العلمي، ومواصلة دراساتهم بمختلف تخصصاتهم وتنوع مستوياتهم.
كما يكشف الطلاب قصة تكبدهم عناء السفر، وتحمل أعباء الغربة عن الوطن، واختيارهم الدراسة في جامعات بعض الدول المجاورة رغم حجم المخصصات المالية الضخمة لدعم التعليم بشقيه العام والعالي، والزيادة المطردة في عدد الجامعات السعودية، والتي ارتفعت إلى 20 جامعة موزعة على مختلف مناطق المملكة، تحوي العديد من التخصصات التطبيقية والنظرية.
التخصص والرغبة في التغيير
في البداية علل المواطن عبدالله بن ناصر الدوسري إبتعاثه إلى جامعة الإسراء بعمان واختياره الدراسة في الأردن إلى رغبته في اكتساب مهارات جديدة وخبرة مغايرة، والتغيير عن المألوف.
أقسام الطب في السعودية تغلق أبوابها!
من جانبه، حمل الطالب رائد الدهمشي (من جامعة التكنولوجيا بإربد - تخصص طب)، الجامعات السعودية مسؤولية تغربهم، وقال: على الرغم من ارتفاع معدلي، إلا أن شح فرص القبول في أقسام الطب بالجامعات السعودية أجبرتني على حزم أمتعتي والتوجه إلى الأردن، حتى أحقق أمنيتي وطموحاتي،متمنياً أن تفتح الجامعات السعودية صدرها بشكل رحب وواسع لأبنائها.
وتساءل لماذا لا تستوعب كليات الطب في جامعتنا أكبر عدد ممكن من الطلاب، ما دام أن البلد بحاجة ماسة لسنوات طويلة إلى هذا التخصص؟ ولم تستوعب جامعات البلدان العربية أعدادا كبيرة، بينما جامعاتنا تضيّق الفرص على أبناء الوطن؟، وإذا كان هناك معوقات تحول دون تطبيق الطلاب في المستشفيات الجامعية مثلاً، فلم لا تحل هذه المشكلات؟ ولم يستسلم بعض مسؤولي هذه الأقسام للمشكلة التي تعترض طريق أبنائهم؟ أليس بالإمكان إيجاد حلول؟ فكل الجامعات العربية والعالمية يعترضها مثل ذلك، ولكنها تبحث عن حلول فتجدها!!.
الملحقية الثقافية
وأعرب الدهمشي عن استيائه وبعض زملائه من تعامل بعض موظفي الملحقية الثقافية في الأردن، مؤكدا على أنهم لا يجدون التعامل الراقي سوى التعنت والغضب دون أي سبب، مضيفاً: أن المؤمل من أولئك الموظفين أن يكونوا عوناً للطلاب، إلا أن الواقع خلاف ذلك تماماً.
ويوافقه الرأي محمد بن غازي من مدينة أبها حضر للدراسة، مؤكداً انزعاجهم وتذمرهم الشديد من عدم تعاون الملحقية الثقافية مع الطلاب السعوديين بالشكل المطلوب، وكذلك من الغلاء المعيشي، وارتفاع سعر السكن، متمنياً أن يتم إلحاقهم ببرنامج الابتعاث، معللاً اختياره الدراسة في جامعة فيلادلفيا(تخصص هندسة وكهرباء)، لأنها معتمدة من التعليم العالي، ووجد فيها الفرصة التي تحقق طموحاته وآماله.
مناهجنا عرّتنا في الخارج
من جانبه، نوه الطالب محمد بن فهد الصواب من حائل والذي يدرس في جامعة فيلادلفيا، تخصص (هندسة وكهرباء) بقضية شائكة ومعضلة كبرى أعاقت مسيرة عدد من الطلاب السعوديين هناك، وحطمت آمالهم وقتلت طموحاتهم، وقال: فوجئنا بأن كثيراً من الأساسيات تنقصنا، ولم يسبق لنا دراستها في مناهج التعليم العام، وتفوق الطلاب الأردنيين علينا في هذا الجانب، مؤكداً على أنهم يعانون من ضعف في كثير من الأساسيات الدراسية في الهندسة، والرياضيات، والفيزياء، واللغة الانجليزية، وأنهم يتجرعون مرارة ذلك، ولا زالوا يدفعون الثمن كبيراً، ووجه الطلاب السعوديون سؤالاً صريحاً إلى وزارة التربية والتعليم حول سر ضعف المناهج في التعليم العام؟.
قرار مجحف!
ولم يخف ل(الرياض) الطالب محمد الهذال، الذي يدرس في السنة الثالثة في الجامعة الأردنية (قسم التربية الخاصة) تأزم وضعه، وشكى بحسرة ومرارة، قائلاً: كنا في السابق من المرشحين لبرنامج خادم الحرمين للابتعاث، وبعد مضي 30 ساعة حسب الشروط والمعدل المطلوب فوجئنا بإيقاف القرار بالنسبة لتخصصنا، مضيفاً: ولأننا قد أمضينا وقتاً طويلاً فلم يكن أمامنا إلا مواصلة الدراسة على حسابنا الخاص.
ولفت إلى توجه وكيل وزراة التعليم العالي لشؤون الابتعاث د.عبدالله الموسى للبحث عن حل للقرار المجحف الذي جاء متأخراً، وتجرعوا مرارته، معرباً عن إندهاشه من رد د.الموسى عليه بقوله "افصل"!!.
وقال تألمت كثيراً خصوصاً بعد أن علمت أن هناك استثناءات وتمييزا بين الطلاب، مؤكداً على أنه تم إلحاق عدد من الطلاب في نفس التخصصات بالبعثة، على الرغم من أن الشروط لا تنطبق عليهم، وتساءل الهذال: ألسنا أبناء وطن واحد، فلماذا يفرقون بيننا؟!.
ويضيف: ظروفنا صعبة وكثير منا شارك أهله في مكافأة الضمان الاجتماعي لتغطية مصاريف دراسته، وكان ذلك على حساب أسرتنا، فلماذا يطبق علينا القرار بعد أن "ورطونا"؟!.
وأوضح الهذال أنه لا توجد مزايا للطلاب الذين يدرسون على حسابهم الخاص، مشيراً إلى أن بعض دول الخليج توفر لطلابها غير المبتعثين تأميناً صحياً، وإعانة شهرية، إلى جانب مساواتهم بالطلاب الدارسين في الداخل.
وتابع: من المحزن جداً أن أجد كل الطالبات الخليجيات اللاتي يدرسن هنا في الأردن قد دأبت دولهن على توفير مسكن خاص بهن، بينما كثير من السعوديات يضطررن للسكن في شقق على حسابهن الخاص!
سعوديون يستنجدون بالملحق الكويتي!
ويتحدث"حسين" مبتعث إلى جامعة البلقاء التطبيقية (تخصص: تربية خاصة) عن غلاء المعيشة، مؤكداً على أن مكافأة الابتعاث لا تغطي إلا مصروفات النصف الأول من الشهر،وأن البدل الذي يتقاضونه لا يكفي لتقوية الدروس التي يلجأ إليها كثير من الطلاب السعوديين لرفع مستواهم كي يتماشى مع المناهج في الجامعات هناك، مشيراً إلى ارتفاع أسعار السكن والمواصلات.
ويتفق حسين مع الهذال في موقفهما من الملحقية الثقافية السعودية، وقال: عندما يواجه الطلاب السعوديون كثيراً من المشكلات يلجؤون إلى الملحق الثقافي الكويتي، بهدف "الاستنجاد والنخوة"، ليتدخل في حل بعض المشكلات التي تعترض طريق دراستهم مثل تسجيل مقرر معين، وفتح شعبة مغلقة، وغير ذلك.
المعيشة غالية
من جهته، أوضح فارس بن صالح آل منصور طالب في جامعة عمّان الأهلية (تخصص هندسة اتصالات) بعض المشكلات التي اعترضت طريقه، وقال: قدمت أوراقي للاتحاق ببعثة خارجية بعد 12 سنة من الدراسة المتواصلة حققت فيها معدل 75% وهو ما أهلني للابتعاث، مبيناً أن تأخر إجراءات الملحقية حرمه الفرصة، مضيفاً: المعيشة غالية، والتكاليف هنا أكبر من طاقتنا.
من جانبه، أرجع الطالب إبراهيم الدهمشي أسباب دراسته لمرحلة البكالورويس في الأردن (تخصص التمريض)، إلى عدم توفر الفرص بالجامعات السعودية، والنقص الحاد وندرة الكوادر الوطنية المؤهلة والمدربة التي تشغل هذا التخصص، مؤكداً على رغبته في الحد من الأعداد الكبيرة في هذا المجال من المتعاقدين، وتسهيل إجراءات الالتحاق بها ليدرسها المواطن وسد العجز فيها.
وقال قررت الاستفادة من البعثات الدراسية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله -، بسبب قلة فرص القبول في الأقسام الصحية في المملكة، مشيراً إلى أنه قام بزيارة لوكيل وزارة التعليم العالي لشؤون الابتعاث الدكتور عبد الله الموسى الذي بدوره زودني بكتيب يضم شروط الإلحاق بالبعثة الدراسية، وبناءً على ذلك ذهب إلى جامعة الزيتونة في الأردن.
ويضيف الدهمشي:"في منتصف الفصل الدراسي الثاني بعد أن كلفتني الإقامة والدراسة قرابة التسعين ألف ريال، وبعد أن أنهيت 30 ساعة، فوجئت بإيقاف وزارة التعليم العالي الاعتراف بإحدى عشرة مؤسسة تعليمية بالأردن، ومن ضمنها جامعة الزيتونة رغم أن معدلي أكثر من المطلوب للالتحاق بالبعثة، واستيفائي للشروط المطلوبة للابتعاث، معللاً ذلك بتكدس الطلاب في تلك الجامعات، مع العلم بأن عدد الطلاب السعوديين في تخصص التمريض بجامعة الزيتونة لا يتجاوز العشرين طالباً فهل هذا يسمى تكدسا"؟!، منوهاً بأن الملحقية الثقافية بالأردن قامت برفع أوراقهم لإلحاقهم بالبعثة، لكن رد الوزارة جاء بالرفض بحجة إيقاف الاعتراف بالجامعة.
وتساءل:لم لا يتم إلحاقنا بالبعثة؟ خصوصاً وأن قرار إيقاف الاعتراف أتى بعد انتظامنا بهذه الجامعة، ما ذنبي أنا وإخواني الطلبة بعد ما استوفينا جميع الشروط وحصلنا على معدلات أعلى من المطلوب وحصدنا مكافآت تفوق خلال دراستنا في الأردن نحرم من الإلحاق بالبعثة؟.
تجربة الطالبات
تتقارب كثير من العادات والتقاليد بين المجتمع السعودي والأردني في جوانب عدة منها، وتختلف في البعض منها لاختلاف خصوصة وثقافة كل بلد. والتقت"الرياض" ببعض الطالبات للتعرف على منجزهن في تجربتهن الجديدة، والعوائق التي تواجهن خاصة بعد أن علمت أن بعضهن ربما تحللن من شرط المحرم في الابتعاث، بمجرد أن تتم الإجراءات الرسمية الأولى، حيث جاء المحرم على مستوى المعاملة الإدارية، أما في الواقع فنجد أن بعضهن يدرسن في مدينة وقريبته في أخرى، كما أن بعض من يدرسن على حسابهن الخاص جئن بلا محرم.
في البدء بينت الطالبة "زهراء" من المنطقة الشرقية والتي تدرس مرحلة البكالوريوس في جامعة العلوم والتكنولوجيا بإربد(تخصص طب بشري)، أنها حصلت في الثانوية على معدل 97% عام 2006م، مؤكدة على أن محاولاتها للالتحاق بأقسام الطب في الجامعات السعودية باءت بالفشل، ولم يتسن لها ذلك، منوهة بقبولها في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة الملك سعود، لكنها كانت تطمح في الحصول على فرصة في الطب، لثقتها بقدراتها في هذا التخصص، مضيفة: للأسف أن أحلامنا تكسرت على عتبة بعض جامعاتنا.
وأوضحت زهراء أن السنة التحضيرية شكلت عائقاً لكثير من الطالبات والطلاب السعوديين وأمضت سنة كاملة من عمرهن دونى جدوى، لافتةًً إلى أن أحد المسؤولين نعتها في البداية ب "السياحية"!!
مخرجات التعليم العام ضعيفة!
وأكدت الطالبتان فاطمة(تخصص: طب بشري)، و"ز.ح" (تخصص: طب أسنان)، وزميلات أخريات لهما عدم توفر البدائل عن الغربة تشبع آمالهن وتحقق طموحاتهن، وأن معدلاتهن المرتفعة لم تشفع لهن في دخول أقسام الطب في الجامعات السعودية، على الرغم من حاجة الوطن الماسة لهذا التخصص، كما أن للتعليم الثانوي وما قبله من مناهج التعليم العام السعودي يداً طولى في ضعف تحصيل الطالب السعودي وعدم قدرته على مواجهة المناهج في الجامعات الأردنية، لافتات إلى أنه يكاد لا يوجد طالب أو طالبة سعودية لم يخضعوا لبرامج تقوية، فكأننا لم ندرس شيئا، وأن دراستنا في الثانوية وما قبلها دراسة "فك أمية"!!.
سحب البعثة!
وأعربن عن تذمرهن واستيائهن من قرارات وزارة التعليم العالي عند تقدمهن بطلب التغيير والتحويل من تخصص لآخر، مبديات إنزعاجهن من مقابلة الوزارة طلباتهن بالرفض وسحب البعثة، وتساءلن: أليس هناك حلول أخرى أخف قسوة من هذا الحل؟!
ولم تخفِ كل من زهراء وفاطمة و(ز.ح) ل(الرياض) امتعاضهن من تعامل الملحقية الثقافية معهن وعدم تجاوبها في حل الكثير من المشكلات التي تعترض طريقهن، وقلن:على الرغم من حجم المخصصات المالية الكبيرة التي تبذلها القيادة الرشيدة لدعم الابتعاث، إلا أننا لا نشعر بقيمتنا في الجامعات، وكأن ليس وراءنا ملحقية تدافع عن حقوقنا، مؤكدات على أن الطالب السعودي معاملته أكثر بطئا وتعقيدا من غيره، وأن الطلاب الخليجيين يجدون من يقف معهم، مشيرات إلى أن الملحقية البحرينية، -على سبيل المثال -، تسجل حضوراً سريعاً في أدق الأمور وأبسطها، كما أن الملحق الكويتي قسّم وقته بين الجامعات، والطالب الكويتي يجد ملحقاً مباشراً لكل قضاياه.
الطالب دائماً مخطئ..!
وتابعن: من المؤسف أن نجد بعض الطلاب السعوديين يتساهلون في الذهاب إلى الملحق الكويتي ويستنجدون به لحل مشكلاته، ونحن نتصل بالملحقية فلا نجد من يرد على الهاتف، كما أننا نضطر إلى التغيب عن بعض محاضراتنا للسفر ثلاث ساعات ذهاباً وإياباً إلى عمان لإنجاز معاملاتنا وحل قضايانا، ومن المؤلم أن يصبح شعار ملحقيتنا (الطالب دائما على خطأ)!.
ونوهن أن من أهم المشكلات التي باتت تؤرقهم قضية المواصلات بالنسبة لهن كطالبات، لافتات إلى أن دولة البحرين توفر باصات لنقل طالباتها، كما أن الإمارات وفرت سكناً خاصاً لهن، بينما نحن السعوديات ندفع الكثير من أجل أن نصل إلى جامعاتنا.
وتحدثت الطالب زهراء عن تجربتها في الاعتماد على نفسها في الغربة، مؤكدة على أنها لا تجد أن الرجل هو قارب النجاة، وأنها من دونه ستضيع، مشيرةً إلى أن هناك بنات أثبتن كفاءتهن وأهليتهن للمسؤولية، وتعاملن بمقدرة فائقة مع المواقف من دون تدخل أي طرف آخر. وأضافت: أرى أنه آن الأوان لتصحيح فكرة الشباب عنا، ويجب القضاء على الفكرة الظالمة -على حد قولها- التي ترى أن المرأة لا تستطيع أن تتصرف دون وجود رجل!، مشيرة إلى أنها استطاعت أن تتجاوز باطمئنان الفصل الأول من السنة الأولى دون محرم لظروف خاصة، مؤكدةً على أن قوة شخصيتها حفظت لها حقها!.
"مبتعثو الثانوية"..مغريات الغربة
تتغلب على تجربتهم المتواضعة!
لم تكن تجربة ابتعاث خريجي الثانوية ناجحة بكل المقاييس، بل ربما كان هناك من الأخطاء التي تعرض لها الطلاب مايجعل هذه التجربة بحاجة إلى إعادة صياغة ودراستها وتجديد شروطها، ففي الأردن، مثلاً، لم يكن بعض طلاب درجة البكالوريوس بمستوى الطموح الذي ابتعثوا من أجله، كما لم يُقدر بعض من يدرسون على حساب أهليهم ما رصدت لهم جيوب ذويهم من أجل نيل هدفٍ سام.
وشهدت الأندية الليلية وملاعب اللهو إقبال عدد من هؤلاء الطلاب، وجاء ذلك على حساب دراستهم وصحتهم وسلوكهم، وتحول مفهوم الدراسة الجاد إلى سياحة لا تحسب للمستقبل حساباً، ولم يكن بعضهم بحجم الحرية التي منحت له.
وتتناول "الرياض" بعضاً من السلبيات حول ذلك ليس بهدف التشهير أوالإثارة، وإنما بهدف دراسة هذه التجربة المكلفة، ومواجهة أخطائنا وتصحيحها، والخروج من بعضها بأقل الخسائر، ومن المؤكد أن لدى الملحقية من أخطاء بعض هؤلاء الطلاب وتجاوزاتهم ما لا تفضل الإفصاح عنه لأسباب تراها وجيهة.
ونقدم عبر هذا التحقيق بعض ما رصدته وعايشته "الرياض" واقعاً حياً ملموساً خلال جولتها الميدانية للأردن، من تجاوزات وسلوكيات وتصرفات خاطئة من قبل بعض الطلاب هناك.
وأثناء ترددنا على الملحقية الثقافية في الأردن تفاجأنا بمجيئ أحد الطلاب ووقوفه أمام مبنى الملحقية مضطرباً، بعد أن ارتوى من المسكر وغطى عقله "بالخمر" مع صغر سنه، مبدياً اندهاشه من مجيئه إلى الملحقية دون أن يتنبئ لخطورة موقفه!.
وفي واحدة من زيارتي للملحقية عندما دخلت المبنى وجدت أربعة من الشبان في أحد المكاتب يصرخون بمزاح واستهتار، وقد احتل أحدهم كرسي موظف الملحقية (غير سعودي)، وعندما سألتهم من أنتم؟! دهشت بأنهم "طلاب طب"!
وذكرت إحدى طالبات "الطب" أن عدداًُ من الطلاب والطالبات ممن يدرسون في مرحلة البكالوريوس في الجامعات والمعاهد الأردنية انشغلوا عن هدفهم السامي في توزيع أرقام الاتصال، واستغلوا هامش الحرية في التحرش والاساءة لبعضهم البعض، مشيرةً إلى أنها واجهت مضايقات من زملائها السعوديين، مضيفةً: من المؤسف أن نجد شاباً سعودياً يعاكس ابنة بلده، ويؤلمنا أن نسمع في البداية كلاماً معسولاً مثل (اعتبريني في الغربة مثل اخوك) ثم نفاجأ بغير ذلك، منوهةً بإنه إذا باءت محاولات أولئك الطلاب بالفشل أخذوا في كيل التهم لهن، والإساءة لسمعتهن.
من جهته، أرجع رئيس رابطة الطلاب السعوديين بجامعة الإسراء وأحد الأوائل في كلية الحقوق حمد بن محمد اليامي سبب إخفاق الطلاب السعوديين المبتعثين في دراستهم إلى عدم تحديدهم لرغبتهم منذ البداية، مؤكداً على أنه إذا أخفق الطالب في المرة الأولى يصاب بإحباط شديد، خصوصاً الذين يدرسون على حسابهم الخاص ويحلمون بتحقيق شروط الانضمام للبعثة، وأنه لن يستطيع تحقيق ما يصبوا إليه في ظل إخفاقه المستمر وانتقاله من تخصص.
وطالب اليامي بإنشاء لجنة تتابع عن قرب وترصد واقع دراسة هؤلاء الطلاب وتتول توجيههم وإرشادهم وتقديم النصح لهم، خصوصاً خريجي الثانوية العامة، متمنياً أن تهتم اللجنة بعد تكوينها بالجانب التوعوي عبر تدعيم كل جامعة بمن يمثلها من الطلاب بالملحقية، داعياً إلى عقد اجتماعات متكررة لتوجيه هؤلاء الشباب، وإطلاع أسرة كل طالب على مستوى إبنها الحقيقي تلافياً لهدر المال واستنزاف الوقت والجهد، وكذلك تزييف الحقائق.
وبين أنه لا يستهدف في حديثه طلاب الدراسات العليا، وإنما يقصد حديثي التخرج من طلاب الثانوية، ممن وواجهوا تجربة مختلفة، ولم يحسنوا التعامل معها، خصوصاً وأن أعداد الطلاب السعوديين في الأردن بالآلاف، داعياً الملحقية إلى المبادرة بمضاعفة جهودها.
«موظفو الشمال» يقطعون 1300 كيلومتر أسبوعياً بحثاً عن الدراسات العليا..!
يعاني أبناء المناطق الشمالية الجوف، تبوك، وغيرها، من انعدام فرص الدراسات العليا، وتكسر أحلام أبنائها المتفوقين على عتبة الحرمان، بعد أن فقدوا الأمل من حل مجد على مدى السنوات الماضية. ووقفت الظروف المادية حجر عثرة أمام طموح كثير منهم، كما عانوا من بعد المسافة بين مناطقهم والمدن التي تحوي جامعات تضم دراسات عليا، ولم يجدوا بدا من البقاء دون مواصلة دراستهم، أو شد حقائب السفر الأسبوعية جريا وراء «حلم العمر».
وسجلت «الرياض» معاناة الدارسين في الأردن من أبناء المنطقة الشمالية، واستمعت إلى كل من الدغماني، والسويلمي، وطارق، والعطيفي، وأكدوا أنهم يقطعون خلال يومي الأربعاء والخميس من كل أسبوع أكثر من ألف وثلاثمائة كيلو متر بحثاً عن نيل درجة دراسية عالية، بعد أن بخلت عليهم بعض جامعاتنا، مع أنهم يعرضون أنفسهم لمخاطر الطريق.
ولا تقف معاناة هؤلاء الدارسين عند هذا الحد، وعلى الرغم من تكالب الظروف عليهم، إلا أنهم استطاعوا مقاومتها والتغلب عليها.
وقال الدغماني: معاناتنا لا تتمثل في انعدام فرص الدراسات العليا في منطقة الحدود الشمالية فحسب، بل إن مراجعنا الإدارية لم تقدر ظروفنا، ولم تقف معنا، كما أنها لم تمنحنا موافقة دراسة لتصبح دراستنا معتمدة وذات قيمة ومردود عملي، موضحين أن التعليم العالي لن يصادق على اعتماد شهاداتهم إلا بعد موافقة مرجعهم في العمل على الدراسة.
وتساءلوا: لماذا توصد كل الأبواب في وجوهنا؟، ولماذا لا نمنح في عرعر، وطريف، موافقات على الدراسة في الجامعات الأردنية، ونحن نقع في منطقة حدودية يكفل النظام حقها في ذلك؟ لماذا لا تتاح الفرصة في مناطقنا؟ لماذا لا نخوض سباقا دائما مع الدول المجاورة، خصوصاً أن الدولة تدعم الجامعات سنوباً بميزانيات ضخمة؟
من جانبه، لم يجد سلامة بن خلف العنزي الحاصل على درجة الماجستير تخصص «موهبة وإبداع وعلم نفس تربوي» من جامعة البلقاء التطبيقية في دولة الأردن إجابة تشفي غليل معاناته، مع تناقض رؤية بعض مسؤولي التعليم العالي حول مصير شهادته.
وقال: حصلت على درجة الماجستير وبعد تقديمها لوزارة التعليم العالي في المملكة لم توافق الجهة المختصة بالوزارة على معادلة الشهادة، مع أنها وافقت على معادلة شهادات تسعة من زملائي في نفس الجامعة والتخصص - على حد قوله -.
وأضاف: «عندما استفسرت من مسؤول معادلة الشهادات بالوزارة ذكر لي بأن الجامعة غير موصى بها، وكذلك تم تغيير لجان معادلة الشهادات في الوزارة»، مؤكداً أنه استوفى في دراسته كل شروط الوزارة، مطالباً بمساواته بزملائه الذين تمت معادلة شهاداتهم.
إلى ذلك، تفاجأ مشعل بن عبدالله الحجيفي من كيل بعض مسؤولي التعليم العالي بمكيالين – على حد قوله -، مبيناً أنهم حرموا زوجته التي تدرس في درجة الماجستير – جامعة اليرموك - من الالتحاق بالبعثة بحجة أن تخصصها «علم نفس تربوي» وغير معتمد ضمن برنامج الابتعاث، مشيراً إلى أن الوزارة قبلت زميلات مماثلات لهن التخصص نفسه، وألحقتهن بالبرنامج على الرغم من انخفاض معدلاتهن عنها، مضيفاً: بل إن إحداهن بمجرد أن انضمت إلى البعثة حصلت على إنذار من جامعتها بسبب ضعف مستواها الدراسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.