يتفق معظم المراقبين العالميين على أن خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله قائد متميز، ليس فقط بإنجازاته العظيمة، وإنما بمدرسته في الحكم والعلاقات بين الدول، ورؤيته الثاقبة تجاه القضايا العالمية، وقبل ذلك وبعده، ما اتصف به حفظه الله من خصال وسجايا حميدة تفيض إنسانية، قربته من كل القلوب، فكان بحق ملك القلوب وملك الإنسانية. ولا عجب في ذلك فقد ترعرع الرجل في كنف الباني الموحد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، ونهل من مدرسته في الحكم والتكافل الاجتماعي ونصرة الضعيف، وتتلمذ على يديه في تلمس حاجات الناس وتخفيف معاناتهم، فهو معلمه الأول الذي ورثّه الصفات الرائعة في القيادة والحكمة والتبصر، فرأينا رجلاً يميل لا تطبعاً إلى البساطة في العيش، ولا يناصر باطلاً، ورغم رباطة جأشه وعلو همته، إلا أنه حساس جداً أمام دموع الضعيف والمظلوم. كيف لا وهو القائل في مجلس الشورى: من حقكم عليَّ أن أضرب بالعدل هامة الجور والظلم، كيف لا وهو القائد العربي الذي فاضت دموعه أمام الجميع، بعد استماعه للطفلة اليتيمة التي استشهد والدها في مواجهات الشرف مع المارقين والإرهابيين. وهؤلاء الأطفال السياميين من مختلف القارات والديانات والجنسيات، ممن حرص ويحرص حفظه الله على تخفيف معاناة ذويهم وبعث الأمل في نفوسهم، باستضافتهم لتحقيق أحلامهم في مملكة الإنسانية، إنه بلا شك ملك الإنسانية. وفي الحفل الذي أقيم لتكريمه حفظه الله والفائزين بجائزة الملك فيصل على مدى ثلاثين عاماً في مارس 2008 ميلادي، أطلق وهو يتسلم جائزة خدمة الإسلام عبارته المشهورة: (رأيت بعد استخارة الله أن أقبل الجائزة نيابة عن كل مسلم ومسلمة خدموا الإسلام بصمت بعيداً عن الأضواء ودون انتظار جزاءً ولا شكورا). يضاف إلى ذلك دعمه يحفظه الله لبرامج المسؤولية الاجتماعية ولكافة المبادرات ذات النفع العام، وبمادرته حفظه الله بإنشاء مؤسسة الملك عبدالله لوالديه للإسكان الخيري، وما تقدمه من خدمات إنسانية وتنموية على الصعيد الوطني، ومستشفى الملك عبدالله للأطفال، كل هذا للتمثيل فقط لا الحصر، وهو يعتبر غيض من فيض لمواقف إنسانية لا تعد ولا تحصى تجير لمقامه الكريم يحفظه الله. هذه المواقف التي تسير جنباً إلى جنب مع مواقفه المشرفة تجاه قضايا العرب والمسلمين وأجيالهم القادمة، وتعامله معها بالحكمة والعقلانية المتأصلة في نفسه تجسيداً لإيمانه الراسخ في حق هذه الأمة في النهوض والتقدم وقيادة العالم. وإيمانه بالحوار البناء الهادف لم يقف عند توجيهه الكريم بإنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، بل عمم فكرة الحوار لتأخذ بعدها الأممي، بدعوته وتبنيه للحوار بين الأديان السماوية. كما أن رعايته حفظه الله للمهرجان الوطني للتراث والثقافة، الذي ينظمه الحرس الوطني بالجنادرية، كل عام، منذ ربع قرن تقريباً، يعد واحداً من أبرز اهتماماته الثقافية، لاستقطاب الأديان والعلماء والشعراء والمفكرين من العالم أجمع، تتويجاً لحبه للعلم وأهله. وغير بعيد عن هذا السياق مبادرته حفظه الله لدعم المحتوى العربي لتقنية المعلومات، لتوظيف هذه التقنية لخدمة اللغة العربية، لغة القرآن الكريم. والقرار التاريخي، بإنشاء هيئة البيعة، واهتمامه حفظه الله بقضية العرب والمسلمين المركزية، قضية فلسطين، بإطلاقه مبادرته الشهيرة التي أصبحت تعرف فيما بعد بالمبادرة العربية بعد اعتمادها في القمم العربية، كأساس لحل الصراع العربي الإسرائيلي. كلها شواهد حية على نفاذ بصيرة القائد واستقرائه لمستقبل شعبه وأمته العربية والإسلامية، وكله يصب في خدمة البشرية والإنسانية جمعاء. هذه الشواهد التي مهما اجتهد الراصدون لتدوينها واستعراضها، ستبقى مجرد محاولة لرصد جزء من الحقيقة التي تظل على الأرض واقعاً أبلغ من الحروف والكلمات. وبالتالي ليس غريباً ولا مستغرباً، حين تثمن صحيفة الواشنطن تايمز في مقالها التحليلي لرئيس استشارة بحر قزوين: آس روب سبحاني ما يتميز به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من رؤى ثاقبة تجاه المجالات السياسية والاقتصادية والثاقبة والحوارية، حين عدَّته واحداً من أبرز أربعة زعماء في العالم، اضطلعوا بالدور الأهم على الساحة السياسية والدولية. * عضو مجلس الشورى