تلقى رئيس الوزارة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو النصح من الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، ومن وزير الدفاع إيهود باراك بعدم الدخول في صدام وعناد مع الولاياتالمتحدةالأمريكية لأن نتائجهما تؤديان إلى ضياع كثير من الحقوق الإسرائيلية فوق المسرحين الإقليمي والدولي، ولا يوجد مبرر للتضحية بها خصوصاً أن واشنطن لا تزال تعلن عن الروابط الحميمة لها بتل أبيب. هذا الواقع دفع وسطاء السلام الغربيين إلى انتظار إعلان إسرائيلي صريح وواضح يثبت العمل الرامي إلى تحقيق السلام مع الفلسطينيين. وعبَّر عن هذه الحقيقة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل بإعلانه أن رئيس الوزارة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قد اخبره بأنه يسعى إلى إرضاء الولاياتالمتحدةالأمريكية من خلال استئناف المحادثات والمفاوضات بشأن الدولة الفلسطينية. اصطدم هذا الموقف الدعائي مع موقف فعلي عبَّر عن المسؤولون المشاركون في اجتماع اللجنة الرباعية للسلام بقولهم إن رئيس الوزارة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو هو يرفض تجميد البناء في المستوطنات اليهودية بالضفة الغربيةالمحتلة ويرفض أيضاً إقامة الدولة الفلسطينية، وكلاهما منصوص عليهما في "خارطة الطريق للسلام" لعام 2003م مما أدى إلى انشقاق حاد في العلاقات بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وبين إسرائيل. لا يخفف من هذا الموقف الحرص المفتعل من بنيامين نتنياهو الرامي إلى الحفاظ على التحالف والائتلاف اليميني الحاكم المنقسم على نفسه الذي دفعه إلى التحدث عن اقتراحات مؤقتة لسد الفجوة في مباحثات السلام عن طريق إقرار الحكم الذاتي الفلسطيني دون سلطات سيادية تفصلها عن إسرائيل وتعطيها حق تشكيل جيش نظامي لها، وهو ما يرفضه تماماً الفلسطينيون من واقع تجربة لهم سابقة جسدها الحكم الذاتي المحدود بموجب اتفاقات سلام مؤقتة موقعه في عام 1993م وهم اليوم يصرون على حقوق الدولة الكاملة، يعرقل هذا الإصرار بصراحة الانشقاق الفلسطيني بين فتح وحماس، فالأولى تتفاوض مع إسرائيل والثانية ترفض التعايش مع إسرائيل وتسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007م. ذكر وزير الدفاع إيهود باراك أن رئيس الوزارة بنيامين نتنياهو يضع اللمسات النهائية على رؤيته الرامية إلى المضي قدماً في عملية السلام مع الفلسطينيين، ويتطلع أن تقوم الدول العربية بدور متزايد في هذا الطريق الذي يتطرق إلى إقامة الدولة الفلسطينية وفقاً لخطة خارطة الطريق وهو مطلب إسرائيلي غريب لأن الدور العربي في تطبيع العلاقات مع إسرائيل مستند إلى المبادرة العربية التي تقرر بوضوح انسحاب إسرائيل من كل الأراضي العربية المحتلة في فلسطين، ومرتفعات الجولان السورية، ومزارع شبعا اللبنانية، وبدون هذا الانسحاب الإسرائيلي لا يقوم التطبيع العربي للعلاقات مع إسرائيل. يقول خافيير سولانا منسق السياسة الخارجية لدول الوحدة الأوروبية أثناء زيارته للضفة الغربية "إنني لا أعرف بالدقة ماذا يريد رئيس الوزارة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ولكن أود أن اسمع بأن إسرائيل ستوقف المستوطنات وتستأنف المفاوضات مع الفلسطينيين التي تؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية. تظهر استطلاعات الرأي أن هناك انقساماً في الرأي العام الإسرائيلي غير أن التوجه يدل على أن الناخبين يريدون موقفاً أكثر صرامة تجاه مبدأ الأرض مقابل السلام، لأنهم لا يثقون بأنهم سيحصلون على السلام إذا انسحبوا من الأرض ويؤكد بعض من الإسرائيليين أنهم يرغبون في تقديم الحد الأدنى من ما يريده الفلسطينيون لإبرام اتفاق معهم يؤدي إلى تفكيك معظم المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة دون المساس بحق اليهود في الحياة فوق الأرض المحتلة. أعلن رافي سميث خبير استطلاع الرأي أن 55٪ تبدار إلى تقديم المشروع بالإماراتالفلسطينية إلى "الكنيست" البرلمان لإقراره وفرضه كإحدى سبل السلام بأن يكون للفلسطينيين إمارات متعددة بدلاً من دولة واحدة تجمعهم وهو حديث افك لا تقبل به الجماهير الفلسطينية على الرغم من الانشقاق القائم بين فتح وحماس. يدعو موتي كيدار إلى تقسيم الأراضي الفسلطينية إلى إمارات باستثناء القدس على أن يتم تعيين أمير وخليفة لكل إمارة وأن يكون لكل منها جيش خاص وطابع مميز لها.. ويقول موتي كيدار إن هذه الإمارات سوف تتمتع بوضع اقتصادي متميز، وستكون أغنى من دول الخليج مجتمعة إذا نجح الفلسطينيون في استغلال حقل الغاز الطبيعي الضخم الموجود أمام شواطئ قطاع غزة. لا شك أن هذا التفكير الإسرائيلي يستهدف تقديم البديل غير العملي لحل الدولتين للشعبين الذي يؤيده الرأي العام العالمي والأسرة الدولية ويثبت في نفس الوقت أن إسرائيل غير جادة في إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين في سبيل السلام بالشرق الأوسط.