أنقذ ديوان المظالم موظف مبيعات بالخطوط الجوية السعودية زجت به " الشبهة" في أتون السجن , وأنصفه بعد أن ألصقت به التهمة من بين زملائه زورا وبهتانا , الأمر الذي جعله يصارع وحيدا معاناة القيود في غياهب السجن الانفرادي حينا والجماعي حينا آخر. وبدأت ذيول القصة التي دفع ( ح . س ) ثمنها بين جنبات السجن من جهة وهو يقاسي ألم الظلم الجائر تتجمع حين أودع سلّم مبيعاته اليومية للمندوب , إلا أن حظه العاثر والعشوائية الإدارية جعلته يردد من خلف القضبان بيت الشعر الشهير (وظلم ذوي القرابة أشد مضاضة... على المرء من وقع الحسام المهند). وقال المحامي فلاح الشمري وكيل الموظف (ح . س) إن الخطوط السعودية كانت قد تقدمت بشكوى ضد موكله " تحتفظ الرياض باسمه "وهو ما تسبب بإيقافه عن العمل وسجنه لعدة أشهر بتهمة اختلاس مبالغ ايرادات يومية تجاوزت السبعة ملايين ريال , وبعد التحقيق في هذه القضية التي عانى فيها موكله الأمريّن من سجن وتشهير تسبب له بمشاكل مادية واجتماعية كبيرة ثبت عدم إدانته وتبرئته من التهمة الموجهة إليه مع إلقاء اللائمة في ذات الوقت على الخطوط السعودية. وأعلن الشمري أن موكله تقدم بشكوى ضد الخطوط لدى ديوان المظالم مطالبا بتعويضات مادية وأدبية على مالحق به من أذى بسبب خطأ بعض الاداريين في الخطوط الذين حاولوا تغطية هذه القضية باتهامه كونها ربما تلحق الضرر بكثير منهم , مضيفا أن موكله أقام دعوى على الخطوط السعودية لتصحيح وضعه الوظيفي وترقيته أسوة بزملائه وتعويضه ماديا وأدبيا عن ما لحق به من أضرار مادية واجتماعية , موضحا بقوله :" الحكم الصادر دليل قطعي على براءته عدا عن ما تكشف من إهدار للمال العام في الخطوط السعودية , وهو كمواطن سعودي أولا لابد أن ينصف , وهم السبب في ما يحدث له حيث يتخلف عن زملائه بعدة مراتب إضافة لزجه بالسجن وإيقافه عن العمل وتعرض لمشاكل إجمتماعية كبيرة , ولا أعتقد أنه من الإنصاف أن لا يحكم له بتعويض مقابل كل ماتعرض له , وللأسف هناك ثغرة واضحة بالنظام حيث تقول الخطوط السعودية أنها منحته نصف مرتب عن كل شهر ولابد أن يفعّل نظام التعويض وحتى يرتدع كل المسئولين الذين يتسببون في أذى أي مواطن من القطاعين العام والخاص وكلنا ثقة بأنه سيحصل على الأنصاف من ديون المظالم". ومن جانبه قال الموظف (ح . س ) شارحا معاناته التي إستمرت لعدة أعوام جرّاء التهمة والتي دفع ثمنها غاليا:" القضية بدأت عندما كنت موظفا في قسم المبيعات بالخطوط الجوية السعودية في عام 1426 ه وتم اتهامي باختلاس مبالغ مالية تجاوزت السبعة ملايين ريال , وقد شرحت لهم بان المندوب قام باستلام اليومية مني وسلمها إلى قسم مراقبة وتسجيل التذاكر, ومع هذا لم يستمعوا إلي مع العلم أنهم اطلعوا على دفاتر الاستلام والتسليم ولكن أرادوا أن أكون كبش فداء وأحالوا أوراقي وبطريقه غير نظاميه إلى شرطة الديرة وتم القبض علي بدون مذكرة اتهام , ولم يراع النظام وكذلك جهة الاختصاص وهي هيئة الرقابة والتحقيق وتم سجني ثلاثة أِشهر منها شهرا انفراديا". ويواصل الموظف شرح معاناته من تبعات هذه القضية القضية قائلا :" خلال عشرة أيام قضيتها في الحجز على خلفية هذه القضية كانت زوجتي وأطفالي لا يعرفون عني شيء وهل أنا حي أم ميت , إلى أن تمكنت وبصعوبة من الاتصال بأهلي وتم إحالة القضية لجهة الاختصاص , وإطلاق سراحي بكفالة حضورية". وزاد الموظف (ح . س ) :" لقد شوهوا سمعتي عند أهلي وأقاربي وأصدقائي وأصبحت منبوذا من المجتمع الذي أعيش فيه وتم كف يدي عن العمل لمدة ثلاث سنوات وثمان شهور وبسبب ذلك تراكمت علي القروض والديون والمشاكل المادية والنفسية وتأخرت ترقياتي وتوقف سلم رواتبي , وبعد ذلك منّ الله علي بالبراءة من جميع التهم المنسوبة إلي من مقام ديوان المظالم وأعدت إلى عملي بقوة النظام وبعد أن تقدمت إلى المسئولين في الخطوط السعودية وعلى رأسهم المهندس خالد الملحم عدة مرات لم يعيرني احد أي اهتمام بل قالوا - احمد ربك انك رجعت للعمل - حيث تقدمت بطلب تعويض عن ما حصل لي من مشاكل وتشويه سمعه وطلبت ترقيه أسوة بزملائي وحتى الآن لم أجد أي تجاوب من الخطوط السعودية". وينوي المحامي فلاح الشمري بالمشاركة مع تكتل قانوني للترافع ضد الخطوط الجوية السعودية في قضية أخرى جديدة لدى الدوائر القضائية المختصة بحجة الدفاع عن المال العام معتمدين بذلك على الحكم الصادر من ديوان المظالم والذي ينتقد صراحة نظام الاستلام والتسليم بين إدارتي المالية والمبيعات في الخطوط السعودية بعد أن تكشف للديوان الهدر المالي, مضيفا:"سنحاسب النظام المالي بالخطوط السعودية بهدف اصلاح الاعوجاج الذي أشار اليه ديوان المظالم". وأوضح الشمري أن الدعوى العامة الجديدة ضد الخطوط السعودية بناء على ما تضمنه الحكم الأساسي في القضية السابقة متضمنة إيضاحات بالأضرار التي لحقت بموكله , وأردف بالقول :" الخطوط السعودية قامت بالعديد من الإجراءات الخاطئة في هذه القضية وتعرض موكلي للسجن والإيقاف عن العمل , أعتقد أن هذا ظلم واضح لا يقبل به ولاة الأمر حفظهم الله أو المسئولين ولابد من تصحيح الوضع واعتبار هذه القضية أنموذج لقضايا أخرى يتعرض فيها مواطنون لظلم كبير تبعا لأهواء وقرارات مجحفة من رؤساء ومدراء , والمتهم الرئيس في هذه القضية هو النظام المالي السيئ بالخطوط الجوية السعودية , وديوان المظالم قال هذا نصا في حكمه بالقضية وأكد أن هناك إهدارا للمال العام ولم يقل هذا ارتجالا أو اعتباطا بل من واقع التحقيق مع العديد من الموظفين وعقد عدة جلسات وتبين للديوان أن هناك إهدار للمال العام في الخطوط السعودية , وأعتقد أنها قضية رأي عام في المقام الأول وبالتالي وبموجب الحكم القضائي السابق والقضية المنظورة حاليا يحق لنا حسب النظام في الدعاوي العامة التي تهم المجتمع ان نرفع أنا ومجموعة من الزملاء المحامين قضية عامة ضد الخطوط السعودية للحفاظ على المال العام من الإهدار". وكان حكم ديوان المظالم الذي صدر بعد التحقيق الموسع الذي جرى في هذه القضية أشار نصيا في حكمه النهائي والذي تحتفظ "الرياض" بصورة منه بما يلي :" وحيث أن أوراق القضية وما كشفه التحقيق مع موظفي الادارة المالية ومع المتهم وما قدمه المتهم من صورة محضر العثور على يومية ثلاثة عشر موظفا مع مستنداتها ساقطة أمام مدخل أحد الأسواق وعدم وجود نظام دقيق ومحدد بموجب مستندات خاصة للاستلام والتسليم وسوء التخزين والاهمال والتفريط وضياع المستندات وبعد اطلاع فرع الهيئة (هيئة الرقابة والتحقيق ) عليها فأنه كان يتعين على الفرع بصفته الجهة المختصة بالرقابة على عمل الموظفين والحفاظ على المال العام أن يباشر التحقيق مع تلك الادارات ويشكف المخطئ والمسيء ويتخذ بحقه الاجراءات النظامية وفقا لاختصاصه, وتضع الدائرة كل ذلك أمام أنظار المختصين في الخطوط الجوية العربية السعودية وهيئة الرقابة والتحقيق لاتخاذ الاجراءات والتدابير اللازمة التي تحفظ المال العام من الضياع".