حتى يتم اكتمال السعي نحو اختراع قائد سيارة آلي بإمكانه التعامل مع أحوال الطريق ويتخاطب آلياً مع السيارات الأخرى وقائديها (الروبوت) لابد لنا من قبول مساوئ وحسنات قائد السيارة البشري الذي يُشكّل جُل المشكلة فالعنصر البشري (سائق ،راكب ،مشاة ،رجل مرور) هم الحلقات المهمّة في منظومة حوادث السيارات بل هم العناصر العاقلة بمعنى يمكنهم استيعاب المخاطر والتصرف بما يُناسب كل حالة بعكس السيارة أو الطريق أو الظروف المناخية فهي عناصر جامدة غير حاكمة لفعلها لهذا يُمكن للإنسان التحكّم بها من خلال قرارات يتخذها لحماية نفسه، وحتى نُقلل من نسبة وقوع الحوادث والحد من خطورتها لا بد من التركيز على العنصر البشري وجعله الهدف الرئيس لكل جهد يُبذل والعامل الأساس في كل خطّة مقترحة، من هذا المُنطلق لابد من سبر أغوار نفسيته ودراسة متغيراتها حيث يُؤكّد علماء النفس أن الحادث لا ينتج عن مُجرّد خطأ يحدث أو صدفة عابرة وإنما هو أحد جوانب السلوك الإنساني ومن ثم فإن المؤثرات التي تُؤثّر فيه هي نفسها المؤُثرات التي يُمكن أن تؤثر في القيادة كسلوك إنساني ويترتب على ذلك أن يختلف البشر في درجة استعدادهم للحوادث بنفس درجة اختلاف سلوكهم ومن هنا ظهر مفهوم الاستهداف للحوادث وهذا يعني انطباق هذا المفهوم على السائقين المعرّضين لارتكاب حوادث أكثر من غيرهم بسبب سمات شخصياتهم أو اتجاهاتهم أو خضوعهم لمؤثرات خارجيّة كتعاطي الكحول أو المخدرات أو بعض الأدوية النفسيّة. إن وضع مقاييس للشخصيات السويّة والشخصيات المُضطربة عقلياً ونفسيّاً أثناء الاختبارات النظرية للحصول على رخصة قيادة أراها ضرورة لابد من فرضها وتطبيقها من خلال سن التشريعات في قانون المرور حتى يُمكن استبعاد الفئات العدوانية بطبعها الذين يعتبرون كالقنابل الموقوتة تسير في شوارعنا قد تنفجر في أي لحظة وهؤلاء يُشكلون النسبة الكبرى في التورّط بالحوادث الدامية وتلك خطوة مهمّة وفاعلة في مسيرة الألف ميل نحو هدف مجتمع بلا حوادث.. وللحديث بقيّة.