عند التطرق إلى واقع الخدمات الصحية من جانبها النظري فإن إحدى الطرق المتبعة تكمن في مقارنة واقعنا الحالي مع دول نتشابه معها في بعض الأمور،( كالدين، الموقع الجغرافي، عدد السكان، الاقتصاد) مع النظر لبعض الدول المتقدمة، وذلك من خلال دراسة عرضية نقارن فيها بعض المؤشرات العامة المتعلقة بالصحة. لذلك نختار هنا ثماني دول للمقارنة معها في هذا الشأن. هذه الدول هي 3 دول خليجية (قطر، الكويت، والامارات)، 3 دول اسلامية (تركيا، ايران، وماليزيا)، وأخيرا دولتان من الدول المتقدمة هما المملكة المتحدة والولايات المتحدةالامريكية (شاهد الرسومات المرفقة). والمؤشرات المستخدمة في المقارنة، هي بناء على احدث الاحصائيات لكل دوله والمنشورة على الموقع الاليكتروني لمنظمة الصحة العالمية (آخر المؤشرات لهذه الدول يتراوح بين عام 2002 الى عام 2006). هذه المؤشرات تم تقسيمها الى 3 اقسام: معدلات الوفيات للكبار والصغار؛ المؤشرات الصحية (مثل عدد اسرة المستشفيات، الصرف على الرعاية الصحية)؛ والمؤشرات الديموغرافية (مثل نسبة المسنين والاطفال). أولاً: معدل الوفيات للكبار (من عمر 15 عاماً الى 60 عاماً): من خلال مقارنة معدل الوفيات في السعودية (كلا الجنسين) فهي الاعلى بين الثماني دول (الشكل 1). بمعدل 178 وفاة لكل 10000 شخص، مع العلم أن هذا المعدل هو الاقل في دولة الكويت. معدل الوفيات لحديثي الولادة وللاطفال أقل من 5 سنوات: نجد أن السعودية لديها معدلات مرتفعة تتقارب مع دول كايران وتركيا (الشكل 2). وعلى العكس يمكن ملاحظة كيف أن دولة الامارات لديها معدلات قريبة من كل من امريكا والمملكة المتحدة. ثانياً: المؤشرات الصحية: عدد الاطباء في السعودية يعتبر قليلاً مقارنة بعدد السكان، حيث بلغ تقريبا 34 الف طبيب (الشكل 3). عدد اسرة المستشفيات في السعودية يبلغ تقريبا 23 سريراً لكل 1000 شخص (الشكل 4). وهو رقم متوسط مقارنة مع الدول الثماني الاخرى. السعودية تنفق من الناتج المحلي الإجمالي نسبة 3.4% ، وهي نسبة قليلة مقارنة مع دول مثل تركيا وايران (الشكل 5). ولكن الكويت تدفع أقل من ما تدفعه السعودية حوالي ما نسبته 2.2% ومع ذلك لديها معدل وفيات الكبار أقل من الجميع ، كما أشرت في الاعلى. ثالثا: المؤشرات الديموغرافية (السكانية): السعودية ، وبرغم ارتفاع معدلات الوفاة لدى الاطفال، فإن لديها أكبر نسبة سكان ممن هم دون 15 سنة مقارنة بباقي الدول (الشكل 6)، ولديها نسبة قليلة من المسنين ممن يبلغون سن ال 60 عاما بعكس باقي الدول الأخرى ، خاصة الدول المتقدمة، بريطانيا وأمريكا (الشكل 6). السعودية هي الدولة التي لديها اقل متوسط عمر من اي دولة أخرى، حيث يبلغ متوسط الاعمار للسعوديين حوالي 24 عاما، وتتساوى في ذلك مع ايران (الشكل 7). ولكن معدل عمر الوفاة (عمر الوفاه المتوقع) لدى السعوديين يعتبر متدنياً مقارنة مع الدول الاخرى وخاصة أن لديها اكثر نسبة شباب، حيث يبلغ معدل الوفاة حوالي 70 عاما فقط (الشكل 7) مقابل 78 عاماً في كل من الكويت، الامارات، والولايات المتحدةالامريكية، و79 عاما في بريطانيا. باختصار، السعودية التي لديها أعلى نسبه شباب، تنفق على الصحة تقريبا نفس ما تنفقه الدول الخليجية، وهي نسبة إنفاق أقل مما تصرفه الدول المتقدمه بكثير، ومع ذلك الدول الخليجية لديها معدلات وفاة للكبار والصغار أفضل من السعودية ومقاربه للدول المتقدمة. والعمر المتوقع للوفاة لديهم أفضل من السعودية ايضا. بمعنى أن الشخص بعد أن يبلغ سن التقاعد (60 عاما) بعشرة أعوام يدخل مباشرة ضمن النطاق العمري المتوقع للوفاة. هناك ، بالطبع، قياسات أخرى يمكن ان تعكس لنا الوضع الحالي بشكل دقيق وتأحذ في الاعتبار تعدد القطاعات المقدمة للخدمات الصحية مع ضبط للعوامل الاخرى. اذاً وبناء على ما سبق من مقارنة عامة مع دول خليجية، اسلامية، ومتقدمة، الوضع الصحي الحالي في السعودية يجب أن يتحسن. هناك العديد من المشاكل التي تواجه مقدمي الخدمات الصحية كما أن هناك جملة من الحلول التي يطرحها أصحاب الاختصاص والاهتمام، لن نتطرق إلى تفاصيلها، لكننا نحذر من أننا وبما فيهم مسؤولو القطاعات الصحية المختلفة أصبحنا نعترف بتلك المشاكل لكن الإشكالية للجميع تكمن في وضع خطة عمل للتغير أو التطوير.