أبى إلا أن نصور أنفسنا بأننا أهل مال دونما تدبير؟ هكذا صورتنا الثقافة الغربية ردحا ً من الزمان وبقيت تلكم الصورة الى يومنا هذا دونما تغيير!!. هدر على المستوى الفردي وهدر على المستوى الجماعي وهدر على المستوى المؤسساتي.. هدر قديم وهدر جديد يتجدد ليحيط بنا أينما ذهبنا وحللنا !! هدر لا يعرف ولا يعترف (بالمتغيرات) نتوارثه جيلا بعد جيل يلد معنا كسيامي لا يريد الانفصال !!. عد الى تفاصيل حياتك وتذكر وتدبر، كم أهدرت من الأموال _ فضلا عن الوقت والجهد _ في أمور معدومة الجدوى والفائدة .. بالفعل ستمسك برأسك لا يهوي!!. إننا قوم نعشق الهدر حتى الثمالة.. ولا نثمل أبدا.. بل ننادي هل من مزيد.. نعشق نزف الجيوب نعشق أن نكون مغفلين بجدارة !! إنها عادة تجري بدمائنا وتسري.. عفواً.. شطحت بموضوعي.. فقد أخذني تفكيري الى مشارف بعيده وأنا استعرض صفقات الأندية باهظة الثمن غير الآبهة بالظروف الاقتصادية العصيبة وكأنما تلك الأندية تعيش في غير كوكب الأرض المتأزم!!. جيوب متورمة بالملايين تتبعثر تلك الملايين كالريش المتطاير هنا وهناك لينشغل بجمع أكبر قدر منها مجموعة من النفوس المستعرة (تلهف) بيديها وأرجلها ما استطاعت لتتوجه بها الى اقرب فرع بنكي يحولها لخارج البلاد !! يتعذرون بطفرة المداخيل للأندية وما عرفوا انهما شركتان فقط (الاتصالات وموبايلي) إن وليا الدبر لعدنا كما كنا..!!. تأثر بالكساد العارم التنمية والبنيان والصناعة والعمران وهؤلاء يبددون (ما تبقى) في الجيوب والخزائن ولن يصحوا إلا عندما تتحول الملايين الى ملاليم!!. إني هنا لا أقلل إطلاقا من لغة المال وأهميته في عملية ايجاد رياضة قوية حقيقية ولكني أثور على طريقة واسلوب (نزفه) و (صرفه) و (رميه) جزافا.. ما الذي استفدناه بالله عليكم... أبو الف أصبح بعشرة .. والمليون اصبح لا يأتي لك الا بناشئ مغمور في ناد مغمور !! ارتفعت المداخيل نعم (ولكن) تضاعفت المصاريف أضعافا.. ما الجديد إذا!! إن مستقبلنا في خطر بهكذا وضع، فالأموال لن يستمر تدفقها بهذا الكم.. وعندما يتوقف الإستمرار بنفس السياق ستكتشف الحقيقة المرة ولا شك، أليس هؤلاء اصحاب مال وأعمال ولا يعقل ألا يتأثروا بالوضع الإقتصادي العالمي المترنح والمتردي.. هذا الوضع الذي جعل رئيس ناد عريق كفالنسيا الأسباني يتقدم ياستقالته لعجزه عن حل الأزمة المالية التي تهدد مستقبل فريقه وأدت الى توقف أجور لاعبيه من فبراير الماضي ويتوقف عن بناء ملعبه الجديد بسبب ديونه الهائلة !! هذا الركود الاقتصادي الشديد الذي جعل الفيفا يتوقع خسارة في ميزانيته لعام 2010 م!!. يا أخون لم (تنفع) أموال قطر لتصنع لقطر من رياضة منافسة.. ولم (تستفد) الإمارات حينما ابرمت أغلى العقود مع لاعبين من الداخل والخارج !! ولكن تلك الأموال (نفعت) اليابان وكوريا حينما وجهت بأمر الفكر والرؤية وحسن التخطيط والتدبير لأن تنجز رياضتها ما أنجزت في المحافل الدولية وتصدر لاعبيها الى ميادين أوروبية وتشيد المنشآت العالمية.. يا أخوان.. إن المداخيل الإستثمارية جاءت من جيوب الجماهير فلا الشركات الراعية ولا الناقلة دفعت ما دفعت الا من أجل الجماهير فرحمة بتلك الجماهير وأنفقوا تلكم الملايين وفق أساس منهجي منطقي سليم لا بوفق يا غلام أعطه ألف دينار!!. لا أتحدث عن صفقات الخارج من لاعبين ومدربين (فقط) بل وحتى صفقات اللاعبين في الداخل والتي يصورها لنا البعض على أنه أمر يسر طالما تذهب في الأخير لأبناء البلد ولكن طالما الأمر هكذا ضمان اجتماعي فمن الأولى أن توجه الى مستحقين أكثر في الجمعيات الخيرية المختلفة. باختصار.. انظروا الى ما يعمله خالد بن عبدالله من بناء حقيقي رصين واعملوا مثله أو قل نصفه.. لنا عودة..