... هل يمكن السيطرة على عقول الآخرين بطريقة الريموت كنترول !؟ .. هل يمكن سلب إرادتهم بمجرد تركيز الذهن عليهم أو النظر في أعينهم مباشرة !؟ ... ليس لدي نية سيئة ولكنه مجرد تساؤل يضفي عليه "التنويم المغناطيسي" و "كاريزما المشاهير" بعض المنطق والقبول .. وهذا التساؤل الذي شغلني منذ سنوات المراهقة حفزه صاحب بقالة في الحي أخبرني كيف قامت امرأة فاتنة بالسيطرة عليه ذهنياً وأمرته بتسليمها خمسة آلاف ريال طواعية (... ولا يبدو الأمر غريباً أمام فتنة النساء) .. ولكن حين تقدم بشكوى إلى الشرطة ابتسم الضابط في وجهه وأخبره أنه ليس أول من يتعرض لسرقة مغناطيسية من هذا النوع !! ... أيضا ؛ أذكر أنني قرأت (في جريدة الاقتصادية) عن امرأة رفعت دعوى ضد مكتب عقاري بحجة أن رجلاً مشعوذاً طرق عليها الباب وأقنعها ببيع فلتها لصالح المكتب . ورغم أنها لاتعرفه استسلمت لطلبه ووقعت على أوراق البيع بمبلغ زهيد تحت تأثير (التنويم المغناطيسي) !! ... ومن المعروف أيضا أن المخابرات الروسية نظمت في عقدي الخمسينات والستينات تجارب سرية لتنويم الجماهير في ساحة الكريملين من خلال وسطاء ومنومين مشهود لهم بالكفاءة .. ولكنها بعد عامين من المحاولة اقتنعت بأن التنويم المغناطيسي لايحدث إلا في حالة المواجهة الشخصية واستعداد "الضحية" للخضوع لهذا النوع من الممارسة !! ... غير أنني (في المقابل) شاهدت عرضاً لرجل يمارس (عن بعد) التنويم المغناطيسي على الجمهور .. فما أن صعد المتطوعون إلى خشبة المسرح حتى بدأ يلوح بيديه أمامهم فتساقطوا نياماً الواحد تلو الآخر ... ثم لا ننسى أن هناك شخصيات تاريخية معروفة امتلكت القدرة على التأثير على الآخرين عن بعد (بما في ذلك المجاميع) والإيحاء لهم بفعل هذا الشيء أو ذاك .. ولعل أقوى نموذج يمكن الاستشهاد به (وسبق أن مررت به في مقال يدعى سياسة العرافين) هو العراف الألماني وولف ميتسنخ .. فمنذ طفولته اكتشف ميتسنخ قدرته على غسل أدمغة الناس والإيحاء اليهم بما يريد . فحين كان طفلاً تعلق بقطار مسافر الى برلين واختبأ تحت احد المقاعد . ولكن جامع التذاكر رآه فقدم إليه ميتسنخ قصاصة من جريدة على أنها تذكرة. وأمام استغرابه ختمها الرجل وقال بهدوء : مادمت تملك تذكرة فلماذا تختبئ؟! وخلال الحرب تنبأ ميتسنخ بهزيمة هتلر وقال ان الدبابات الروسية ستدك برلين . وحين سمع هتلر بهذه النبوءة غضب وأمر بإحضاره حيّاً أو ميتاً . وخوفاً على حياته هرب إلى روسيا وهناك استدعاه ستالين بعد أن سمع بقدرته على التحكم بعقول الناس .. وذات مرة طلب منه الذهاب إلى أحد البنوك وإحضار مائة ألف روبل . وخلال ساعة عاد ميتسنخ ومعه المبلغ فسأله ستالين ماذا فعلت؟ ، فقال : قدمت إلى موظف البنك ورقة بيضاء على أنها شيك منك فصرفها فوراً .. وذات يوم فوجئ به ستالين وقد دخل عليه مكتبه الخاص وحين سأله : كيف مررت بين الحراس؟ ابتسم وقال : نوّمتهم مغناطيسياً ! ... ورغم قناعتي الشخصية بأن التنويم المغناطيسي يتطلب ثلاثة عناصر أساسية (هي مهارة المؤدي في الإيحاء، وقناعة المتلقي بإمكانية تنويمه، ووجود اقتراب جسدي بين الطرفين) ولكن كما نعرف جميعاً ... يظل لكل قاعدة استثناء ...