منظمة الصحة العالمية رفعت حالة التأهب من خمس لست في وباء انفلونزا الخنازير واعتبرته وباءً عالمياً من خلال انتشاره السريع، وعندنا سجلت عدة حالات، والأمر طبيعي بوجود رحلات وتواصل عالمي يصعب إيقافه بسبب تداخل المصالح ،وكذلك الضرورات من السلع الغذائية والملابس والزيارات لغاية للعمل أو السياحة، أو عودة مواطنين من بلد موبوء لآخر قد تتسبب في اتساع الإصابات، ولعل جدوى اللقاحات لم تعط نتائج إيجابية، ويبقى الموضوع بالنسبة لنا خياراً صعباً ومعقداً لأن حالتنا تختلف عن أي دولة في العالم بوجود الحرمين الشريفين وما يفرضانه للعمرة والحج طول العام ، وكذلك الزيارة للحرم المدني مما يوجب المراقبة الدقيقة، وهي أمر صعب يحتاج إلى كفاءات كبيرة، ووعي من خلال جميع الدول الإسلامية بمراعاة السلامة والتي ندرك أن الكثير منها لا يملك الإمكانات بسبب انتشار الأمية والظروف الاقتصادية وعدم الالتزام بشروط الصحة العامة، والمملكة بدورها لا تستطيع منع أى قادم لأداء شعائره، وليس بقدرتها وضع محاجر على منافذ حدودها ومطاراتها، مما يجعل تعرضها لانتقال هذا الوباء ممكناً وربما كبيراً، خاصة ونحن نشهد أن مراكز الوباء وانتقاله من دول متقدمة جداً، ومع ذلك صارت مصدراً مقلقاً بنقل العدوى منها، فكيف بدول وشعوب إسلامية ضعيفة الموارد والتحصين من هذا الوباء، وحتى مع افتراض تركيب أجهزة كشف بمطاراتها، وتلقيح القادمين منها فالأمر يبقى مقلقاً، لأنه قد لا يتوقف على مكة والمدينة، أو جدة، أو الحدود الأخرى، فانتقال الوباء، لو قدر، سوف لا تتضرر المملكة وحدها، بل كل المعتمرين والحجاج الذين سيعودون لبلدانهم حاملين هذا المرض.. وطالما الأمر بهذه الخطورة، ويصعب السكوت عليه أو تجاهله، فإن المفترض عقد مؤتمرات لوزراء الصحة، والخارجية، تتبعها قمة إسلامية تخرج بنتائج في معالجة هذا الأمر، والانطلاق من المصالح العامة التي يجب أن لا تعلق على احتياطات أو أفكار لا تتسم بالجدية للخروج بحلول عاجلة ومهمة، والمسؤولية هنا، لا تقع على المملكة وحدها، وهي تواجه خلال الشهور القادمة حلول رمضان المبارك، وبعده الحج وهما الموسمان اللذان يتضاعف بهما الزوار والحجاج والمعتمرون، وبالتالي يجب أن تسبق الاحتياطات أي شأن آخر، أو الاتفاق على تقليل النسب باعتبار الحالة الطارئة تفرض ظروفها، وتجعلنا شركاء واجب في مجابهة هذه المخاطر، ولعل من يعتقد أننا نبالغ بالحدث عليه الإطلاع على تحذيرات الصحة العالمية، وكل الدول التي أدخلت حالات الطوارئ في سلم أولوياتها عندما أوقفت الدراسة بالجامعات والمدارس ومنعت التجمعات والألعاب الرياضية، فكيف بمعتمرين بمئات الآلاف وحجاج بالملايين، ويبقى دور القادة، وعلماء المسلمين، وكل من يدخل اختصاصه في هذا الأمر، أن يبادر بوضع الحلول حتى لا نكون منطقة أو عالماً منكوبين..