علينا أن نتعرف على أنفسنا جيداً، وأن نعي تاريخنا وحضارتنا العربية والإسلامية، وأن نفهم معطيات واقعنا بصورة شاملة، فالانطلاق نحو المستقبل يبتدئ من حسن إدراكنا لواقعنا، وامتدادنا الإبداعي والفكري يجب أن ينبع من تراثنا «هذا ما صرح به المفكر والناقد الكبير محمود أمين العالم (28 عاماً) في حديثه ل(ثقافة اليوم)، وأضاف قائلاً: لا شك في أن عالمنا العربي بحاجة إلى استراتيجية ثقافية متكاملة ومترابطة ومتعددة الرؤى والجوانب في هذه اللحظة التاريخية الدقيقة التي نهدف فيها إلى الاحتكاك بالآخر والانفتاح عليه من أجل الوصول إلى صيغة من حوار الثقافات لا صدام الحضارات. وأشار العالم؛ الحائز على جائزة سلطان العويس الثقافية في عام 3002 وجائزة ابن رشد العالمية للفكر الحر في عام 1002 وجائزة الدولة التقديرية في الآداب في عام 9991؛ إلى أن الانطلاق من التراث لا يعني اجتراره أو إعادته كما هو بطبيعة الحال، وإنما يعني درسه وفهمه وتمحيصه وتطويره وتحقيق إضافات إبداعية عليه، على أن تكون هذه الإضافات كيفية نوعية وليست فقط كمية، وقال: يجب أن تكون إعادة صياغتنا للتراث وإضافتنا الإبداعية والفكرية له نابعة من خلال إدراكنا الواعي لاحتياجات ومتطلبات واقعنا الجديد، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة الحرص على الانفتاح على العالم، والتفاعل مع الآخرين أينما كانوا، فالانعزال والتشرنق ليسا من مفاهيم هذا العصر. وأوضح العالم أن المعادلة الصعبة الواجب حلها تتلخص في كيفية الحفاظ على الخصوصية الثقافية والهوية الحضارية في الوقت نفسه الذي تنبغي فيه المحافظة على المشترك الإنساني أو الثقافة الإنسانية المشتركة المتحققة بذاتها لا المفروضة من أية قوة أو جهة بعينها، وقال: علينا أن نحافظ على الخاص دون إسقاط الرؤية العامة، وعلينا أيضاً ألا تطغى المشتركات الإنسانية على خصوصياتنا. وأكد العالم أن الثقافة بطبيعتها إنسانية، وأن الفكرة البشرية ملك للجميع مثل قانون الجاذبية أو منطق أرسطو أو نظرية النسبية أو مبادئ الأخلاق، وأنه علينا أن نعي ذلك جيداً لكي نستطيع أداء دورنا الفاعل في الثقافة الإنسانية في هذا العصر، على أن نعلم كذلك أن الخصوصيات الثقافية والحضارية موجودة؛ وستظل؛ كتنويعات وفروع تثري وتدعم الأصل الكبير؛ ولا تذوب فيه. وأفاد محمود أمين العالم أن الحديث عن الإصلاح أو التطوير الثقافي في مصر والعالم العربي بمعزل عن المنظومة الكلية للإصلاح هو أمر يفتقر إلى الجدية، وتساءل: كيف نناقش الخطط الثقافية وحدها بدون ربطها بالخطط التعليمية والإنتاجية والسياسية وغيرها؟ وأكد أن المنظومة بأكملها بحاجة إلى تفعيل ومراجعة، وأن تغير أو تطور الثقافة مرهون بتغير وتطور كافة نشاطات وعلاقات المجتمع. ويشار إلى أن المفكر والناقد الكبير محمود أمين العالم تولى عدة مناصب مهمة؛ من بينها عمله كرئيس لمجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم الصحفية، وكرئيس للهيئة المصرية العامة للكتاب، وله العديد من المؤلفات في النقد والفكر والدراسات الإنسانية؛ منها: «معارك فكرية»، «الفكر العربي بين الخصوصية والكونية»، «الإبداع أو الدلالة»، «تأملات في عالم نجيب محفوظ».