تمكن علماء اسكتلنديون من تطوير نظام حاسوبي بمقدوره تحديد الحالة النفسية والمزاجية للشخص ومعرفتها من مجرد طريقة كلامه. ويجري العلماء مفاوضات لبيع هذا النظام لمصنعي السيارات ومنتجي ألعاب الكمبيوتر. وعن فكرة هذا النظام، التي كانت ضرباً من ضروب الخيال العلمي، يتحدث الدكتور كريستيان جونز، الرئيس التنفيذي لشركة أفكتيف ميديا وسائل تحريك المشاعر (Affectiue Media) قائلاً: عندما تكون مكتئباً أو مبتسماً، فإن نبرات صوتك تنخفض ومن ثم يصبح كلامك خافتاً، وعندما تكون غاضباً، ترتفع نبرات صوتك وبالتالي يرتفع مستوى جهارة صوتك. وأضاف الدكتور جونز قائلاً: «إننا نكشف عن حقيقة انفعالاتنا عندما نتحدث بعشرات الطرق والأساليب التي تنطوي على اختلافات دقيقة لا تكاد تذكر. وإن نظامنا الذي يفضي إلى التعرف (على الحالة المزاجية للمتحدث) يعتمد على أربعين طريقة من الطرق المتقدم ذكرها. إنه يتجاهل الكلمات التي تستخدمها ويركز على مستوى صوتك الكلامي على وجه الحصر والتحديد، ومن ثم يستطيع التعرف على حالتك النفسية ووضعك المزاجي منذ الوهلة الأولى التي يستمع فيها إلى صوتك». يذكر أن هذه التقنية جرى تطويرها في إطار مشروع مشترك بين جامعتي أدنبره وستانفورد بالإضافة إلى شركة تويوتا التي تعكف على تطوير سيارة تسدي النصح لسائقها بخصوص أحوال الطريق. ويضيف الدكتور جونز قائلاً : «يبد أن العملية ستصبح متبادلة (إرسالاً واستقبالاً» إذ إننا سوف نتمكن في القريب العاجل من التحدث مع سياراتنا التي سوف نصدر إليها تعليمات وأوامر صوتية لتشغيل أجهزة عرض الأقراص المدمجة وأجهزة التدفئة والمراوح». ومضى يقول : «وباستخدام نظام التعرف على الانفعالات، سوف يتسنى أيضاً معرفة ما إذا كنا في حالة غضب أو إحباط أو إذا كان النعاس يغالبنا؛ وذلك من خلال ذات الأوامر والتعليمات المتقدم ذكرها».ولا شك أن سائقي السيارات يشكلون مصدر خطر عندما يكون أحدهم غاضباً أو منزعجاً ومتكرراً. وعليه فإن السيارة يمكنها تغيير الطريقة التي تتبعها لتقديم المعلومات، بحيث تتناسب مع مزاج السائق؛ إذا يمكنها ان تميل إلى المزيد من الثرثرة أو الدردشة إذا كان السائق منزعجاً يشعر بالملل والضجر والسأم بينما تميل إلى أن تلزم الهدوء والحذر عندما يكون السائق غاضباً وساخطاً استبد به الكدر. وقد ظل نظام التعرف على الانفعالات قيد الاستخدام في دراسات تجريبية أجريت في مراكز الاتصالات والعناية بالعملاء، حيث جرى تقييم الحالة المزاجية للمتصلين وتحويل الغاضبين منهم إلى الموظفين الذين يتمتعون بمزيد من الدربة والحنكة والدراية في التعامل مع العملاء.فضلاً عما تقدم، يمكن أيضاً رصد أصوات هؤلاء الموظفين أنفسهم لتقييم مدى تركيزهم في أداء أعمالهم. أما شركة أفكتيف ميديا، التي بدأت مزاولة أعمالها كشركة فرعية منبثقة عن جامعة هبريوت وان في أدنبرة، فقد أقدمت على مخاطبة هيئة الإذاعة البريطانية بخصوص استخدام النظام في البرامج التلفازية المشتملة على اتصالات مباشرة بالمشاهدين بحيث يكون بمقدور المخرجين مراقبة صوت المشاهد المشارك في البرنامج وتقديم نبذة موجزة عن الحالة المزاجية للمشاهدين في نهاية كل يوم. وتوضيح الفترة الزمنية التي يظل فيها المشاهد سعيداً أو حزيناً، إلى ذلك، اجتمع تنفيذيو شركة أفكتيف ميديا مع مسؤولي شركة سوني للتسلية وألعاب الكمبيوتر، وذلك بهدف إدخال نظام التعرف على الانفعالات في ألعاب الكمبيوتر التي تنتجها الشركة. وتحدث الدكتور جونز في هذا الصدد قائلاً: «إن هذا النظام من شأنه تقييم درجة تجاوبك العاطفي وإنهماكك الانفعالي في لعبة الكمبيوتر، مما يفضي بدوره إلى توفير تغذية مرتجعة أو لبيانات ارتجاعية عن الطريقة التي تتقدم بها اللعبة وضرب الدكتور جونز مثلاً على ذلك بقوله: «ففي لعبة مدير كرة القدم (Foutball Manser) على سبيل المثال، سيكون بمقدور اللاعب الادلاء بأحاديث وتصريحات في غرفة الملابس بين الشوطين، وكلما كان أداء اللاعبين أفضل وأكثر إقناعاً، يزداد عدد النقاط التي يحصلون عليها».وبمجرد أن يتم اتقان استخدام النظام، سيكون بالمقدور إدخاله إلى حيز الاستخدامات التي تتسم بمزيد من الجدية، وربما يشتمل ذلك مثلاً على رصد البلاغات الكاذبة التي ترد إلى خدمات الطوارئ والاسعاف؛ وبذا سيتم توصيل مكالمات من يبدر منهم غضب حقيقي أو يبدو عليهم خوف فعلي وإحالة تلك المكالمات إلى المختصين في خدمات الطوارئ وذلك بناءً على رغبات المتصلين. وبكل حال، فإن هذه التقنية تعثرت في مجال واحد هو محاولة رصد الحالات الغرامية والتعرف عليها من واقع صوت المتحدث؛ إذ يتعذر رصد هذه الحالات، كما يقول الدكتور جونز.