أكد المتخصص في المجالين الاقتصادي والعمراني الأستاذ عبدالرحمن بن محمد عبدالعزيز الراجحي رئيس مجلس إدارة شركة السويح للمقاولات على أن سوق العقار والمقاولات في السعودية هو الملاذ الأمن للاستثمار، وأضاف بان الاقتصاد السعودي لم يتأثر كثيرا بالأزمة المالية. هكذا بدا الراجحي حواره مع «الرياض» وفيما يلي نص الحوار: * في البداية نريد منكم إلقاء الضوء على شركتكم من حيث رأس المال، المشروعات التي أنجزتها الشركة؟ - بدأت الشركة نشاطها كمؤسسة فردية أسسها الشيخ عبدالله السويح رحمه الله قبل (62 عام)، وتوسعت أعمالها، ثم تحولت في عام 1983م إلى شركة ذات مسئولية محدودة تشمل نشاطاتها التجارة والزراعة والمقاولات وأصبحت من كبرى الشركات الوطنية العاملة المتخصصة في المقاولات الإنشائية وأعمال المياه والصرف الصحي صنفت بالدرجة الأولى، ومنذ بدايات الشركة تميزت بتنفيذ مقاولات المياه حيث عملت مع وزارة الزراعة والمياه سابقاً وحاليا وزارة المياه والكهرباء مشاريع متعددة في مجال الشبكات والخزانات. وتتجاوز قيمة إجمالي المشاريع التي تنفذها الشركة حاليا (2.2 مليار ريال)، وقد أنجزت الشركة عددا كبيرا من المشاريع المتعددة ذات الأحجام المختلفة في القطاع الحكومي والقطاع الخاص. ويدير الشركة مديرها العام الدكتور عثمان بن عبدالله السويح، وقد ركزت إدارة الشركة في الموارد بشكل عام وفي الموارد البشرية بشكل خاص وترى أن نجاح الإدارة يأتي عن طريق نجاح مواردها البشرية، حيث تمتلك الشركة ثروات بشرية مؤهلة سعودية وغير سعودية من المهندسين والفنيين وغيرهم من الفئات الأخرى، التي تعد من أهم ثروات الشركة التي لا تقدر بثمن. * هل مازال نشاط المقاولات والعقار يمثل الاستثمار الأكثر آمنا في المملكة؟ ولماذا؟ - إن قطاع المقاولات والعقار وجهان لعملة واحدة ومازلت أؤكد بأنهما الأكثر أمنا للاستثمار. لأن الاستثمار العقاري هو استثمار طويل الأجل وعادة ما يكون من أكثر الاستثمارات ثبوتا، ويرتفع معدل الطلب على العقار بزيادة النمو السكاني والمتزايد بالمملكة بنسبة تقارب 5% سنويا علما بأن نسبة النمو العمراني بالمملكة لا تتجاوز 3.5% وعندها سيبقى معدل الطلب متقدما عن العرض حتى عام 2020م تقريبا حسب الإحصاءات والاستبيانات الرسمية، مما سيساهم وينعكس إيجاباً على قطاع المقاولات والتشييد. ❊ في كل دول العالم حدث ركود اقتصادي، وبالتالي انخفضت أسعار العديد من المواد الإستراتيجية، خاصة مواد البناء، اتبع ذلك انخفاض في أسعار المقاولات والعقار.. ومع ذلك لم نلحظ انخفاضا في السوق السعودي.. ما أسباب ذلك من وجهة نظرك؟ وهل المملكة بمعزل عن كل ما يحدث بالعالم؟ - هناك عدة أسباب لذلك.. من أهمها أن ضخامة سوق المقاولات بالمملكة يكمن بمشاريع الدولة أو بالأحرى المناقصات الحكومية التي تحت التنفيذ أو ستطرح وبالتالي لا يزال هناك طلب قوي على مواد البناء لتنفيذ هذه المشاريع، أما بخصوص معزل تأثر المملكة عن العالم فمن المؤكد أن تأثير الأزمة المالية العالمية ظهر على جميع الاقتصادات العالمية، عدا أن هذا التأثير تفاوتت درجاته حسب قوة الاقتصاد والنظام الإتماني للدول، ولم يعد هناك أي اقتصاد في منأى عن تأثير هذه الأزمة سواء أكان هذا التأثير مباشرا أو غير مباشر، ويتوقف تأثير هذه الأزمة أو غيرها من الأزمات المالية أو الاقتصادية العالمية في أي اقتصاد على درجة انفتاح هذا الاقتصاد على الاقتصاد العالمي ومدى اندماجه فيه، وكذلك على الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدولة لتفادي تأثير هذه الأزمات أو على الأقل الحد من تأثيرها في اقتصادها. * برأيكم ما تأثير الركود العالمي على المملكة؟ - المملكة لم تتأثر بهذا الركود كليا بل نسبيا لكثير من الأسباب ومنها: أولا: فائض الميزانية الضخم لسنتين متتاليتين وبالتالي هناك تغطية لعجز الأعوام القادمة. ثانيا: استثمارات المملكة بالخارج ضئيلة جدا مقارنة بميزانيتها بعكس بعض الدول المجاورة مثلا حيث استثماراتها الخارجية كبيرة جدا مقارنة بميزانيتها مما أثر سلبيا على اقتصادها الوطني. ثالثا: وهو الأهم برأيي الشخصي وقد أشرت إليه آنفا أن المملكة حتى تاريخه لم تفتح الباب على مصراعيه لتبني الاستثمارات الأجنبية أو المستثمرين الأجانب داخل المملكة وبالتالي كانت المملكة على خط الحياد من أزمة الاقتصاد الخارجية نوعا ما. ولنا في دول الجوار عبرة في ذلك. * ظهر التأثير السلبي للازمة الاقتصادية على عدد من الدول فهل سيؤثر على نمو الاقتصاد السعودي؟ - إن ركود الاقتصاد العالمي الذي بدأنا نشهد ملامحه سيؤدي إلى انخفاض الطلب العالمي، الأمر الذي سيؤثر سلباً في نمو الصادرات غير البترولية للمملكة وعلى رأسها الصادرات من المنتجات البتر وكيماوية، بعد أن شهدت هذه الصادرات غير البترولية نموا متسارعا منذ بداية العقد الحالي. هذا الوضع قد ينعكس سلباً على أرباح الكثير من الشركات التي تعتمد على تصدير معظم منتجاتها أو نسبة من منتجاتها، وبالتالي فإن ركود الاقتصاد العالمي قد يؤدي إلى الحد من تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المملكة، وباختصار يمكن القول إن الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالاقتصاد العالمي قد يكون لها تأثيرات غير مباشرة في الاقتصاد السعودي، أهمها حدوث تباطؤ نسبي في نمو الاقتصاد السعودي وتراجع في الصادرات السعودية (البترولية وغير البترولية) وانخفاض في تدفق الاستثمار الأجنبي للمملكة، إضافة إلى بقاء سعر صرف الريال منخفضا تجاه معظم عملات الشركاء التجاريين للمملكة. * هل ترون من واقع خبرتكم شفافية في التعاملات العقارية في السوق السعودي؟ - إننا نعيش في عالم تتزاحم فيه الاقتصاديات الكبرى لتتنافس لاحتلال الصدارة ومما لاشك فيه أن اقتصاد منطقة الخليج أخذ في النمو والتطور ونراه في أحيان كثيرة منافسا شرساً في العديد من القطاعات. وقطاع العقارات في منطقة الخليج، يعد من الأقوى عالميا. ومن المهم وضع مؤشرات عقارية ومنها ما بدأ به مثل مؤشر مزايا بحيث تكون تأسيسا لمرحلة جديدة من التطور في عالم العقارات في المنطقة، تطور يتخطى حدود فنون البناء والعمارة وروعة التصميم ودقة التنفيذ، إلى مصداقية وشفافية وشمولية الأرقام والبيانات والدراسات. وكذلك من المهم وضع الآليات التي تساهم في ترسيخ روابط الثقة بين المتعاملين في السوق العقاري، بهدف تحقيق الشفافية في التعاملات العقارية، وتحديث آليات السوق العقاري، ولعل الأنظمة والقوانين المتعلقة بالعقار لها تأثير مباشر بتنظيم العلاقات التي تمنع الخلافات، حيث التعاملات العقارية في السوق المحلية والبالغ حجمها أكثر من تريليوني ريال، يشهد بعضها بين فترة وأخرى خلافات بين البائع والمشتري تكبد أحد الطرفين خسائر كبيرة، مما يحتم وضع آلية معينة لحماية هذه التعاملات سواء عبر توثيق العقود العقارية من قبل المحامين، أو إنشاء محاكم متخصصة في وزارة العدل، أو تفعيل مجالس الصلح أو غير ذلك. * ومتى نرى توازنا بين العرض والطلب؟ - عندما نتحدث عن العرض والطلب فإنه يلزم أن نستعرض بعض الإحصائيات بالتفصيل التي تعرضت لجزء منها في كلامي السابق حيث إن 60% من سكان السعودية مابين 25 سنة و30 سنة، ومعظمهم في حاجة ماسة إلى وحدات سكنية فورية والبقية سوف يكونون في حاجة ماسة إلى وحدات سكنية في القريب العاجل. حيث إن النمو السكاني في السعودية يراوح بين 5% و6% في السنة وكذلك 2% زيادة في نسبة الأجانب أي تقريبا 8% بينما نمو المساحة العقارية الجاهزة للسكن تزيد بنسبة تراوح بين 2% و3% سنويا. وهذا يشكل عجزاً في المعروض وبالتالي إلى زيادة الأسعار. بغض النظر عن الأزمة العالمية الحالية لان السكن يشكل ضرورة أساسية للحياة والاستقرار ولا بديل عنه ولن تؤثر الأزمة المالية على طلب الناس للسكن الأساسي. بينما سوف ينحصر تأثير الأزمة المالية على الوحدات السكنية الفخمة والكبيرة. منذ 30 سنة مضت وحتى عام 2005م تم إنشاء وتوفير تقريبا 10 ملايين وحدة سكنية في السعودية، والوحدة السكنية تشمل أي وحدة متكاملة (سواء شقة أو فيلا أو غيرها)، وتقول الإحصائيات إنه بالنظر إلى النمو السكاني الذي شهدته وتشهده السعودية في ال 20 سنة الماضية فإن هناك حاجة ماسة لأكثر من 10 ملايين وحدة سكنية جديدة خلال الخمس سنوات القادمة، ولكن لن يتم توفير سوى ما يقرب من نص مليون وحدة سكنية في السنة على مستوى السعودية ولذا فإن ميزان العرض والطلب مختل جدا حاليا ومن المرجح أن يزيد الاختلال في السنوات المقبلة إذا لم تتخذ خطوات جدية ذات تأثير مباشر لكي يتم هناك توازن بيت العرض والطلب. * مازال الجدل قائما في جدوى معارض البناء والعقار سواء في المملكة أو خارجها، ماذا ترون بالمعارض؟ هل هي مجرد وجاهة اجتماعية واقتصادية كما يقول بعضهم؟ أم أن لها فائدة اقتصادية تعود بالنفع على النشاط الاقتصادي في البلاد كما يقول بعضهم؟ - المعارض العقارية والمشاركة فيها، لا سيما الهادفة لحل الأزمات السكنية في مختلف مدن الشرق الأوسط، تعد بشكل عام من أهم وسائل ترويج المبيعات في خريطة المزيج التسويقي لأي إدارة تسويق. والدراسات البحثية التسويقية أكدت أن المعارض التجارية تأتي في المرتبة الثانية بعد التسويق المباشر في توليد المبيعات لأي منظمة، كما أنها أقل تكلفة من الإعلان والبريد المباشر. وفي ظل ما شهدته منطقة الشرق الأوسط من انتعاش عقاري غير مسبوق خلال السنوات القليلة الماضية، برزت معارض عقارية ضخمة في مختلف مدن الشرق الأوسط، استطاعت جمع الصناع والمسوقين والمستهلكين تحت سقف واحد مما أعطى المعارض العقارية في الشرق الأوسط وضعاً خاصاً لدى الجهات العقارية والمتابعين من العقاريين والمهتمين بالمجال العقاري، وحظيت تلك المعارض العقارية بمشاركات عديدة من قبل كبرى الشركات العقارية في الشرق الأوسط. إلا أنه من الملاحظ أن الاهتمام بدأ يقل نوعا ما خلال هذا العام بسبب تأثر الشركات العقارية من جراء الوضع الاقتصاد العالمي وتدني الطلب على العقار من خلال التخوف من قبل المشترين بتوقع نزول الأسعار. ومما لاشك فيه فان المعارض لها فائدة جيدة ومردود غير مباشر على النشاط العقاري والذي ينعكس بدوره على الاقتصاد الوطني. * بنظرتكم الثاقبة.. هل مازالت رؤوس الأموال السعودية تهاجر إلى أسواق خارجية، خاصة الأسواق الخليجية مع أن النشاط الاقتصادي وخاصة العقاري شبة متوقف في هذه الأسواق إلى حد كبير؟ - أصبح هروب رؤوس الأموال المحلية إلى الخارج مثار جدل واسع في أوساط المستثمرين والاقتصاديين، خاصة تلك الأموال الهاربة بسبب تشريعات وأنظمة محلية حدتّ من قدرتها على الاستفادة من فرص النمو التي يشهدها الاقتصاد السعودي، وأرى أنه لا احد يستطيع لوم أصحاب الأموال المحلية الباحثين عن فرص خارجية وهي الفرص التي قد يناسبها وصف التصدير للأموال. كما أن نتائج تقارير منظمات الاستثمار وغيرها تظهر تربع السعودية على الترتيب الأول عربيا في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وذلك بسبب تطور تشريعات حماية الاستثمارات الأجنبية، وتخفيف القيود على دخولها إلى السوق المحلي خصوصا في قطاعات مثل البنوك والعقارات والاتصالات. * وما تأثير انهيار أسواق البورصة العالمية وتحديدا سوق المال السعودي على قطاعي العقار والمقاولات؟ - لعل تدهور الثقة في سوق الأسهم السعودية، أدت إلى ضغوطات وخسائر تعرض لها العديد من المتعاملين، وأن أوضاع السوق السابقة أدت إلى هجرة رؤوس أموال ضخمة تم استثمارها في الخارج من قبل مواطنين. وبعد حصول انهيار بعض الكيانات الاقتصادية، وتدهور اقتصاديات بعض الدول، واهتزاز الثقة في أماكن الاستثمار الآمنة، قد تعيد بعض رؤوس الأموال إلى مكانها الطبيعي وهو الاستثمار المحلي. أما في قطاع العقارات فإن الاستثمارات التي تمت من قبل بعض المستثمرين خارج السعودية لا تعتبر هجرة أموال بقدر استغلال فرص استثمارية يراها المستثمر السعودي وغيره ويقيمها ويقيم مخاطرها. ولعل من المهم التأكيد على أنه للحد من المخاطر والخسائر التي يتعرض لها رأس المال الوطني، يجب تفعيل دور الجهات الإشرافية والرقابية، وتكثيف الندوات واللقاءات المختصة لرفع كفاءات المستثمر الوطني، والكشف عن مستوى المخاطر لبعض الأدوات الاستثمارية، بالإضافة إلى وضع ضوابط تنظيمية تجعل من الصعب على شركات وسماسرة إدارة الأموال من استغلال عدم إلمام المواطنين بمخاطرة الأدوات الاستثمارية وعلى رأسها أسواق الأسهم، وأخيراً التشديد على مراجعة مؤهلات ومصداقية جميع الجهات التي تسوق أدوات استثمارية. ومن الواضح الآن أن السعودية أصبحت هي الملجأ الآمن للاستثمار بسبب وجود الفرص الاستثمارية المدروسة والتي تتبع منهج ساهم بخلق جو آمن خلال الهزة العالمية التي عصفت بالعالم، ولم تسلم منها أقرب الدول وبخاصة الخليجية. * في ظل الضوابط الجديدة التي اقرها مجلس الوزراء الخاصة ببيع الوحدات السكنية والتجارية.. ما نظرتكم لهذه الضوابط؟ وهل تتوقعون أن تساعد على توازن السوق العقاري؟ - إن إقرار مجلس الوزراء للضوابط الجديدة للبيع المبكر للوحدات العقارية سينضم القطاع العقاري في السعودية ويضمن حقوق المشترين، ويعكس التزام الجهات المعنية بتنظيم السوق العقارية بما يضمن حقوق جميع المتعاملين فيها لا سيما شريحة المشترين، وتعطى رؤية واضحة للسوق وتشجع المستثمرين المحليين والأجانب للدخول بشكل أكبر في السوق العقاري السعودي، وحيث إن السوق العقاري السعودي يشهد انتعاشة كبيرة في المرحلة المقبلة في ظل التحركات الحكومية الأخيرة لتطوير القطاع العقاري، مستنداً بحجم السوق وتوفر كل العوامل الاقتصادية المحفزة لتلبية الطلب المتزايد على المشاريع العقارية الملائمة للمرحلة المقبلة في ظل النهضة الشاملة والتغيرات الاجتماعية الحديثة التي من أبرزها زيادة نسبة الشباب في مجموع السكان بالمملكة خاصة في ظل تطلعهم إلى إيجاد مساكن خاصة بهم على أنماط تتوافق مع ميولهم وثقافاتهم المعاصرة. متمنياً أن يكون لهيئة الإسكان دور كبير بوضع حلول مناسبة لقطاع الإسكان نطرأ لاختصاصه بإسكان المواطنين وخدمتهم خاصة الذين لا تستطيع شركات التمويل والبنوك تقديم خدمات لهم نسبة لضعف دخولهم.