طالبت دراسة سعودية حديثة بالعمل على الحدّ من منافسة العمالة الوافدة لخريجي مؤسسات التعليم العالي السعودية في سوق العمل في القطاعين العام والخاص. واقترحت لتنفيذ ذلك إجراء دراسات مسحية لسوق العمل السعودي بهدف حصر مهارات ومواصفات القوى البشرية الوافدة، ومقارنتها بمهارات الخريجين السعوديين. ومنع استقدام العمالة الوافدة لكل الأعمال التي يستطيع الخريجون السعوديون القيام بها، أو على استعداد للقيام بها بعد إخضاعهم لتدريب. وفرض رسوم مالية على قطاعات العمل الخاصة تتناسب مع زيادة اعتمادها على العمالة الوافدة، وهذا ينطبق فقط على المهن التي يمكن شغلها بسعوديين، وتوظيف الرسوم المالية المحصَّلة من رسوم استقدام العمالة الوافدة في برامج إعادة تدريب للخريجين. وقال تقرير صادر عن مركز رؤية للدراسات الاجتماعية اعتمد على رسالة دكتوراه للباحث خالد بن رشيد محمد النويصر إن أبرز أسباب مشكلة بطالة خريجي الجامعات السعودية إحجام القطاع الخاص عن توظيف الخريجين السعوديين بسبب ارتفاع تكلفتهم الاقتصادية مقارنة بالعمالة الوافدة، وإحجام بعض الخريجين عن العمل في القطاع الخاص بسبب غياب الشعور بالأمن الوظيفي فيه مقارنة بالقطاع الخاص، واستمرار التوسع في التخصصات الدراسية النظرية التي لم يعد سوق العمل بحاجة إليها، وتقصير القطاع الخاص عن واجبه نحو استيعاب الخريجين وتدريبهم وتقديم الأجور المناسبة لهم، ووضع القطاع الخاص لشروط تعجيزية لتوظيف الخريجين السعوديين مثل الخبرة وإجادة لغة أجنبية والقبول بأجر منخفض. وتصدر الدراسة خلال الشهر الجاري ضمن سلسلة ملخصات الرسائل الجامعية المختارة عن مركز رؤية للدراسات الاجتماعية بمحافظة الرس، وتقدم ستة حلول لمشكلة بطالة الخريجين من وجهة نظر مجتمع الدراسة بالترتيب التنازلي هي: أولاً: الحد من استقدام غير السعوديين للوظائف التي يمكن شغلها بالخريجين السعوديين، وهذا هو الحل الوحيد الذي حصل على درجة إسهام «مرتفعة جداً». ثانياً: إجراء الدراسات المسحية لتحديد الاحتياجات الفعلية لسوق العمل من القوى البشرية. ثالثاً: إنشاء مركز معلومات وطني عن سوق العمل السعودي يوفّر بيانات عن العرض والطلب الوظيفي لكل المستفيدين منها. رابعاً: التوسع في التخصصات الدراسية التي تلبي حاجة سوق العمل، وهذا الحل من مجموعة الحلول ذات العلاقة بمؤسسات التعليم العالي. خامساً: إنعاش النمو الاقتصادي الذي يضمن نشوء عدد كبير ومتنوع من فرص العمل للخريجين. سادساً: إجراء التقويم الدوري المستمر لبرامج مؤسسات التعليم العالي للوقوف على مدى نجاحها في الاستجابة لحاجات خطط التنمية من القوى البشرية الوطنية. سابعاً: وضع خطة وطنية لإحلال العمالة المواطنة مكان الوافدة، وإلزام القطاع الخاص بتنفيذها وفرض الغرامات المالية على المخالفين والاستفادة منها في إعادة تدريب الخريجين المتعطلين. ثامناً: تذكير القطاع الخاص بمسؤولياته نحو توظيف الخريجين حتى ولو تَطلّب الأمر إجباره على ذلك وفرض عقوبات على غير المتعاونين. وفي ضوء النتائج التي توصلت إليها الدراسة، قدّم الباحث خالد بن رشيد محمد النويصر عدداً من التوصيات متبوعة بآليات مقترحة لتنفيذها كما يلي: توصيات ذات علاقة بمؤسسات التعليم العالي: أولاً: العمل على ربط سياسات القبول في مؤسسات التعليم العالي بخطط التنمية وحاجات سوق العمل الفعلية، وتتمثل آليات التنفيذ المقترحة في اشتراك ممثلين عن مؤسسات التعليم العالي في صياغة خطط التنمية، وبخاصة خطط تنمية الموارد البشرية واشتراك ممثلين عن قطاعات العمل (العامة والخاصة) في مجالس مؤسسات التعليم العالي وكذلك الحدّ من قبول الطلاب في التخصصات النظرية التي اكتفى سوق العمل من خريجيها، إضافة إلى التوسع في قبول الطلاب في التخصصات الدراسية التي يحتاج سوق العمل لخريجها (كالعلوم الطبية) وتنويع برامج مؤسسات التعليم العالي وزيادة طاقته الاستيعابية. ثانياً: الاختيار الدقيق للطلاب الراغبين في الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي، وتتمثل آليات التنفيذ المقترحة في وحدات للقياس والتقويم في مؤسسات التعليم العالي وعدم الاعتماد الكلي على درجات الطلاب في اختبارات الثانوية العامة كمعيار وحيد في قبولهم، ووضع اختبارات قبول مناسبة لقياس قدرات واستعدادات الراغبين في الالتحاق بالتعليم العالي. ثالثاً:العمل على رفع درجة المواءمة بين برامج مؤسسات التعليم العالي وبين متطلبات التنمية وحاجات سوق العمل. وتتضمن آليات التنفيذ المقترحة اشتراك ممثلين مؤهلين عن القطاع الخاص في تصميم برامج مؤسسات التعليم العالي واشتراك ممثلين مؤهلين عن القطاع الخاص في تنفيذ البرامج، (التدريس والتدريب) وجعل التعليم التعاوني جزءاً من برامج إعداد الطلاب وشرطاً من شروط التخرج وكذلك متابعة الخريجين في سوق العمل وتقويم أدائهم. البدء في برامج التقويم الذاتي تمهيداً للوصول إلى مرحلة الاعتماد الأكاديمي،إضافة إلى إنشاء وحدات إدارية في مؤسسات التعليم العالي هدفها الاتصال والتنسيق مع قطاعات العمل لحل مشكلات توظيف الخريجين، وتقديم برامج تعليمية قصيرة لا تنتهي بشهادة البكالوريوس، وخاصة في المجالات التي يحتاجها سوق العمل، وإنشاء مراكز تدريب في مؤسسات التعليم العالي لتطوير وتحسين أداء أعضاء هيئة التدريس وتدريبهم على الأساليب الفعالة في التدريس. رابعاً: العمل على تفعيل برامج الإرشاد الأكاديمي والتوجيه المهني لطلاب مؤسسات التعليم العالي، وتشمل آليات التنفيذ المقترحة إنشاء وحدات الإرشاد والتوجيه المتخصصة في مؤسسات التعليم العالي، ومدّها بالإمكانات المادية والبشرية وتطبيق الاختبارات والمقاييس الخاصة التي تُبنى على نتائجها خطط التوجيه والإرشاد وتنظيم ندوات ولقاءات بين الطلاب وبين مسئولين من قطاعات الأعمال، مع دعوة خريجين سابقين للمشاركة فيها، ويمكن لإدارات شؤون الطلاب في الكليات تنظيم هذه اللقاءات مرة واحدة على الأقل كل فصل دراسي، سواء في الكليات أو في قطاعات الأعمال. خامساً: العمل على تصحيح الاتجاهات السائدة تجاه العمل والإنتاج، مثل: العزوف عن العمل المهني، العزوف عن العمل في المناطق النائية وغيرها، وتتضمن آليات التنفيذ المقترحة، التوعية من خلال برامج التعليم، العام والعالي بالقيم الإيجابية نحو العمل والإنتاج، استثمار وسائل الإعلام في مشروع توعية وطني يحقق هذا الغرض، وتقديم حوافز مادية ومعنوية للخريجين الذين يقبلون العمل في المناطق النائية، أو في الأعمال المهنية. سادساً: تشجيع الخريجين على إنشاء مشاريعهم الاقتصادية الخاصة، وتتمثل آليات التنفيذ المقترحة في تقديم الاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى بدون مقابل للخريجين الراغبين سواء من الغرف التجارية والصناعية أو الوزارات ذات العلاقة كوزارة الصناعة أو الزراعة، أو التجارة، وتقديم القروض طويلة الأجل، وتسهيل الحصول عليها، وتسهيل إجراءات إنشاء المشروعات الصغيرة والحصول على التراخيص اللازمة . سابعاً: العمل على حل مشكلات انخراط الخريجين في سوق العمل، وتخطّي الصعوبات التي تعيق استيعابهم. وتشمل آليات التنفيذ المقترحة إنشاء مركز معلومات وطني عن سوق العمل السعودي يوفّر بيانات دقيقة عن العرض والطلب الوظيفي لكل المستفيدين منها، مع مراعاة تخصيص سجل توظيف ثابت لكل مواطن سعودي في سن العمل يشمل سيرته التعليمية والمهنية وتخصيص سجل توظيف ثابت لكل مؤسسة أهلية أو حكومية يشمل بيانات عن وظائفها وموظفيها وربط كل مكاتب التوظيف على اختلاف أنواعها (حكومية أو أهلية) بقاعدة المعلومات الموحدة، والتحديث المستمر لبيانات مركز المعلومات المقترح، إضافة إلى دمج مكاتب توظيف السعوديين في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الخدمة المدنية في جهاز إداري واحد مهمتهُ تشغيل المواطنين في الوظائف المناسبة وكذلك إلزام الشركات والمصانع الكبيرة على إنشاء معاهد ومراكز تدريب لتأهيل الخرجين واستيعابهم، وكذلك توحيد نظامي العمل والخدمة المدنية. توحيد نظامي التقاعد والتأمينات الاجتماعية والاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي مرّت بتجارب مشابهة حول مشكلات توظيف الخريجين، وخاصة الدول الإسلامية لفتح فرص عمل جديدة للخريجات تتناسب مع خصائصهن ومع تعاليم الشريعة الإسلامية..