مع تنامي ظاهرة التسول وانتشارها عند إشارات المرور أو المراكز التجارية أو الأسواق أو المساجد لم يجد عدد من المتسولات في تبوك طريقة أفضل من التسول داخل مدارس البنات، بعيداً عن أعين الرقابة والمتابعة، متسلحات بكلمات لطيفة وحانية وبلهجة الضعف والبراءة؛ حاملات معهن صكوكا وتقارير طبية وقصصا وأحداث تعرضن لها لا يعرف مدى صدقيتها؛ من أجل استعطاف المعلمات والطالبات بغية الحصول على المال. وفي هذا التحقيق ترصد «الرياض» ظاهرة التسول داخل المدارس، من خلال آراء عدد من المعلمات والتربويات عن أسباب انتشار هذه الظاهرة اللاتي أكدن أنها بدأت تظهر وبشكل ملحوظ. طرائق الحصول على المال قالت المعلمة خلود إن هناك متسولة من جنسية عربية شاهدتها في أكثر من مدرسة تقوم بإحضار ابنتها المعوقة معها بحجة أنها لا تملك المال لمعالجتها في أحد المستشفيات الخارجية وان تكلفة علاجها عالية وان زوجها لا يستطيع توفير المال؛ فتقوم المعلمات بجمع مال لها وإعطائها إياه في اليوم التالي، مشيرة إلى ان هناك أيضا متسولات يحضرن صكوك وتقارير طبية ويتظاهرن بالبكاء حتى أن بعض المعلمات تتأثر بمثل هذه المظاهر عاطفيا مما يجعلها تقدم ما تجود به نفسها من المال لهذه المتسولة، ومما يلاحظ ان نشاط هؤلاء المتسولات ينشط نهاية الشهر بمعنى عند تسلم المعلمات رواتبهن. وعند سؤالنا من الذي يسمح لهن بدخول المدارس، أوضحت خلود: أن بعض مديرات المدارس يسمح لهؤلاء المتسولات بعد أن تشرح المتسولة حالتها وما بها من حاجة لتكسب عطف مديرة المدرسة لتسمح لها بالدخول في حين أن هناك مديرات أخريات لا يسمح لهن بالدخول. استعطاف الطالبات لم يقف استعطافهن للمعلمات بل تعدى إلى الطالبات هكذا تحدثت إلينا المعلمة (أمل) بقولها: هناك متسوله تحضر إلى المدرسة بشكل مستمر، وبعد أن تجمع ما تجود به المعلمات من مال تقوم بالجلوس عند باب المدرسة وتطلب من الطالبات مساعدتها واستعطافهن بالكلمات المؤثرة والدعوات السريعة والقصيرة كالدعاء للطالبة بالنجاح وتحقيق الأمنيات؛ فتجد ان الطالبات يقدمن لها مصروفهن اليومي. الهروب من مكافحة التسول وتشير المعلمة مها الحويطي أن من أسباب توجه هؤلاء المتسولات إلى المدارس نتيجة تضييق الخناق عليهن من قبل مكاتب مكافحة التسول في الأسواق والمراكز التجارية والمساجد: فوجدن أن أفضل مكان لا يستطيع المسؤولون الوصول إليهن فيه ومتابعتهن هي المدارس، بل إن من الأسباب أيضا هو نقص المعلومات لدى بعض المعلمات عن ظاهرة التسول وأثرها على المجتمع ودور الجهات الحكومية في مكافحة هذه الظاهرة والحد منها. ظاهرة غير حضارية في هذا الجانب تحدثت ل «الرياض» مديرة عام التقويم الشامل بوزارة التربية والتعليم الدكتورة فايزة محمد حسن أخض، وقالت: إن هذه الظاهرة غير الحضارية والتي نعاني منها جميعاً في الكثير من الأماكن في مدننا هي أمر يجب أن نتكاتف جميعاً للقضاء عليه وذلك بمعالجة أسبابه ودواعيه ونحن في وزارة التربية والتعليم لا نستطيع أن نعزل مدارسنا ومنشآتنا عن بقية أطياف المجتمع فالمتسولات لم يطرائقن أبواب المدارس فقط بل هن منتشرات في كل الأماكن تقريباً فتراهن عند إشارات المرور وتقاطع الشوارع والأسواق وأمام مكائن الصرافة إلى آخر ذلك، وبالرغم من وجود إدارة لمكافحة التسول، إلا أننا لا نلمس أثرها الواضح في هذا المجال؟، فهذه الظاهرة السلبية يجب التصدي لها بشتى الطرائق والوسائل ومعالجتها من جذورها، وذلك بعلاج أسبابها ومنابعها. وأضافت أن أنظمة وزارة التربية والتعليم لا تجيز مطلقاً السماح بدخول المدارس لغير منتسبيها وطلابها وولاة أمورهم أو من له حاجة أو معاملة في المدرسة وليس للمتسولين أو البائعين. من جانبها أشارت التربوية هيفاء العطوي إلى أن ظاهرة التسول ظاهرة في الأساس غير حضارية ولا تليق بمجتمع متطور ومتقدم، وتقول: إن هؤلاء المتسولات يجدن في التسول فرصة لاستغلال الناس فكما هو معروف عن السعوديين طيبتهم وحبهم لفعل الخير فتجد هؤلاء المتسولات يستغللن هذا الجانب للحصول على المال، بل هن يتفنن في طرائق استعطاف الناس وانتشار هذه الظاهرة في مدارسنا تعكس صورة سيئة عن التعليم السعودي في حين أن الدولة اعزها الله قدمت الكثير من الخدمات الاجتماعية التي تكفل لهم حياة سعيدة واستقرارا معيشيا، ولكن ما يحصل هو استغلال عدد من الوافدات شخصية المواطنة السعودية حتى أن بعضهن تتقن اللهجة بشكل جيد وتقوم بالذهاب إلى المدارس والتسول فيها، وهن في الحقيقة من غير المواطنات ولا يمتن لنساء البلد بأية صلة. واشار إلى أن هذا العمل يسيء أيضا إلى المؤسسة التعليمية فالمدرسة تعزز في نفوس بناتنا ثقافة العمل والأخلاق الحميدة والعلم، ووجود هؤلاء المتسولات أمام مرأى بناتنا الطالبات يعزز في أذهانهن أن هذا حق مشروع لهؤلاء المتسولات، بينما ديننا الحنيف عزز فينا كراهية سؤال الناس وحث على طلب الرزق بالطرائق المشروعة، فالموضوع يحتاج إلى وقفة جادة من المسئولين في وزارة التربية والتعليم وتكاتف الجهات المعنية لمنع هؤلاء المتسولات من دخول المدارس، وأيضا منع البائعات المتجولات في المدارس اللاتي يروجن بضائعهن على المعلمات وموضوعهن لا يقل خطورة عن موضوع المتسولات.