شاهدت أحد البرامج التوجيهية الوعظية التي يكون مذيعها هو نفسه معدها وقد جرت العادة في مثل هذه البرامج حضور مجموعة من الشباب لمؤازرة المتحدث بكل الصور ومنها هز الرؤوس تأييداً بين كل كلمة وأخرى حتى تصبح هذه الحركة تلقائية حتى عندما يصمت المتحدث!! كان موضوع الحلقة الحب والعلاقة بين الجنسين ورغم أن أسلوب المذيع وعظي توجيهي يعتمد على الحلال والحرام إلا أن هذا النهج لم ينهاه أن يستخف ضحكاً واستهزاءً بمشاعر المحبين ونسى قولة تعالى: ( يا أيها الذين أمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ) من المعروف أن هذه البرامج تشوه الحب بشكل عام وتضعه في خانة الذنب والخطيئة ورغم أن هذا القول يتردد منذ زمن بعيد إلا أن الواقع يشير إلى أن نتائجه لم تكن حسب مايريد مرددو هذا القول فقد أنتج هذا الكلام ثلاث فئات – حسب ما أرى – فئة أخذت ما سمعت بالضبط فتعاملت مع الحب ككلمة وفعل بأنه فاحش وذميم ويتهم ذاكر هذه الكلمة (لمجرد الذكر ) بالفسق والفجور إذا لم يستدرك قوله بأن هذه العاطفة لا توجه إلا للوالدين والأبناء !! والفئة الثانية عاشت في حيرة فتاكة فقلوبهم عاشقة لشخص ما إلا أن شبح التحريم والنظرة الاجتماعية تطاردهم فأصبحوا ذوي شخصيات ازدواجية ماهرة في أن تظهر عكس ما تبطن ، وفئة ضربت بهذه الأقوال عرض الحائط ولتحمي نفسها من النقد والعقوبة أضحت بارعة في رسم الخدع والحيل باسم الحب !! خلال البرنامج اتصل مشارك وقال إن الحب – حلو – وعزز رأيه ببعض المواقف الإنسانية عبر التاريخ فما كان من المقدم إلا أن استعان بسخريته مرة أخرى التي يعتبرها خفة ظل ودم وقال نعم الحب حلو جداً وكذلك السرقة حلوة والزنا وشرب الخمر حلوين وذكر أمور دنيئة تنفر منها النفس السليمة المحبة حقاً واستفهم قائلاً هل كل أمر حلو نأتيه ونفعله !! يا ألهي هل الحب يشبه السرقة ؟!! كيف توصل المقدم لهذه النظرية التي تضرب بكل العواطف الإنسانية قاع البحار وتخفيها من الوجود البشري !! لماذا يصر بعضنا على تشويه الطبيعة الإنسانية ؟! إذا كنا نريد أن توقف الحب فعلينا أولا ًأن نوقف نبض القلوب ،لو تحدثنا بشكل عملي بحت كي نجني ثمار هذه البرامج والندوات فعلينا أن نكون واقعيين في قولنا ونصائحنا فمثلاً مقدم البرنامج اعتمد في نصائحه على تشويه الحب وسن طرق لتخلص المحب من حبه منها ذكر مناتن المحبوب بمعنى أن المحب إذا أراد أن يكره محبوبه فعليه أن يتذكر الروائح الكريهة التي تصدر منه ودخوله الحمام لقضاء الحاجة !! وذكر كلام كثير مقزز لا يليق المقام بذكره ورأى أن هذه طرق عملية للتخلص من الحب !! يالها من سذاجة هل تذًكر مناتن الإنسان ستجعلك تكرهه إذا كان كذلك فمن الأولى أن تكره نفسك ووالديك وأخوتك فكل بني آدم سواء !! أقول بدل الاستخفاف بالعقول وذكر ما يقزز النفوس الطيبة وتشويه الحب الذي اشتكى منه الصالحون والطالحون عبر العصور وعجزوا عن علاجه علينا أن نكون واقعيين فالحب عاطفة سامية سلوكنا هو من يبقيها في سموها أو ينزل بها للحضيض ، الحب مثله مثل أي شيء آخر تعاطينا معه هو من يحدد حسنه وسوءه ،ولنا في قصص الحب العفيفة التي بارك الله فيها لعفتها ونتج عنها حياة زوجية طيبة وسعيدة خير مثال فهناك ملايين القصص عبر الأزمان حتى يومنا هذا ومن مجتمعنا المحلي حتى البسيط منه كون القلوب لا تعرف الفوارق الاجتماعية نجحت في الحب وهي عفيفة زكية لم يخالطها دنس ولا ذنب ، قد لا نسمع عن هذه القصص كثيراً وذلك لغلبة انتشار الفعل السيئ على الفعل الجيد ، كما أن الاستشهاد بالنتائج القبيحة للقصص التي تمت تحت مسمى الحب أقوى لتعزيز قول المنادين بدناءة الحب والمحبين وفسقه .