في عيادة القلب تجد أن هناك مجموعة من الأخطاء الشائعة يقع فيها كثير من مرضى الضغط وعلى الرغم من تأثيرها على حياتهم الصحية فإنه لا يزال المريض لا يلقي لها بالا على الرغم من تكرار الحديث عن هذه الاخطاء في كل زيارة واعتقد ان الثقافة الصحية لها دور كبير في حماية المرضى من خطورة امراض القلب المزمنة مثل مرض ارتفاع الضغط الشرياني المزمن . وسنستعرض بعضا من النصائح المهمة لهؤلاء المرضى: اولا: يجب ان يكون هناك مفكرة calendar يومية تدوّن فيها قياسات ضغطك وتراقبه بها وتختلف عدد المرات التي يجب فيها قياس الضغط اسبوعيا أو حتى يوميا بمقدار درجة التحكم بارتفاع الضغط الشرياني.... فمثلا عند ابتداء العلاج يطلب من المريض قياس الضغط مرتين يوميا صباحا ومساء ثم بعد ذلك اذا استقر ضغطه مرتين اسبوعيا وليس هناك غنى عن مراقبة الضغط في المنزل لانه ببساطة اذا لم تتحكم هذه الأدوية التي تتناولها بالضغط فليس هناك فائدة مرجوة منها، ويجب على كل مريض ضغط ان يحضر مفكرة الضغط معه عند مراجعة طبيبه وذلك لان الابحاث الطبية اثبتت بما لا يدع مجالا للشك ان قياس الضغط في العيادة لا يعطي فكرة عن مقدار التحكم بالضغط سواء كان ذلك سلبا ام ايجابا (أي بمعنى اذا كانت قراءة الضغط بالعيادة مرتفعة فلا يعني ذلك ان المريض غير متحكم (أو بالعكس) بضغطه وبالتالي فلا تستطيع زيادة جرعة الدواء بناء على تلك القراءة فقط وفي المقابل اذا كان قياس ضغط العيادة طبيعيا فلا يعني ذلك انك متحكم بضغطك دوما) ولذلك وجود المفكرة الشخصية لقياس الضغط تسهل على الطبيب تلك المهمة كثيرا. ويلجأ الطبيب لقياس الضغط لمدة اربع وعشرين ساعة اذا كان هناك شك في مدى تحكم المريض بضغطه وخصوصا من لديه تباين بين قراءات المنزل وقراءات العيادة، أو من كان لديهم الضغط متأرجحا بين الطبيعي وغير الطبيعي أو كان هذا التذبذب كبيرا بين ارتفاع وانخفاض أو من كان الضغط لديهم مرتفعا على الرغم من استخدام ثلاثة ادوية فأكثر أو كان مرتفعا فقط في الفترة المسائية أو من كان لديهم انخفاض في الضغط ويصاحب ذلك اعراض مثل الدوخة أو الاغماء واخيرا لدراسة فاعلية العلاج المأخوذ في التحكم بالضغط . وقد ذكر لي بعض المرضى عدم ثقتهم بأجهزة قياس الضغط الالكترونية المتواجدة في الأسواق... واقول لهم ان هذه الاجهزة تعطي فكرة عن مدى التحكم بالضغط اذا كان هناك صيانة مستمرة لهذه الاجهزة ونشجع المرضى على احضارها للعيادة لمقارنتها بقياس جهاز الزئبق في نفس الوقت .وغالبا ما يكون فارق القراءات في حدود 5- 10 ملم زئبق ولايقبل ما هو اكثر من ذلك . ويجب ان يتفق المريض مع طبيبه على مستوى الضغط المطلوب في مثل حالته فهي تختلف على حسب الأمراض المصاحبة للضغط ومدى تأثير الضغط على الاعضاء الاخرى. ثانيا: اتضح من الادلة العلمية الحديثة بشكل قطعي انه لا يهم ما هو الدواء بقدر مايهم هل يتحكم بالضغط ام لا؟ وذلك في اغلب المرضى الا من يكون لديهم دواع اخرى لاستخدام دواء معين Compelling indication أو ان الدليل العلمي لا يؤيد الا نوعية معينة من الأدوية في تلك المجموعة من المرضى ولايثبته للانواع الاخرى من ادوية الضغط. ثالثا: اغلب المرضى وهم حوالي 80% يحتاجون الى دواءين فأكثر...ومن النادر ان تجد مريضا يكتفي بدواء واحد الا من كان لديهم مرحلة اولية من الضغط stage I، وهناك مفهوم مهم وهو انه مع تقدم العمر وتصلب الشرايين فان حاجة المريض الى اكثر من دواء للتحكم بالضغط تزداد. رابعا: ان التحكم بالكلسترول في مرضى الضغط المزمن ركيزة من ركائز العلاج ومكمّل لوظيفة هذه الادوية، اما المعدل المطلوب في انزال الكلسترول فيعتمد على معادلة فرمنقهام Framingham score أو وجود امراض في شرايين القلب أو لديه سكري أو امراض كلى أو سدد في الشرايين السفلية أو كان تصوير القلب النووي ايجابيا في من كان تكلس الشرايين لديهم اكثر من 400 agatston score خامسا: يعتقد اغلب المرضى لدينا ان ارتفاع الضغط ليس له علاقة بأمراض الكلى مع ان العكس هو الصحيح فكلاهما مسبب للاخر وليس هناك غنى على الاطلاق عن متابعة اداء وظائف الكلى بما فيها قياس زلال البول، فارتفاع الضغط المزمن من اهم الاسباب ومن اكثرها شيوعا في حدوث الفشل الكلوي والاعتماد على الغسيل الدموي أو البريتوني أو زراعة الكلى. سادسا: ان 15% من مرضى الضغط تتأثر لديهم الشبكية مع مرور الوقت..... ولذلك افحص الشبكية بشكل دوري يحدد مدته طبيب العيون عند مراجعته للمرة الاولى، وقد تسبق اعراض تأثير الضغط على العين علم المريض بتشخيص هذا المرض.ومن العجيب ان التغييرات التي تحدث في العين تدل على مدى التحكم بالضغط وشدته خصوصا الانبساطي منه . سابعا: لقد رأيت كثيرا من مرضى الضغط لا يأخذ الاسبرين وعند سؤاله عن ذلك، يجيب ب (ما أحد قالي ؟!) ..... وان كانت هذه بلا شك مسؤولية الطبيب فإن ثقافة المريض الصحية في الأمراض المزمنة مثل الضغط والسكري جزء لا يتجزأ من خطة العلاج في التعاون مع الطبيب ومناقشته فالطبيب بشر يصيب ويخطئ وتصبح ثقافة المريض الطبية هي خط الدفاع الثاني عن صحته . ثامنا: ان مرض ارتفاع الضغط من اهم مسببات امراض الشرايين التاجية وتضخم عضلة القلب وفشل عضلة القلب والتحكم فيه من اهم اسباب الابتعاد عن هذه المضاعفات القلبية. تاسعا: الشخير والنوم المتقطع له علاقة وثيقة مع ارتفاع ضغط الدم أو صعوبة التحكم به وبالذات في من لديهم زيادة في الوزن . عاشرا: ان للحمية من الأملاح وخصوصا الصوديوم وهو ملح الطعام (وليس قطعها نهائيا) دور فعّال في التحكم بالضغط . واخيرا فان مرض الضغط في حياة المريض تماما كراحلته في رحلة الحياة ان احسن إليها واعتنى بها اكمل رحلته بكل سهولة وان اهملها مرض وانقطعت به السبل.