نقرأ في العديد من الصحف والرسائل العلمية وبعض الكتب المتخصصة عن ظاهرة انتشار المخدرات وتعاطيها، وكيف أنها بدأت تزداد وتتفاقم خلال السنوات الأخيرة على المستويات المحلية والوطنية والاقليمية والعالمية كافة تفاقماً خطيراً بسبب وجود قوى عديدة أبرزها العصابات الدولية المنظمة القائمة على شبكات محكمة، مزودة بإمكانات مالية وبشرية هائلة وضخمة مكنتها من إغراق البلاد بأنواع مختلفة من المخدرات. ومن الملاحظ أن هذه المنظمات الإجرامية هي التي تتحكم في حركة المواد المخدرة وسيرها حتى تصل إلى مملكتنا الحبيبة، ومن ثم إلي مدينة الرياض، ولكن لم يسلط الضوء بشكل مباشر وصريح على مرحلة ترويج المخدرات، فلا بد من طرح مجموعة من الأسئلة: من يقوم بعملية الترويج؟ وأين؟ ومتى تتم عملية الترويج والمتاجرة بداخل مدينة الرياض؟ فعملية ترويج المخدرات هي عملية متاجرة أو بيع للمواد المخدرة السامة على ضعفاء النفوس من شبابنا، فمن خلال دراستي الميدانية، وكان لي شرف مقابلة مجموعة من المتعافين الأبطال الذين يعملون بقسم الرعاية اللاحقة بمجمع الأمل للصحة النفسية بمدينة الرياض، أجابوا بكل مصداقية وشفافية عن مجموعة من الأسئلة التي تدور بعقلي التي كنت أبحث عن إجاباتها منذ زمن، ولم أكن احصل على إجابة شافية ومريحة فكشفوا لي بأن المروج هو (التاجر الحشرة)، سواء كانوا سعوديين أو من العمالة الوافدة الذين ينخرون المجتمع من الداخل عن طريق نشر المواد المخدرة بين الشباب فهم موجودون ومنتشرون، فالكثير منهم يزاول أعمالاً أخرى، فهم إما ان يكونوا سائقي أجرة أو شاحنات أو عمالاً في محلات تجارية أو مقاهٍ أو أندية رياضية، ويقوم بعض المروجين باستغلال سائق الأسرة في العملية الترويجية وتجنيد المروجين لبعض الممرضين والممرضات الذين يعملون بداخل المنشآت الصحية، بهدف الحصول على المال ونشر فسادهم بطرق متنوعة باستخدامهم للأساليب الرخيصة، ففي البداية يكون توزيع المخدرات مجاناً من أجل جذب أبنائنا وإغرائهم حتى يتأكدوا بأنهم وقعوا داخل شباك العنكبوت (فخ الإدمان) والهلاك، ونلاحظ ان هؤلاء التجار المجرمين يتميزون بجبنهم وضعفهم فهم كثيرو الحركة والتنقل من أجل الاختفاء عن أعين رجال الأمن. وتتم عملية ترويج المخدرات بداخل مدينة الرياض في أحياء متعددة وأماكن متفرقة حيث تواجد سكان المدينة، ولقد وضّحت لي مجموعة من المتعافين في الرعاية اللاحقة ان المروجين يوجدون في الأحياء الشعبية والأحياء الراقية على حد سواء، وينتشرون في أماكن تجمع الشباب مثل المناطق التي تكثر فيها المطاعم والمقاهي والأسواق وغيرها من المراكز الترفيهية. ولم تسلم الصروح التعليمية من مدارس وجامعات من التاجر الحشرة). ونلاحظ ان هناك مواسم تنشط فيها وتزداد عملية الترويج، حيث ينشط عمل المروج لهذه المواد المخدرة في المواسم والمناسبات الدينية كرمضان والحج، ويزداد الطلب أثناء الأعياد كعيدي الفطر والأضحى المباركين وموسم الاختبارات، حيث تنتشر بين الطلبة الحبوب المنشطة كحبوب الكبتاجون، الذي ينتشر استخدامه بشكل واضح بين مدمني مدينة الرياض، حيث يحتل الحشيش المرتبة الأولى، فخلال السنوات الخمس الماضية من عام 1426-1422ه بلغت الكمية التي تم ترويجها داخل مدينة الرياض 438,085,5.,95 جراماً، ويأتي استخدام الكبتاجون في المرتبة الثانية من خلال الكمية المروّجة حيث بلغت الكمية المروّجة 8,712,059,35 قرصاً، ويأتي القات في المرتبة الثالثة ويأتي الهيروين في المرتبة الرابعة حيث الكمية 35,384,30 جراماً. فالكلام يطول في هذا المجال وهدفي كمواطنة تنتمي إلى هذا الوطن الغالي هو نشر الوعي بين أفراد مجتمعي كي نتحد ونستطيع في النهاية ان نسيطر على (التاجر الحشرة) ونقضي عليه بإذن الله.